تعامل
ترامب باستخفاف مع
كورونا منذ أن أعلنت الصين عن هذا الفيروس الذي أصابها في مقتل، وتسبب في عدد كبير من الوفيات، وأعلنت للعالم أنها لم تتمكن من إنتاج مصل لهذا الفيروس، وأكدت أنه سيصيب العالم وربما يؤثر بشكل مباشر على الحياة العامة والخاصة، وقد يتسبب في خسارة كبيرة في الاقتصاد، وكذلك في أعداد الوفيات عالميا.
ومن جانبها، صرحت منظمة الصحة العالمية أن هذا الوباء قد يصيب أعدادا هائلة من البشر، مع احتمالية توطنه في حال عدم إنتاج مصل لهذا الفيروس.
ومع هذا الهلع الذي أصاب العالم خرج ترامب متحدثا باستعلاء كفيلسوف زمانه يعلم مشاكل أمريكا وبيده حلها، دون الرجوع لأهل الاختصاص، مهاجما الصين ومنظمة الصحة العالمية، واتهمهما بالتضليل وعدم الدقة في الحديث عن الفيروس ومدى فاعليته وخطورته، ومن ثم أعلن حجب المساعدات والدعم الأمريكي عن منظمة الصحة العالمية.
ولم تأخذ إدارة ترامب الإجراءات المناسبة للحفاظ على أرواح الشعب الأمريكي، وكانت النتيجة صادمة، رغم تفوق البنية التحتية للمنظومة الصحية للبلاد. فقد خيّب ترامب آمال كثيرين من مؤيديه، فتهالكت شعبيته بسبب التعامل السطحي مع فيروس كورونا، فاهتم بالجانب الاقتصادي على حساب أرواح البشر وحياتهم.
أضاع كثيرا من الوقت، مما ساهم في حصد أرواح الآلاف من الشعب الأمريكي. فخرجت وسائل الإعلام تهاجمه وتتهم إدارته بالتضليل والكذب.
وأراد أن يلاحق الأحداث فسارع في عقد المؤتمرات مدافعا عن نفسه وإدارته بعدما استشعر الحالة المأسوية التي ضربت البلاد، فصال وجال بتصريحات رنانة بعيده كل البعد عن الواقع، فقال إننا هزمنا كورونا، وادعيى أنه استطاع إنتاج أجهزه كشف الفيروس، وزعم أن اللقاح سيكون جاهزا في غضون شهر، ضاربا عرض الحائط بكل التقارير الصادرة من المعنيين، وأصحاب التخصص في بلاده، ليمارس التسلط والفردية في اتخاذ القرارات وقت الأزمات، رغم التحذيرات والتنبيهات المبكرة من أهل التخصص في بلاده بشأن خطورة الفيروس وسرعة انتشاره.
نتج عن ذلك ارتباك إدارته في مواجهة الأزمة، فكان القرار الانفعالي غير المدروس بحل مكتب الصحة العالمية التابع لمجلس الصحة الوطني الذي تم إنشاؤه لمواجهة الأوبئة العالمية، ليؤكد تسلطه مرة أخرى، وعدم احترام أصحاب الاختصاص، ليدفع الشعب الأمريكي ثمن سياسة التضليل والكذب المتعمد من ترامب وبعض مستشاريه في مواجهة الأزمة.
وقد يؤدي ذلك إلى سقوط ترامب سياسيا، وربما يكون كورونا لحظة إفاقه أو نقله نوعيه تجاه ترامب وإدارته، ليصبح مستقبله السياسي في العزل بسبب كورونا.
ومع استمرار حصد الأرواح تتسارع الأحداث وتبتلي إدارة ترامب على يد شرطي تعامل مع الشاب جورج فلويد بقسوة مفرطة أدت إلى وفاته في الحال، وتفشل إدارته مرة أخرى في استيعاب الأحداث، وكعادتها تماطل إدارته في إصدار البيانات، مما أهدر وقتا طويلا حتى أثار غضب الشارع الأمريكي، فعمت المظاهرات معظم المدن الأمريكية اعتراضا وانتقاما لمقتل جورج فلويد، وقامت بأعمال تخريبية وسلب ونهب لكثير من المحلات والمتاجر، وسرعان ما وصلت الاحتجاجات إلى البيت الأبيض. وفي الشوارع والميادين تم حرق العلم الأمريكي في ظاهرة ربما لم تحدث من قبل.
وانتقلت المظاهرات حتى وصلت أوروبا ليتجرع ترامب وإدارته ثمن كبريائه، وأن
العنصرية ما زالت موجودة وحاضرة ولم تنته، ويهدد بقاؤها أمن وسلامة واستقرار البلاد.
كما أكد أهل الاختصاص وكتاب الرأي والسياسة في أمريكا أن ترامب لن يكون هو الرجل المناسب في المرحلة القادمة. ولذا، يكون من المعلوم حتما أن مستقبل أمريكا من حيث الأمن والاستقرار مرهون بزوال العنصرية حقيقة لا وهما وخيالا.