منذ اندلاع العدوان على
غزة، قبل أكثر من عام، طرأت جُملة تغييرات على المجتمع الإسرائيلي، إذ أن الحرب الجارية، أثّرت على مواقفهم ومشاعرهم وسلوكهم، وكذا على إحساس من يعانون الخوف والصدمة، وفقدانهم الأمان، وهو ما دفع نسبة لافتة منهم للتوجه نحو التدين أكثر من ذي قبل.
وبحسب مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21"، فإن: "العديد من الدراسات الأكاديمية أكدت أن الإسرائيليين تعزّز إيمانهم الديني، فيما ازدادت مشاركتهم في الطقوس اليهودية خلال هذه الحرب، كي تساعدهم على معالجة الشعور بنقص اليقين والضيق".
وفي السياق نفسه، قال زميل الأبحاث بمعهد الحرية والمسؤولية في جامعة رايخمان، آساف أفرات، إنّ: "هذه الظاهرة بين الإسرائيليين مردّها أن هذه الطقوس الدينية قد تساعدهم في تخفيف التوتر والقلق وتأثير تجربة الحرب المؤلمة".
وأوضح: "يدفعهم هذا للاستمرار في العمل في حالات التهديد الوجودي والمعاناة وعدم اليقين الشديد، على اعتبار أنه في عاصفة الحرب على غزة، شكّل الدين مرساة للاستقرار ومصدر قوة وراحة".
وأضاف: "ما يحصل بين اليهود والإسرائيليين خلال هذه الحرب يأتي استكمالا لما حصل مع شعوب أخرى"، مشيرا إلى أنّ: "دراسة أجريت على ثلاث دول مرت بحروب أهلية وهي:
سيراليون وأوغندا وطاجيكستان، كشف رعب الحروب فيها أن مواطنيها باتوا أكثر ميلا أقوى للصلاة في مسجد أو كنيسة".
"في دراسة أخرى كشفت الخدمة العسكرية للجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان أنها جعلتهم تحت عبء عقلي وجسدي ثقيل دفعتهم للصلاة سراً وعلناً" بحسب أفرات.
وأردف أن: "الحرب على غزة، كشفت عن زيادة درجة تدين الإسرائيليين، لا سيما وأنهم يجدون أنفسهم يخوضون حربا صعبة وطويلة الأمد، ما دفعهم لأن يجدوا في التديّن ملجأ وراحة، مما دفع معهد الحرية والمسؤولية بجامعة رايخمان لدراسة هذه القضية، عبر استطلاعات الرأي العام، وأُجريت على عينات تمثيلية من الإسرائيليين، وسألنا: هل تغير إيمانكم منذ أحداث السابع من أكتوبر واندلاع الحرب، وهل تغير تعلقكم بتقاليدكم الدينية اليهودية منذ بداية الحرب؟".
وكشف أننا "طرحنا هذه الأسئلة لأول مرة في استطلاع أجري في أبريل 2024، بعد نصف عام من اندلاع الحرب؛ وسألناهم مرة أخرى في سبتمبر 2024، مع اقتراب عام كامل من الحرب"، مبرزا أن: "النتائج تشير بوضوح لارتفاع مستوى التدين لدى الإسرائيليين تحت تأثير الحرب".
وأوضح: "أكد 20 في المئة منهم في استطلاع أبريل أن إيمانهم بالله أصبح أقوى منذ بدء الحرب، وقال 19 في المئة إن ارتباطهم بالتقاليد الدينية ازداد، أما في شهر سبتمبر، فشعر 31 في المئة منهم أن إيمانهم بالله أصبح أقوى، وذكر 28 في المئة أن ارتباطهم بالتقاليد الدينية بات أكثر".
وشرح قائلا إنّ: "معنى هذه البيانات أن الحرب على غزة قرّبت الإسرائيليين من التديّن، وهذا التقارب يتزايد مع استمرار الحرب، ولعل نظرة فاحصة على البيانات تظهر نتائج مثيرة للاهتمام فيما يتعلق بالاختلافات وأوجه التشابه بين المجموعات السكانية المختلفة، هو أكثر وضوحا بين ناخبي اليمين ويسار الوسط".
"في سبتمبر شهد 47 في المئة من اليمين على تعزيز إيمانهم بالله، مقارنة بـ14 في المئة من يسار الوسط، وهذا ليس مفاجئا، نظرا لحقيقة أن اليمينيين يميلون لأن يكونوا أقرب للتقاليد الدينية في المقام الأول" بحسب
المقال ذاته الذي ترجمته "عربي21".
وأوضح أن: "من النتائج المثيرة للاهتمام أن الاعتماد على التدين يتغير مع تقدم العمر، ومن المدهش أنه أقوى بين الشباب الإسرائيلي، حيث أفاد 37 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا أن إيمانهم بالله زاد منذ اندلاع الحرب، مقارنة بـ18 في المئة فقط بين من تبلغ أعمارهم 56 عامًا أو أكبر، ويبدو أن التعامل مع الحرب، التي تؤثر بشكل خاص على الشباب، يعزز تحولهم للإيمان الديني للتعامل مع هذا الوضع، وهو اتجاه معروف جيدا قبل الحرب بوقت طويل".
وأشار إلى أنه: "على صعيد التركيبة السكانية، فإن معدل المواليد اليهود أعلى بين المتدينين مقارنة بالعلمانيين، لكن الحركة نحو التديّن تغذيها أيضًا عوامل اجتماعية، حيث تكشف الدراسات أن الشباب الإسرائيليين يميلون لتعريف أنفسهم بأنهم أكثر تديناً في السنوات الأخيرة، ربما كجزء من البحث عن الهوية".
وختم بالقول إن: "نتائج دراساتنا تشير إلى أن الحرب الحالية قد تكون بمثابة حافز من شأنه تسريع حركة التدين في إسرائيل، لأن الإسرائيليين، خاصة الشباب منهم، يستمدون من التدين مفاهيم الأمان الذي يحتاجون إليه بهذه الأوقات العصيبة، وسيستمر ارتباطهم المتزايد بالتدين لفترة طويلة بعد الحرب، وهذا تغير جديد أضافته حرب غزة على المجتمع الإسرائيلي".