صحافة دولية

الغارديان: ما عواقب قرار ترامب المتهور والاستفزازي؟

الغارديان: سيترك قرار ترامب أثره القاتل على عملية التسوية الإسرائيلية الفلسطينية- أ ف ب
الغارديان: سيترك قرار ترامب أثره القاتل على عملية التسوية الإسرائيلية الفلسطينية- أ ف ب

وصفت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بأنه مثل الشاحنة التي صدمت موضوعا حساسا للفلسطينيين، وهو القدس

 

وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن "هذه المناسبة تتزامن مع مرور 30 عاما على بداية الانتفاضة، التي بدأت عام 1987، بعدما صدمت سيارة عسكرية إسرائيلية سيارة فلسطينية وقتلت أربعة مواطنين، ما أشعل نيران انتفاضة استمرت 6 سنوات، وفاجأت القيادة الإسرائيلية والفلسطينية، التي كانت في ذلك الوقت في المنفى في تونس على حين غرة".

 

وتحذر الصحيفة من أن الخطوة التي قام بها ترامب ستشعل نيرانا جديدة وسنوات الغليان، واعتبرت أن قراره خطوة "استفزازية ومتهورة"، وستؤثر على الحلفاء العرب لواشنطن، وستؤدي إلى احتجاجات واسعة في العالم العربي، وستترك أثرها القاتل على عملية التسوية الإسرائيلية الفلسطينية. 

 

وتقول الافتتاحية إن "حديث ترامب عن واقع الكنيست الإسرائيلي والمحكمة العليا في القدس ما هو إلا غطاء، فهو ينهي حركة من دبلوماسية الإكراه، ويخلق وقائع جديدة على الأرض لم تكن موجودة من قبل، ومثل قضية اللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات والحدود، فإن وضع القدس المقدسة لدى الأديان الثلاثة لم يتم الاتفاق عليه بعد، فلا إسرائيل أو أي دولة اعترفت بسيادة على القدس وعندما أعلنت إسرائيل في عام 1980 القدس عاصمة موحدة لها شجب مجلس الأمن الدولي القرار ولم تفتح أي دولة سفارة لها فيها، وكان من الأفضل ترك الوضع على حاله، والبدء بعملية سلام مثمرة، والتوصل لحل الدولتين".

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الفلسطينيين يعدون قرار ترامب مواصلة للاحتلال، ويضعف الموقف الأمريكي بصفته وسيطا نزيها في محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. 

 

وترى الافتتاحية أنه "بنقل السفارة بقرار فردي فإن ترامب تصرف مثل لاعب القمار الذي يجمع أوراقه قبل الكشف عنها، فلم يعرض الإسرائيليون عليه أي شيء مقابل خطوته، ورغم عرض ترامب على الفلسطينيين سفارة لهم، لكن ليس الآن إن كانوا سيحصلون في النهاية عليها، ويشرف على ملف المحادثات جارد كوشنر زوج ابنته، الذي فشل في الكشف عن دوره في تمويل العمليات الاستيطانية غير الشرعية على أراضي الفلسطينيين". 

 

وتسخر الصحيفة من مزاعم ترامب ومفاخرته أنه صانع الصفقات الكبيرة، مشيرة إلى أنه "مثل رجل محتال يعرض المستحيل، ولا نية له الوفاء بوعوده، وستؤدي أفعاله إلى تقوية شعبيته في أوساط اليمين المسيحي في أمريكا، التي ترى في سيطرة إسرائيل على القدس تحقيقا للوعد الإلهي، ما قد يفتح الباب أمام صدام الحضارات". 

 

وتنوه الافتتاحية إلى أن قرار ترامب يساعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه مثل ترامب تحقيقات جنائية.

 

وتذهب الصحيفة إلى أن "ترامب لا تهمه معاناة الآخرين، بل يخلق سياساته الخاصة، فمن خلال التدخل في السياسة الخارجية وعزل أمريكا عالميا يزيد ترامب من التعقيدات الجيوسياسية في القرن الحادي والعشرين، فطريقته تقوم على فرض النظام من خلال القوة لا العدالة، ولا يمانع إن كان إرضاء قاعدته الانتخابية يأتي على حساب قتل فرصة إحياء العملية السلمية". 

 

وترى الافتتاحية أن "موقف ترامب النرجسي ساعدته عليه غطرسة الآخرين، فحماقة الكونغرس نبعت من تبنيه قرارا يعود لعقدين، ويقضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، اعتقادا منه أنه لا يمكن لرئيس أن يلاحقهم حتى النهاية، ونزع ترامب اليوم المصداقية عنهم بصفتهم ساسة يستطيعون إصدار قرارات ذات معنى". 

 

وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بدا، مثل الكونغرس، في موقف الأحمق الذي انعكست رهاناته في اليمن ولبنان عليه سلبا، وتم الضحك على خطته التي وضعها أمام الفلسطينيين، التي تشتمل على دولة محدودة السيادة دون القدس عاصمة لها، ولم يكن مجلس الأمن قادراعلى التعامل مع زعزعة للاستقرار تمثله دولة مارقة، والآن وبالفيتو الأمريكي فإنه من الصعب وقف ترامب، ولدى الفلسطينيون أسبابهم الحقيقية للشعور بأن العالم تجاهل طموحاتهم، وكان ترامب مخطئا عندما منحهم سببا آخر".

التعليقات (0)