مقالات مختارة

عن واقع تعز اليمنية صانعة النخبة والأحداث والثورات

1300x600
المهتمون والمتابعون للأوضاع في اليمن يدركون مدى أهمية تعز بالنسبة للشرعية والمقاومة التي يقودها التحالف، أو بالنسبة للرئيس السابق صالح وقواته التي تقاتل الجيش الوطني والمقاومة بتعز مسنودة بالحوثيين، فالحرب في تعز هامة ومفصلية لجميع الأطراف، وانتصار أي طرف له تأثيراته الكبيرة على الطرف الآخر، وعلى سير المعركة في اليمن عموما.

مثلت تعز المدينة والمحافظة الأكثر كثافة سكانية والأكثر تعليما في اليمن، الرافد الأكبر للثورة الشبابية السلمية ثورة 11 فبراير، ومثل أبناء تعز الذين يشكلون أغلبية النخبة اليمنية السواد الأعظم من ساحات الثورة الشبابية السلمية والصفوة التي تصنع الأحداث وتقود الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية ووسائل الإعلام والتعليم؛ ولذا تعرضت تعز منذ عام 2011م لانتقام بشع من قبل الرئيس السابق صالح ما تزال الحرب متواصلة في تعز، ودفع فيها أبناء تعز الثمن الأكبر للثورة الشبابية وتداعيات الانقلاب الحوثي، وتعرضوا لحصار ومآس وبشاعات مخيفة .

اليوم إضافة إلى كل مشاكل تعز، تبرز مشكلة الفوضى الأمنية كأهم تحد أمام الحكومة الشرعية والسلطة المحلية بتعز؛ نظرا لنتائجها المخيفة مستقبلا؛ إذ تعددت الفصائل المسلحة المحسوبة على المقاومة، وصارت المدينة تعج بفوضى أمنية مخيفة، وصار القتل والاغتيالات حدثا يوميا عاديا .!

قادت الإمارات قوات المقاومة الجنوبية للسيطرة على ميناء المخا وسواحل تعز الغربية، وتوقف الاهتمام الإماراتي بتعز عند ميناء المخا والسيطرة على السواحل ودعم الجبهة الشرقية جبهة أبو العباس، وهي فصيل سلفي مسلح بتعز محسوب على المقاومة وتدعمه الإمارات.   

وإذا كان غياب القيادي البارز في المقاومة الشيخ حمود المخلافي يأتي بإيعاز من جهات إقليمية أو دولية، كما يشيع البعض، فإن غياب المحافظ الأستاذ علي المعمري غير مبرر على الإطلاق، مهما كانت دواعي ومبررات هذا الغياب، فبإمكان المحافظ تكليف شخصيات بالقيام بمهام خارجية من قبل لقاء المسؤولين في عدن، أو متابعة أمور تخص المحافظة مع جهات في الرياض أو غيرها؛ لأن بقاء المحافظ في المحافظة وقيامه بمهامه يقلص كثيرا من فرص حدوث مشاكل أو اشتباكات، وبالعكس، غياب المحافظ المعمري يفتح المجال أمام كل متنفذ لديه مجاميع مسلحة لمحاولة تقمص دور السلطة المحلية، والقيام بمهامها على طريقته ولمصلحته، ولو على حساب أمن واستقرار وأرواح أبناء مدينة لم تعد تنقصها الكوارث، فهي تتعرض للقصف والحرب من قوات صالح مسنودة بالحوثيين، وتلقى التخاذل والتآمر من جهات كثيرة جدا في الداخل والخارج، وأبناء تعز يعرفون هذه الحقيقة المرة.

لقد سبق أن وجه الرئيس هادي قيادات الجيش الوطني والسلطة المحلية بالمحافظة بسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة مع أي عناصر أو جماعة مسلحة تحاول إحداث الفوضى وعرقلة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية. وبحسب المصادر، فإن الرئيس هادي أمر باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل من يحاول زعزعة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية.

وللأسف توجيهات من هذا القبيل لم تجد طريقها للتنفيذ بعد وظل الوضع على ما هو عليه بل وتعددت الكتائب من كتائب الجبهة الشرقية إلى كتائب حسم إلى لواء الصعاليك إلى غيرها من فصائل المقاومة .

ونحن نرى أن دمج فصائل المقاومة في الجيش والأمن هو الحل الأمثل، ولا بد من أن تمتلك السلطة المحلية بتعز رؤية فاعلة واستراتيجية مدروسة لعملية الدمج، وتوجِد خططا عملية لهذه المهمة الكبيرة، وقبل هذا لا بد من وجود آلية فاعلة للتنسيق وغرفة عمليات موحدة من كل قيادات الفصائل حتى تتضافر الجهود لتحرير تعز وحماية أبناءها؛ لأن بقاء الوضع على ما هو عليه الآن لا ينذر بخلافات فحسب، بل باشتباكات، ليمت من نجا من أبناء تعز من قصف وقذائف المليشيات برصاص الفصائل المسلحة التي وجدت وأسست لتحمي أبناء تعز، وتدافع عنهم وليس لتقتلهم وتنهبهم باسم المقاومة، ولذا فعلى الحكومة أن تعي هذا الأمر جيدا، وتبذل كل جهودها لدعم وتفعيل السلطة المحلية، وتعزيز دور الأجهزة الأمنية بتعز. وعلى المحافظ المعمري سرعة العودة إلى تعز والقيام بدوره. وواجبه وعلى كل العقلاء في تعز من عسكريين وسياسيين التحرك العاجل قبل فوات الأوان.

السبيل الأردنية