صحافة دولية

ستريتس تايمز: هل ستقود عملية ترامب للسلام لحرب جديدة؟

ستريتس تايمز: ترامب قد يجلب حربا جديدة للمنطقة بدلا من السلام- أ ف ب

نشرت صحيفة "ذي ستريتس تايمز" في سنغافورة مقالا للصحافي غيل يارون، يقول فيه إن آمالا كبيرة كانت قد علقت على زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الأولى للشرق الأوسط؛ لأنه كان من المفترض أن يحيي عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

 

ويستدرك يارون بأنه "لم يبق من ذلك التفاؤل إلا القليل، بعد أن قام الرئيس دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في شهر كانون الأول/ ديسمبر، وهو قرار أغضب الفلسطينيين كما لم يغضبوا من قبل، وفي تحرك غير مسبوق سيرفض الفلسطينيون استقبال بنس، الذي تبدأ زيارته هذا الأسبوع". 
 
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كرر معارضته لدور القوة العظمى كوسيط، في خطاب معاد لأمريكا، وقال عباس (ردا على تغريدة ترامب التي قال فيها إن الفلسطينيين رافضون للمفاوضات): "يخرب بيتك"، ولعن ترامب في خطاب استمر ساعتين ونصف في رام الله مساء الأحد. 
 
وأضاف عباس: "لا نقبل أن تكون أمريكا وسيطا بيننا وبين إسرائيل"، وقال عن خطة ترامب للسلام إنها ليست "صفقة القرن" بل "صفعة القرن لكن سنردها".
 
ويفيد يارون بأنه "بعد 12 عاما في السطلة، فإنه لم يتبق لعباس الكثير من الحلفاء، وأصبحت خياراته أقل، ولم يستطع الزعيم الثمانيني أن يغطي بغضبه على عجزه، وقال للدول العربية، التي يزعم أنها خضعت لاعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل: (إننا لا نتدخل في شؤون الدول العربية، ولن نقبل أن يتدخل أحد في شؤوننا)، وطالب أن تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور عام 1917، الذي (وعد اليهود بوطن قومي في فلسطين)".

ويلفت الكاتب إلى أنه كان لأوروبا، التي تدعم حل الدولتين، نصيبها من غضب عباس، حيث اتهمها بإنشاء إسرائيل للتخلص من اليهود في أوروبا، ولتأمين مصالحها في المنطقة، وقال: "إن الطبيعة الوظيفية لإسرائيل تعني أن الاستعمار اصطنعها لتقوم بوظيفة معينة، فهي مشروع استعماري لا علاقة له باليهودية".
 
وينوه يارون إلى أن عباس اتهم إسرائيل بـ"قتل" العملية السلمية، واتهمها بتصدير المخدرات "لمناطق السلطة، بشكل مرعب، ويجب أن ننتبه لنحافظ على جيلنا الجديد من المخدرات"، كما أنه هاجم حركة حماس؛ لرفضها دعوة حضور الاجتماع في رام الله، حيث أظهرت المناسبة الانقسام الفلسطيني.
 
ويبين الكاتب أن معظم غضب عباس كان موجها نحو أمريكا، وقال إنه يرفض طلب وقف رواتب ذوي "الإرهابيين الفلسطينيين المسجونين"، الذين تقول أمريكا وإسرائيل إن رواتبهم قد تصل إلى أكثر مما يتقاضاه الموظفون الحكوميون، وهذا يشجع الفلسطينيين على "ارتكاب هجمات إرهابية". 
 
ويذكر يارون أن عباس هاجم تهديد ترامب بقطع المساعدات المالية إن لم يعد إلى المفاوضات مع إسرائيل، وقال: "إذا كان الأمر يتعلق بمصيرنا ومستقبل قضيتنا وأرضنا وأهلنا وشعبنا، سنقول لا وألف لا".

ويقول الكاتب إنه من المفترض أن تقوم اللجنة المركزية بصياغة مبادرات سياسية، حيث أوصت بسحب الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بفلسطين، وأن توقف التعاون الأمني، والعمل على توسيع المقاطعة الدولية للمنتجات الإسرائيلية، مستدركا بأنه من المشكوك فيه أن يتبع عباس هذا السبيل، حيث كان هناك توصيات مشابهة في الماضي وأهملها.
 
ويجد يارون أن "هذا يترك الفلسطينيين مع الفكرة القديمة (التدويل)، وهي أن يتم الضغط على إسرائيل على الساحة الدولية، وأحد هذه الخيارات هو السعي للحصول على إدانة من محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد مشروع المستوطنات في الضفة الغربية، أرض تم احتلالها عام 1967، ويطالب الفلسطينيون بها لإقامة دولتهم".
 
وتشير الصحيفة إلى أن إسرائيل قامت بتسكين أكثر من 500 ألف من مواطنيها في تلك المستوطنات، وهو إجراء يخشى الفلسطينيون أن يتسبب بحرمانهم من المطالبة بأراضيهم.
 
ويرى الكاتب أنه "بالنسبة للناس الذين يعيشون في قطاع غزة، فإن خطط قادتهم في رام الله قد تصبح غير ذات معنى، فهم يواجهون كارثة إنسانية إن قام ترامب بتنفيذ تهديده بقطع المساعدات عن الأونروا، التي تعنى بحوالي 5 ملايين فلسطيني، معظمهم من أبناء اللاجئين".

ويورد يارون أن واشنطن قدمت في عام 2016 مبلغ 355 مليون للأونروا، أي حوالي ثلث ميزانيتها، لافتا إلى أنها تريد الآن قطع هذه المعونة إن لم يوافق عباس على خطة السلام، حيث سيهدد ذلك استقرار الدول التي تستضيف اللاجئين وتعتمد على عمل الأونروا، مثل لبنان والأردن.

ويبين الكاتب أن ذلك قد تسبب كارثة في غزة، حيث يعتمد حوالي 1.3 ملايبن من سكانها، البالغ عددهم 1.9 مليون، على الأونروا، مشيرا إلى أن البطالة في غزة تصل إلى 50%، بالإضافة إلى أن 95% من مياه غزة غير صالحة للاستهلاك؛ بسبب تدفق أطنان من مياه المجاري غير المعالجة في مياه البحر الأبيض المتوسط، "فدون مساعدة الأونروا يخشى الخبراء الإسرائيليون من تفشي الأمراض المعدية، التي قد تتسبب بخسائر لجيران غزة".  

ويوضح يارون أنه "بالنسبة للقيادة الإسرائيلية، فإنه ينظر إلى سياسة ترامب على أنها نعمة ونقمة في آن واحد، ف طالبت إسرائيل لسنوات طويلة بحل الأونروا، مدعية بأنها تجعل من مشكلة اللاجئين مشكلة أبدية لأهداف سياسية، لكنها الآن تخشى من أن الإجراءات القاسية قد تتسبب بالدمار".
 
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي حذر من أن الغزيين قد يثورون إن بقيت الفرص الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية تخدعهم، حيث أنه ليس من المتوقع أن يدوم صبرهم أكثر من ذلك، وقد تضطر حركة حماس إلى بدء حرب جديدة ضد إسرائيل لاستباق فقدان الاستقرار.

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بذلك يكون ترامب جلب حربا جديدة للمنطقة بدلا من السلام".