سياسة عربية

كرمان تهاجم السعودية والإمارات مجددا وتتهمهما باحتلال اليمن

كرمان: اتضح أن التحالف يكذب ويمارس الخداع ويعمل على تنفيذ أجندة خاصة به- أرشيفية

دعت الناشطة اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، إلى إنهاء ما وصفته بـ"احتلال عسكري سعودي إماراتي" لبلادها، واتهمت البلدين بـ"قمع التحول الديمقراطي في المنطقة".

وفازت كرمان، وهي مدافعة نشطة عن حقوق الإنسان، بجائزة نوبل للسلام في عام 2011، بعدما اعتصمت في خيمة لعدة شهور، خلال احتجاجات مؤيدة للديمقراطية، أفضت في النهاية إلى تنحي الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

ومثلما حدث في بلدان أخرى هزتها انتفاضات الربيع العربي في ذلك العام، ومنها سوريا وليبيا، انزلق اليمن إلى حرب شهدت تدخل قوى خارجية، لتهدد أحلام التقدم التي راودت آلاف المحتجين، الذين اعتصموا بساحة التغيير في صنعاء.

ودخل تحالف عسكري بقيادة السعودية تدعمه الولايات المتحدة بالسلاح والمخابرات إلى أتون الصراع اليمني، بعدما سيطرت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على معظم أراضي اليمن في أواخر عام 2014، ونجاحها في النهاية في طرد الحكومة إلى المنفى في السعودية.

وقالت كرمان لرويترز، في مقابلة عبر الهاتف من إسطنبول حيث تقيم "الاحتلال السعودي الإماراتي لليمن واضح للعيان.. لقد غدروا باليمنيين وخانوهم، واستغلوا انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على الشرعية، ليمارسوا احتلالا بشعا ونفوذا أعظم".

وأضافت كرمان: "اتضح أن التحالف يكذب ويمارس الخداع، ويعمل على تنفيذ أجندة خاصة به لا علاقة لها بقرارات مجلس الأمن، بل تتعارض معها".

وأشارت إلى أن الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، ومسؤولين آخرين كبار، "محتجزون رهن الإقامة الجبرية" في الرياض، و "ممنوعون من ممارسة مهامهم في الحكم من أجل الحفاظ على النفوذ السعودي والإماراتي".

وقالت الناشطة اليمنية: "هناك عدوان آخر تقوم به الإمارات في اليمن، هل تريدون معرفته؟ حسنا، لقد قامت الإمارات ببناء سجون خاصة تمارس فيها التعذيب والتنكيل بمعارضيها. الإمارات إلى جانب ذلك تحتل الجزر والموانئ والمطارات في المناطق المحررة، وترفض تسليمها لسلطة الرئيس هادي".

ولم يرد مسؤولون من التحالف العربي ومن الإمارات على طلبات للتعليق، كما رفض مسؤول في الحكومة اليمنية تصريحات كرمان.

وقال المسؤول الذي لم تسمه الوكالة: "هذه السيدة، وللأسف، لم تعد تعي ما تقوله. الرئيس هادي ليس قيد الإقامة الجبرية، وبوسعه السفر إلى حيث شاء… ويوجد تنسيق كامل بين الحكومة والتحالف".

ويقول التحالف إنه شن الحملة بناء على طلب هادي، وإنه يهدف إلى إعادته إلى الحكم، والحفاظ على مستقبل اليمن كبلد موحد، وفقا لقرارات الأمم المتحدة.

لكن كرمان تقول إن السعودية والإمارات "تسعيان للوقوف أمام حركة التاريخ بشأن التقدم السياسي في اليمن وغيره".

وقالت: "هم (السعوديون والإماراتيون) يعتبرون الربيع العربي عدوهم الأول، وهذا خطأ استراتيجي يقعون فيه… لذا أدعو الدولتين إلى أن تتصالحا مع الربيع العربي.. لا أن تتصادما معه؛ لأن المستقبل هو مستقبل التغيير، وعجلة التاريخ لا تعود للوراء".

وأضافت: "سيرحلون وتبقى اليمن.. سنحرر بلدنا منهم جميعا.. من الاحتلال السعودي الإماراتي ومن الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا معا.. وسنقيم دولة الحرية والعدالة والديمقراطية والقانون.. هذا قدرنا ووعدنا وميعادنا".

ثورة مضادة

 
ولم يسمح البلدان بمعارضة داخلية تذكر، وقد راقبا بقلق اضطرابات المنطقة عام 2011، وسعيا لحرمان جماعة الإخوان المسلمين التي لها أفرع في أنحاء العالم العربي من أي مزايا سياسية، وأعلناها منظمة إرهابية.

وكانت كرمان مسؤولة كبيرة في التجمع اليمني للإصلاح، الذي يعدّ فرع الإخوان في اليمن، إلى أن انفصلت علنا عن التحالف في خطاب يوم الجمعة، أدى إلى تجميد عضويتها.

وتساءلت كرمان قائلة: "من يجمد من؟ …الغالبية الساحقة من شعبنا يوافقونني الرأي".

وقالت كرمان: "مشكلة السعودية والإمارات ليست مع الإسلام السياسي فقط، بل مع مطالب التغيير وكل من يحملها، سواء كانوا من الإسلام السياسي أو التيارات القومية أو الليبراليين أو حتى المستقلين… مشكلتهم مع المطالبين بالمساواة ودولة الحرية والعدالة والديمقراطية".

ومن المفارقة أن حزب الإصلاح اليمني هو الحليف الرئيسي للتحالف الذي تقوده السعودية في الحرب ضد جماعة الحوثي، التي كشفت عن بعض من أصعب صراعات المنطقة في مجال التوجهات الفكرية والجغرافيا السياسية.

قطر وتركيا


وأقامت كرمان في السنوات القليلة الماضية في قطر، ثم انتقلت إلى تركيا.. البلدين اللذين رحبا إلى حد كبير بانتفاضات 2011، وأبديا دعما للإسلاميين، ما أثار غضب الرياض وأبو ظبي.

واتهمها منتقدوها على مدى سنوات بأنها تنفذ سياسات مضيفيها، خاصة بعدما منحتها تركيا الجنسية، رغم أنها تؤكد أنها "مواطنة يمنية حرة".

وفرضت السعودية والإمارات ومصر والبحرين قيودا على السفر والتجارة مع الدوحة في يونيو/ حزيران، قائلة إن الحكومة القطرية ساعدت الإرهاب، وسعت للتقرب من خصمهم اللدود إيران، لكن قطر نفت ذلك.

وقالت كرمان: "موقفهم من قطر وتركيا ومحاربتهم لهما امتداد لموقفهم المعادي للربيع العربي.. طبعا هم يعاقبون قطر بالذات لهذا الموقف".

وقد تكون الأوضاع في الداخل أشد التباسا من الصراع في الخارج، في ظل اشتباكات دموية وقعت مؤخرا أدت إلى انقسامات في صفوف الحلفاء اليمنيين المنضوين تحت لواء التحالف بقيادة السعودية ضد جماعة الحوثي.

واتهمت كرمان السعودية والإمارات بدعم فصائل انفصالية في الجنوب خاضت معارك في الشهر الجاري ضد قوات موالية للرئيس هادي؛ من أجل إثارة الفوضى، والحفاظ على نفوذ البلدين على الأرض.

ويردد قول كرمان كثير من اليمنيين، الذين يرون أن قوى أجنبية أقوى سيطرت على بلدهم؛ لتحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية الخاصة.

ويقول التحالف إنه يتوسط لحل الخلاف بين قوات هادي والانفصاليين، ويؤكد أن قواعده العسكرية على الجزر والموانئ والمطارات في أنحاء البلاد تستهدف دعم جهود الحرب.

ورغم الانهيار الداخلي المتزايد في اليمن، إلا أن كرمان لا تزال مطمئنة إلى "نصر حاسم على الثورة المضادة".

وقالت كرمان: "سيعاود الربيع الكرة في أي بلد، وفي كل مرة يكون هناك دولة الاستبداد والفساد والفشل والمحسوبية والرشاوي، سيحدث ذلك في أي دولة من المحيط إلى الخليج".