ملفات وتقارير

"الأرقاء السابقون" يشكون "التهميش" بالانتخابات الموريتانية

منظمات حقوقية تكشف من حين لآخر عن حالات من الرق في مناطق من موريتانيا- جيتي

عبر ما يعرف بـ"ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية للحراطين" (الأرقاء السابقون بموريتانيا) عن امتعاضه مما وصفه بـ"تهميش شريحة الأرقاء السابقين" من قبل الأحزاب السياسية الموريتانية وضعف تمثيلها في لوائح المرشحين للانتخابات النيابية والمحلية المقررة مطلع أيلول/سبتمبر القادم.


و"ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية" هو تجمع موريتاني غير حكومي يضم نشطاء سياسيين ومدنيين من شريحة "الحراطين" (الأرقاء السابقون) من تيارات سياسية وفكرية مختلفة، تأسس قبل ثلاث سنوات بهدف رفع "التهميش" عن تلك الشريحة وتحسين ظروفها من جميع النواحي.

 

"إقصـاء مكونات اجتماعية"

 

 ودعا الميثاق في بيان له -وصلت "عربي21" نسخة عنه- الأحزاب السياسية من المعارضة والموالاة إلى "مراعاة التنوع العرقي والاجتماعي والثقافي خلال إعداد قوائمها الانتخابية"، مطالبا بـ"زيادة التمكين السياسي للفئات والمجموعات المهمشة في موريتانيا وذلك من خلال التمثيل داخل الجمعية الوطنية (البرلمان)  والمجالس المحلية والجهوية المنتخبة".


كما حذر البيان من "عواقب تكريس الأُحادية السياسية والعرقيـة في موريتانيا" وخاصـة فيما يتعلق بمخرجات الانتخابات المقبلة، مؤكدا استعداد ما سماها "الجماهير الكادحـة لمقاطعة الضالعين في تلك التجاوزات غير الديمقراطية".


وشدد البيان على أن القوائم المُرشحَـة والتي جرى تعميمها في الوقت الراهـن؛ "تؤكد أن العملية السياسية في البلد تجري إعـادة تصميمها لتُكرس إقصـاء مكونات اجتماعية عريضة ديموغرافيا".


كما عبر الميثاق عن امتعاضه مما سماه "مواصلة تقاســم النفوذ السياسي وصناعة القـرار وثروات موريتانيا بين جهاتٍ وقبائل وأسـر ترى موريتانيا مجرد بقـرة حلوب وفي ثـرواتها غنائم مُستحقة وحصريـة على أفرادها"، حسب وصف البيان.


تهميش وحرمان

 
ويرى المسؤول الإعلامي لحزب "التحالف الشعبي التقدمي" (محسوب على شريحة الأرقاء السابقين) اسغير ولد العتيق، أن شريحة الأرقاء السابقين "لا تزال تعاني التهميش سواء في المجال السياسي والاقتصادي".


واستغرب ولد العتيق في تصريح لـ"عربي21" "التمثيل الضعيف للمرشحين من شريحة الأرقاء السابقين في القوائم الانتخابية سواء بأحزاب المعارضة أو الموالاة"، مضيفا أن "مثل هذا الأمر لم يعد مقبولا".


ونبه إلى أن شريحة الأرقاء السابقين "عانت لحقب طويلة من التهميش والحرمان من الوظائف السياسية والاقتصادية وحتى الإدارية، وحان الوقت لإشراك هذه الشريحة في تسيير البلد، خصوصا أنها باتت تشكل أغلبية"، بحسب قوله.


من جهته أكد المحلل السياسي الموريتاني المختار ولد نافع، أن اللوائح المعلنة حاليا من أغلب الأحزاب السياسية خصوصا الأحزاب السياسية الكبيرة أظهرت تمثيلا ضعيفا لشريحة الأرقاء السابقين.


وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم" يعد من أكثر الأحزاب التي مثلت في قوائمها شريحة الأرقاء السابقين بشكل محدود جدا.


قوانين مناهضة


ويعود تاريخ الجدل حول العبودية في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال عن فرنسا، بداية ستينيات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر علنًا بين فئات المجتمع، سواء الأغلبية العربية أو الأقلية الإفريقية.


وألغت موريتانيا رسميا العبودية في العام 1981، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، ومنذ ذلك الحين تؤكد الحكومات المتعاقبة على البلاد مضيها في محاربة آثار هذه الظاهرة والحد من تبعاتها والقضاء على آثارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المجتمع الموريتاني ككل.


وأقرت موريتانيا، خلال الفترة الأخيرة، حزمة قوانين جديدة تجرم ظاهرة الرق وتحدد عقوبات قاسية بهذا الخصوص، وأنشأت محاكم متخصصة في عام 2015 لمقاضاة قضايا الرق. وتقول إن التحدي اليوم يتمثل في معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية للظاهرة.


لكن المنظمات الحقوقية تكشف من حين لآخر عن حالات من الرق في مناطق من البلاد، خصوصا في المناطق الريفية البعيدة عن المدن الكبرى، وتؤكد أن الظاهرة لا تزال موجودة ومنتشرة في أنحاء من البلاد.