صحافة دولية

نيوزويك: ابن سلمان سحر الغرب لكنه يحكم بقبضة من حديد

ابن سلمان قام بجولات خارجية عدة لدول أوروبية- جيتي

تناولت المحللة السياسية للشؤون الخارجية، رولا جبريل، في تقرير على مجلة "نيوزويك" الأمريكية، ما أطلقت عليه "سحر" ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الغرب، وطريقة حكمه لبلاده في السعودية.

 

وبحسب تقرير الكاتبة، الذي ترجمته "عربي21"، فإن ابن سلمان تمكن من سحر الغرب بـ"الإصلاحات" الاجتماعية التي يروج لها في بلاده، إلا أنها ذهبت إلى أنه يحكم المملكة بقبضة من حديد.

وتاليا نص المقال كاملا:

 

في مطلع شهر آذار/ مارس، كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قصر باكنغهام يتناول الغداء مع الملكة إليزابيث الثانية. كانت تلك هي الزيارة الرسمية الأولى للأمير الذي يبلغ من العمر اثنين وثلاثين عاما، وحظيت الزيارة بتغطية إعلامية مبهجة.

 

يومها أعلنت صحيفة ذي ديلي تيليغراف: "إنه شخص ثوري." وأعرب المحافظون البريطانيون عن سعادتهم بمقترح محمد بن سلمان تخصيص شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة، وعرضها للاكتتاب العام في بورصة لندن، بما اعتبر دفعة قوية للاقتصاد البريطاني الواهن، كما أعجبهم ما حظي به من سمعة كمصلح اقتصادي. 

وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، كان في ضيافة الرئيس دونالد ترامب داخل البيت البيضاوي في البيت الأبيض، وأتبع ذلك بجولة شملت لوس أنجلوس ونيويورك وهيوستون وسيليكون فالي وسياتل، حيث التقى نخبا من هوليوود ومن قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك أوبرا وينفري وإيلون ماسك والمدراء التنفيذيين في شركة غوغل. 

كانت تلك الجولة المهيبة بمثابة الظهور الأول لولي العهد على الساحة الدولية. كان والده الملك سلمان، البالغ من العمر اثنين وثمانين عاما، قد تنازل عن بعض صلاحياته في العام الماضي، مشيدا بخطة ولي عهده محمد بن سلمان للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمعروفة باسم "رؤية 2030".

 

قيادة المرأة

 

على الأقل في التصريحات العامة التي تصدر عن ولي العهد، تراه يؤكد على الرأي القائل بأن المملكة العربية السعودية ليس بإمكانها الاستمرار إلى الأبد من خلال الاعتماد على دبلوماسية دفتر الشيكات في الخارج وحكومة الرفاه في الداخل. ولذلك تتضمن أهداف خطته الإصلاحية تقليص اعتماد البلد على صادرات النفط، والاستثمار في التعليم وفي الترفيه وفي السياحة، وتنشيط الاقتصاد – جزئياً من خلال دعم النساء في أماكن العمل. ولقد عزز من صورته كإصلاحي المرسوم الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو/ حزيران وسُمح بموجبه للنساء بقيادة السيارات.

ولما أمر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي باعتقال العشرات من أقاربه ومن الوزراء الذين اتهمهم بالإثراء من الصفقات التي يبرمونها مع حكومتهم، صُور ذلك في التقارير الإعلامية الدولية على أنه حملة تطهيرية ضد الفساد – أمكن بسببها إضافة ما يقرب من مائة مليار دولار إلى الأموال التي توجد تحت سيطرة الأمير. (تقدر قيمة ممتلكات آل سعود بما يزيد عن تريليون دولار.)

جاءت سفريات وتحركات الأمير حول العالم، والتي يُقصد منها تلميع صورة له رسمت ملامحها بعناية لتبرزه بمظهر الزعيم التقدمي، لتدشن جهداً حثيثاً يُسعى من خلاله إلى حل واحدة من المشاكل الأساسية التي تعاني منها المملكة، ألا وهي حقيقة أن صورة المملكة العربية السعودية لم تتعافى تماماً بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. فمن نفذوا الهجمات كان جلهم من المواطنين السعوديين.

 

وكان الكونغرس قد أصدر في عام 2016 تقريراً ورفع الحظر عن نشره – فسارع السعوديون يحاولون بكل ما أوتوا من قوة منع تداوله – يزعم أن الإرهابيين لربما حصلوا على دعم من أفراد على ارتباط بالحكومة السعودية.

 

وورد في برقية صادرة في عام 2009 عن وزيرة الخارجية في ذلك الوقت هيلاري كلينتون ما يلي: "نجد صعوبة بالغة في إقناع المسؤولين السعوديين بإعطاء أولوية استراتيجية لمكافحة تمويل الإرهاب القادم من المملكة العربية السعودية."

تتمثل أولوية ولي العهد الاستراتيجية في دفن هذه الصورة والتركيز على صورة جديدة لبلد متغرب ومستهلك يتضور جوعاً للاستثمارات الأمريكية وبحاجة ماسة إلى استيراد المزيد من الأسلحة لمواجهة الأعداء المشتركين. لقد لعب الدور باندفاع وهمة، فتخلى عن الثوب السعودي في معظم جولاته داخل الولايات المتحدة، بل حتى أنه لبس الجينز حينما قابل الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زكربيرغ. 

كان الإعلام الأمريكي يستقبل محمد بن سلمان بالترحيب والتهليل في كل محطة يتوقف فيها أثناء جولته الأمريكية. تدفق الثناء عليه من قبل قناة فوكس نيوز لما وصفته بجهوده التحديثية، أما محطة السي إن إن فوصفت المملكة العربية السعودية بأنها "أسخن سوق صاعد في هذه اللحظة." ونشرت مؤسسة أماريكان ميديا (التي يملكها صديق ترامب دافيد بيكر) مجلة تكلف النسخة منها 14 دولاراً مكرسة بالكامل لولي العهد. 

لم يوجه له الصحفيون أسئلة عن سجن المملكة العربية السعودية للنساء، مثل سمر بدوي ونسيمة السادة، اللواتي دافعن طويلاً عن حق المرأة في قيادة السيارة، ولا عن سجن العشرات من النشطاء المدافعين عن الحقوق المدنية. ولم يسألوه عن الكارثة الإنسانية الناجمة عن حربه في اليمن، ولا عن مئات الملايين التي أنفقها ولي العهد مؤخراً على اقتناء ممتلكات شخصية وكيف يمكن لذلك أن يتوافق مع خطابه حول الإصلاح الاقتصادي المسؤول. 

تقول مضاوي الرشيد، أستاذة الأنثروبولوجيا والتي ألفت عدداً من الكتب في تاريخ المملكة: "لقد استخدم آل سعود كل مواردهم لإخماد الحراك الديمقراطي في العالم العربي." بالرغم من كل الدعاية التي يروج لها حول الإصلاح، يترأس محمد بن سلمان نظاماً سلطوياً لا يسمح لأحد بالتعبير عن رأي مخالف. 

مازال رائف بدوي، وهو مدون ملحد، قابعاً داخل السجن هو ومحاميه وليد أبو الخير، الذي يعتبر من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة. وفي فبراير / شباط الماضي ألقي القبض على نهى البلوي، الناشطة في مجال حقوق المرأة لمجرد نشرها مقطع فيديو تنتقد فيه تطبيع المملكة العربية السعودية للعلاقات مع إسرائيل.

 

في تلك الأثناء طالبت النيابة السعودية بقطع رأس ناشطة أخرى في مجال حقوق الإنسان هي إسراء الغمغام لمشاركتها في احتجاجات سلمية، علماً بأنها معتقلة منذ اثنين وثلاثين شهراً لم يسمح لها خلالها برؤية محاميها. في نفس الوقت، مازال بعض الوعاظ ممن ينشرون الأفكار المتطرفة التي تبيح قتل المسلمين الشيعة والنصارى واليهود يحتلون مناصب عليا ومتنفذة في البلاد، وما تزال العقيدة الوهابية المتزمتة التي نشرت التطرف في مختلف البلدان داخل العالم الإسلامي واحدة من أهم الصادرات السعودية. 

وهناك قائمة أخرى طويلة من الضحايا الشيعة في المنطقة الشرقية الثرية بالنفط ممن تعرضوا للتعذيب والإعدام أو تعرضوا للاختفاء القسري "لأن أفكارهم تشكل خطراً عليه ولا يتم التسامح مع أي نقد" كما تقول مضاوي الرشيد. 

لا تتضمن أجندة ولي العهد حديثاً عن الديمقراطية، وأنى لها ذلك وهو الشخص الذي تتجسد فيه الثورة المضادة التي أطفأت اللهب الديمقراطي الذي أومض لفترة قصيرة أثناء الربيع العربي. فقد تحرك هو الطغاة الآخرون في الشرق الأوسط بكل ما أوتوا من بطش وجبروت لتعزيز النظام السلطوي في المنطقة، لتكون الرياض وعقيدتها الوهابية في موقع القلب منه. 

بكلمة أخرى: فليعد لجزيرة العرب مجدها من جديد. 

ولإدراك مهارة محمد بن سلمان في مجال العلاقات العامة عليك أن تبدأ من أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. ترتبط الإمارات العربية المتحدة في المخيلة الغربية بناطحات سحاب دبي الشاهقة، والمكونة من الفولاذ والزجاج، وبمجمعات التسوق الفارهة، وبمنتجعات التزلج المسقوفة. ما لا يعرفه الناس بنفس القدر عنها هو ولي عهدها محمد بن زايد، والذي يفضل البقاء هكذا في الظل. 

ورد وصف محمد بن زايد في إحدى البرقيات الدبلوماسية الأمريكية بأنه "صاحب كارزما، ألمعي ومتأقلم تماماً مع الغرب." كان بالنسبة لواشنطن المرشح المفضل لاستلام العرش عندما خلف شقيقه، خليفة، والده. إلا أن مرض شقيقه ما لبث أن جعل من محمد بن زايد الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة والمسؤول العسكري الأول فيها لما لا يقل عن عقد من الزمن. 

سارع الطيار السابق البالغ من العمر سبعة وخمسين عاماً إلى توسيع الإنفاق العسكري لدولة الإمارات العربية المتحدة وصناعتها الدفاعية، حتى أضحت البلد الآن واحدة من أكثر البلدان عسكرة في العالم. ولكن بفضل تحكم محمد بن زايد بوسائل الإعلام فإن الانطباع السائد الذي تشكل عن الإمارات العربية المتحدة هو أنها بلد منفتح ومتسامح ومتعدد الثقافات ومنطلق نحو التقدم – وهو درس في صناعة المظهر ما لبث أن استوعبه حواريه محمد بن سلمان. 

في أواخر عام 2010 بدأت ثورات الربيع العربي في تونس وسرعان ما انتقلت إلى مصر. تملك الرعب محمد بن زايد الذي بات يخشى من إمكانية اكتساح الديمقراطية للشرق الأوسط بأسره وأن يؤدي ذلك إلى وصول جماعة الإخوان المسلمين، كبرى الحركات السياسية في العالم العربي، إلى السلطة. فذهب يروج لفكرة أن المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية لم يكونوا يريدون الإصلاح وإنما فرض الشريعة الإسلامية، وساعده في الترويج لذلك وممارسة الضغوط داخل أمريكا مؤسسات علاقات عامة داخل واشنطن العاصمة مثل هاربر غروب وكامستول غروب. 

وبحلول عام 2012 ذهب وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات العربية المتحدة يزود الصحفيين الغربيين في جلسات خاصة معهم بتقارير يصف فيها الإمارات بأنها جزيرة من الاستقرار والتسامح يحيط بها جوار خطر وسريع الاشتعال. وانهمك مجلس الإعلام الوطني الذي تديره الدولة بتوجيه الانتقادات للحكومة التي كان يترأسها الإخوان المسلمون في مصر، والذين فازوا في عام 2011 بأول انتخابات حرة ونزيهة تجري في البلاد. 

أبى محمد بن زايد تقبل اختيار الناخبين المصريين فاستنفر كل الجهود في سبيل تمكين العسكر من استعادة السلطة في القاهرة. فظهرت حركة تمرد التي هيأت المشهد للانقلاب العسكري الذي وقع في عام 2013، وكانت تبدو في الظاهر حركة شعبية إلا أنه تبين بعد ذلك أنها كانت ممولة بكثافة من قبل الإمارات العربية المتحدة. 

نصب الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئيساً على البلاد، فما كان منه إلا أن عمد سريعاً إلى تعليق الدستور، ثم بعد شهر من الانقلاب قاد السيسي مذبحة لما يقرب من ألف من المتظاهرين من أنصار الديمقراطية ونشطاء الإخوان المسلمين في ميدان رابعة. وفي مايو / أيار من عام 2014 وصل عدد السجناء السياسيين إلى ما يقرب من واحد وأربعين ألفاً. في بداية الأمر، أيدت واشنطن ولندن الديمقراطية في مصر، إلا أنهما ما لبثتا أن صمتتا ولم تحركا ساكناً تجاه العنف الذي مارسته الدولة بحق الناس في عهد السيسي. 

إلا أن الزبدة التي كان السيسي يحتاجها لخبزه كانت في مكان آخر. تكشف تسجيلات مسربة لاتصالات تمت في عام 2014 بين أحد رجالات محمد بن زايد، المدعو سلطان الجابر، ورجل السيسي الجنرال المصري عباس كامل، عن أن الأخير كان يناشد الأول بتوفير المزيد من المال الإماراتي لمساعدة الدكتاتور في إدارة الاقتصاد المتهاوي في مصر. 

 

الموقف من الإسلاميين


كما استخدمت وسائل مشابهة للنيل من ديمقراطية تونس، حيث بثت قنوات تلفزيونية يملكها أوليغاركيون موالون للإمارات اتهامات للنهضة، التي فازت في عام 2011 بأول انتخابات حرة ونزيهة تجري في تونس، بأنها جزء من مؤامرة حاكتها جماعة الإخوان المسلمين لفرض الشريعة الإسلامية على الناس. (مازالت حركة النهضة في السلطة.)

أما في الداخل فقامت الإمارات بقمع العناصر المنتسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين فيما يسمى حركة الإصلاح مصنفة إياها على أنها منظمة إرهابية، وتم في عام 2013 سجن أربعة وتسعين نشيطاً إماراتياً بمن فهم محامون وقضاة ومدونون وطلاب بل وأمير، وذلك بتهمة التآمر على نظام الحكم. 

وفي عام 2015، منحت وفاة عاهل السعودية الملك عبد الله محمد بن زايد فرصته الذهبية لدثر النمط الدبلوماسي القديم في منطقة الخليج، والذي يعتمد على الرزانة والحذر والحرص على إظهار الوحدة والاجتماع. كان محمد بن سلمان قد قضى بعض الوقت في سن المراهقة مع محمد بن زايد، فما كان من الأمير الإماراتي الأكبر سناً إلا أن عمل على صقل شخصية الفتى السعودي.

 

جمع بين الاثنين نفاد صبرهما مما اعتبراه فتور جيل آبائهما وتطلعهما إلى رد فعل أقوى تجاه التحديات الإقليمية. إلا أن محمد بن زايد أضاف إلى نزعات محمد بن سلمان المشاكسة مهارة التجمل في أعين الغربيين وحشد مؤسسات الضغط والعلاقات العامة للترويج لفكرة أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هما الزعماء المستنيرون للعالم العربي وفي نفس الوقت العمل على الحط من قدر الإخوان المسلمين وإيران. 

انتهت سنوات من الاستثمار الرخو في مؤسسات العلاقات العامة إلى صعود نجم محمد بن سلمان، وبحلول عام 2016، كانت المملكة العربية السعودية توظف ما لا يقل عن عشر مؤسسات ضغط تدفع لها ما مجموعه 1.3 مليون دولار في الشهر، حسب المعلومات التي نشرها موقع ذي هيل.

 

إحدى هذه المؤسسات هي كينغ أند سبولدنغ التي كلفت بالسعي إلى تخفيف قانون جاستا (قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب) الذي كان سيسمح لعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة الحكومة السعودية.

 

وفي ذلك السياق تعاقدت مؤسسة علاقات عامة اسمها قورفيس مع مؤسسة اسمها كابيتول ميديا غروب، وهي مؤسسة نشطت في تنظيم عدد من الحملات الإعلامية المعادية للإسلام، لكي تجلب عشرات العسكريين الأمريكيين السابقين إلى مقر الكونغرس ليدلوا بشهاداتهم ضد قانون جاستا، إلا أن القانون أجيز في نهاية المطاف بعد أن أحبط أعضاء الكونغرس محاولة من الرئيس باراك أوباما لاستخدام حق الفيتو ضده. 

 

استخدام الدعاية

وفي سياق زيارة محمد بن سلمان إلى لندن في مارس الماضي، استُخدمت اللوحات الإعلانية الكبيرة في الشوارع ونشرت الإعلانات مدفوعة الأجر في الصحف اليومية بموازاة جهود كانت تبذل سراً بهدف شراء النفوذ. فقد كشفت مؤسسة مستقلة غير ربحية اسمها "مكتب الصحافة الاستقصائية" عن أن إحدى شركات المملكة في لندن واسمها كونسولوم كانت توظف دبلوماسياً بريطانياً مازال على رأس عمله في السلك الدبلوماسي ليعمل في الملف السعودي.

 

كما ساعدت شركة اسمها إس سي إل غروب، وهي الشركة الأم للمؤسسة المفضوحة كامبريدج أناليتكا، بمساعدة فريق محمد بن سلمان في التعرف على قطاعات المجتمع السعودي التي من المحتمل أن تنتفض وتخرج عليه.

وما لبثت حملة العلاقات العامة أن تكثفت مع تدهور الأوضاع الحقوقية داخل البلاد. حيث ما يزال العشرات من المعارضين السياسيين والنشطاء في حملة حق قيادة السيارة قابعين في السجن، والتحقت بهم في شهر مايو / أيار لجين الهذلول، إحدى أبرز النشطاء في هذا المجال. مازالت النساء السعوديات لا يملكن حق قيادة السيارات دون إذن من أولياء أمورهن الذكور، كما أن بإمكان الآباء أو الأشقاء استخدام صلاحيات الولاية على النساء لإجبار بناتهم أو شقيقاتهم على الانفصال عن أزواجهن.

 

يقول علي الأحمد، المنفي السعودي والذي يعمر مديراً لمعهد في واشنطن اسمه معهد الشؤون الخليجية، إن النساء في السعودية أشبه ما يكن بالإماء، وذلك بسبب السياسات التي ينتهجها النظام الملكي المستبد. 

 

وجه الحرب في اليمن


ثم، هناك اليمن. عندما كان وزيراً للدفاع، أصبح محمد بن سلمان في عام 2015 "وجه الحرب في اليمن" كما أطلق عليه معهد بروكينغز. لقد قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً شن حملة قصف جوي مكثف ضد المتمردين الحوثيين في البلاد، والذين اعتبرتهم الرياض وكلاء لإيران.

 

قضى في حرب اليمن عدة آلاف من المدنيين، وأصيب ما يزيد من مليون يمني بالكوليرا ويمكن أن تتسبب الحرب أيضاً في الدفع بثمانية عشر مليون نسمة إلى حافة المجاعة. ولكن على الرغم من التسبب في أكبر نكبة إنسانية من صنع البشر في العالم، إلا أن السعوديين فشلوا فشلاً ذريعاً في فرض إرادتهم على ميدان المعركة. 

وبناء على تحقيق أجرته وكالة الأسوشيتيد بريس، فقد أبرم السعوديون والإماراتيون صفقة سرية مع مقاتلي القاعدة في اليمن بما مكنهم من الانسحاب بما لديهم من أسلحة ومعدات وبما يقرب من غنيمة نقدية تصل إلى مائة مليون دولار. وكثير من هؤلاء المقاتلين تم تجنيدهم بشكل مباشر من قبل القوات السعودية، ولذلك عززت هذه الصفقة قدرات أخطر فرع من فروع هذه الشبكة المتطرفة التي نفذت هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

 

يقدر المسؤولون في الولايات المتحدة أعداد مقاتلي القاعدة في اليمن بما يقرب من ثمانية آلاف عنصر، ويقولون إن أعدادهم في ارتفاع. (ولعل الشراكة مع القاعدة تعيد إلى الذاكرة ذلك التحالف الذي كان قائماً في ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان بين السعودية والمجاهدين، وهو التحالف الذي أفرز فيما بعد تنظيم القاعدة.)

 

واليوم، يشعر حتى حلفاء السعودية المقربون بالغثيان بسبب نتائج الحرب الكارثية وما يشاع من إبرام صفقات سلاح مشبوهة. ولذلك صوت البرلمان الأوروبي في عام 2016 لصالح فرض حظر أوروبي شامل على تصدير السلاح إلى المملكة العربية السعودية، كما علقت النرويج مبيعات الأسلحة إلى الإمارات. 

وحتى دعم واشنطن آخذ في التراجع. ففي شهر مارس / آذار تمكن مشروع يدعمه أعضاء في الحزبين الديمقراطي والجمهوري ويتزعمه السيناتور بيرني ساندرز من إقناع أربعة وأربعين من أعضاء مجلس الشيوخ المائة بالتصويت على الوقف المباشر لما تقدمه الولايات المتحدة للحرب من دعم للحرب التي تشنها السعودية في اليمن. وقد تعهد الشيوخ بتكرار المحاولة (إلى أن يحصلوا على الأغلبية). 

بالطبع، ليست هذه هي الدعاية التي يتطلع إليها محمد بن سلمان. لا يوجد ما يفسد جهود الأمير لكسب الرأي العام الأمريكي مثل صور الأطفال اليمنيين الذين قتلوا بصاروخ أمريكي أطلقته طائرة حربية تابعة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية.