يقفان وراء كل المواجهات التي اندلعت
في
فلسطين، في باب العامود أو المسجد الأقصى أو الشيخ جراح أو أم الفحم أو
الخليل أو غيرها، ويبرز اسميهما بوصفهما كارهين للعرب وداعيين إلى طردهم من فلسطين
التاريخية.
أكثر جملة تطربهما "اطردوا العدو
العربي" و"شرعنة" جميع البؤر الاستيطانية.
دخلا معا في تحالف "الصهيونية
الدينية" القومي المتطرف من أجل إكمال ما بدأ به ديفيد بن غوريون عام 1948، وهو تشريد من بقي من الفلسطينيين القابضين على ترابهم الوطني والسيطرة على المسجد
الأقصى المبارك.
وجهان يمثلان خطا سياسيا يتعمق في جميع
مفاصل "الدولة العبرية" التي تواجه صراعا ذاتيا بين المتدينين
(الحريديم) وبين العلمانيين.
إيتمار بن غفير
ولد إيتمار بن غفير في مستوطنة في
القدس المحتلة عام 1976 لأب من أصول عراقية وأم من أصول كردية.
عمل والده في شركة للوقود ومارس
الكتابة، وكانت والدته ناشطة في الحركة الصهيونية "التنظيم الوطني
العسكري" (إيتسل)، وشاركت في عمليات ضد الفلسطينيين.
انجذب إلى الأفكار المتطرفة في سن
المراهقة، فقد انضم إلى حزب
"موليدت" الذي دعا إلى تهجير الفلسطينيين من أراضي 1948. وما إن بلغ
السادسة عشرة من عمره حتى أصبح عضوا في حزب "كاخ" القومي المتطرف الذي
تزعمه الحاخام مائير كاهانا، مؤسس "رابطة الدفاع اليهودية" التي كانت
مسؤولة عن التخطيط لتفجيرات على الأراضي الأمريكية، ثم الهجمات على كل من الفلسطينيين
واليهود "المعتدلين" في دولة الاحتلال، وقد صنفت الولايات المتحدة حركة
"كاخ" بوصفها جماعة إرهابية.
بعد إتمامه الثانوية، انضم لمدرسة
"الفكر اليهودية"، ورفض جيش الاحتلال تجنيد بن غفير عندما بلغ سن الـ18
عاما بسبب سجله الجنائي.
درس بن غفير القانون وتخرج من كلية
"أونو" الأكاديمية للحقوق عام 2008، ثم عمل مساعدا برلمانيا لمايكل بن
آري عضو حزب "الاتحاد الوطني" اليميني، وحاول الانضمام إلى نقابة
المحامين، لكن طلبه رفض بسبب سجله الجنائي ولتورطه في مظاهرات وأنشطة لليمين
المتطرف.
وردا على رفض نقابة المحامين انضمامه
إليها، فقد قاد بن غفير احتجاجا على قرارها حتى سمح له بالانضمام عام 2012، واجتاز
اختبار النقابة بعد محاولات.
عرف بشكل واضح عام 1995 وهو ابن 19
عاما، عقب توقيع "اتفاقية أوسلو" فقد ظهر أمام الكاميرات وهو يحمل قطعة
مزقت من السيارة الخاصة بإسحاق رابين رئيس الحكومة
الإسرائيلية آنذاك، وقال: "استطعنا الوصول إلى السيارة، وسنصل إلى رابين أيضا".
وبعد اغتيال رابين قاد بن غفير حملة
لإخلاء سبيل قاتله.
يؤمن بن غفير بفكرة أن العرب في فلسطين
أعداء يجب إخراجهم بالعنف ولا يقبل التعايش معهم، وعلى يهود العالم كافة أن
يهاجروا إلى فلسطين.
وقد اشتهر بوضع صورة على جدار منزله للإرهابي
باروخ غولدشتاين منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي التي راح ضحيتها 29 شهيدا فلسطينيا في
عام 1994، ووصفه بـ"البطل".
واصل دفاعه عن "المستوطنين المارقين" وتمثيلهم، مثل
"شباب التلال" أو "زعران الاستيطان" المتورطين في بناء
مستوطنات و"تنكيد" الحياة اليومية للفلسطينيين وحتى قتلهم، وقد سماهم بن
غفير "ملح الأرض"، بما فيهم جماعة "لاهافا" اليمينية المتهمة
بتنفيذ هجمات ضد فلسطينيين.
ودافع عن المتورطين في هجوم على قرية
دوما بالضفة الغربية، والذي أسفر عن استشهاد ثلاثة من أفراد عائلة دوابشة الذين أحرقوا
وهم نيام عام 2015.
كما أنه مثّل موكلا آخر، طعن يهوديا بعد أن
ظن أنه فلسطيني، ومستوطنا كان متهما بإضرام النار في كنيسة، بالإضافة إلى مراهق
يشتبه في مهاجمته الحاخام أريك أشرمان، من منظمة "حاخامات من أجل حقوق
الإنسان"، الرافضة للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة.
حاول أكثر من مرة دخول البرلمان
الإسرائيلي "الكنيست" في دورة الانتخابات الـ19 حين شارك في الانتخابات
على قائمة حزب أسسه مايكل بن آري عام
2013، لكنه فشل في تحقيق نسبة الحسم.
وفي انتخابات "الكنيست" الـ21،
ترشح بن غفير على رأس قائمة "العظمة اليهودية" التي حصلت على حوالي 83
ألف صوت، ولم يجتز نسبة الحسم كذلك.
أما في الفترة التي سبقت دورة
الانتخابات الـ23، فقد رفض رئيس حزب "اليمين الجديد" نفتالي بينيت ضم بن
غفير إلى قائمة تحالف "الصهيونية الدينية".
وفي الدورة الانتخابية الـ24، ترأس بن
غفير حزب "عوتسما يهوديت"، ودعمه بنيامين
نتنياهو، وفور انتخابه في عام
2021 صرح بأنه "يجب إزالة أعداء إسرائيل من أرضنا"، في إشارة إلى
الفلسطينيين.
وصفت صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية، نجاح بن غفير وحزبه "القوة اليهودية" في انتخابات الكنيست
الدورة الـ25 التي أجريت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بـ"اليوم الأسود في تاريخ
إسرائيل"، خصوصا مع تسلمه حقيبة وزارة الأمن الداخلي في حكومة بنيامين
نتنياهو السادسة، وإعطاء "شرعية" ونفوذ أكبر لأفكاره الفاشية التي تسعى
للتطهير العرقي وضد كل ما هو فلسطيني وعربي في البلاد.
ويسكن بن غفير في مستوطنة "كريات
أربع" المقامة على أراضي الخليل.
بتسلئيل سموتريتش
ولد بتسلئيل سموتريتش عام 1980 في إحدى
مستوطنات الجولان السوري المحتل، والده حاييم يروحام، الحاخام السابق لمدرسة
"كريات أربع" الدينية وكانت واحدة من معاقل حركة "كاخ"
الإرهابية.
نشأ سموتريتش في مستوطنة "بيت
إيل"، وانتقل للدراسة في مدرسة "مركاز هراف" الدينية التي يتخرج
منها قادة اليمين الاستيطاني ومعظم قادة الجيش، وواصل تعليمه في المدرسة الدينية
العليا في مستوطنة "كدوميم" بالتزامن مع دراسته للحصول على درجة
البكالوريوس في القانون في كلية "أونو الأكاديمية" نفس كلية رفيقه بن
غفير، ثم درس لنيل درجة الماجستير في القانون العام والقانون الدولي في
"الجامعة العبرية" في القدس، لكنه لم يكملها.
وصل إلى "الكنيست" لأول مرة
في انتخابات 2015، ضمن قائمة "البيت اليهودي" بعد قيام حزبه
"هئيحود هلئومي- تكوما" بخوض المعركة الانتخابية ضمن قائمة مشتركة مع
"البيت اليهودي" برئاسة بينيت، كما فعل هذا الحزب في الكنيست التاسع عشر.
وفي انتخابات الدورة الـ25 تزعم قائمة
"الصهيونية الدينية" بالتحالف مع بن غفير التي حققت المرتبة الثالثة في
"الكنيست" من حيث القوة بعدد المقاعد.
سموتريتش هو مدير "جمعية
رغافيم" المتطرفة العنصرية، التي تلاحق الفلسطينيين في مناطق 1948 و1967،
وخاصة في مجال الأراضي والبناء، وتحث سلطات الاحتلال، على استصدار أوامر هدم بيوت
عربية، بحجة البناء غير المرخص.
وكان سموتريتش من قيادة حركة التمرد على
خطة إخلاء مستوطنات قطاع غزة، وجرى اعتقاله عام 2005، بعد العثور في بيته على 700
لتر من الوقود بهدف القيام بأعمال تخريبية.
سموتريش تحدث في "الكنيست"
ذات يوم وقال لأعضاء "الكنيست" العرب: "أنتم هنا بالخطأ لأن بن غوريون لم ينه المهمة ولم يهجركم عام
1948″.
لا يعترف بوجود الشعب فلسطيني، زاعما
أن "الهيكل الثالث سيتم بناؤه على أنقاض المسجد الأقصى المبارك بعد هدمه خلال
سنوات"، ويعتبر أن باروخ غولدشتاين، منفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي ليس
إرهابيا، ويرى أن "مستقبل القدس التوسع نحو الأردن حتى دمشق".
حاسما رؤيته بقوله: "ليس هناك ولن
يكون هناك كيان قومي عربي في أرض إسرائيل بين الأردن والبحر".
ومن خلال موقعه الجديد في حكومة
نتنياهو، سيتمكن سموتريتش من إضفاء "الشرعية" على عشرات البؤر
الاستيطانية التي دشنها المستوطنون على الأراضي الفلسطينية .
وكان " شرعنة" الاستيطان مقابل
التخلي عن وزارة الأمن الطعم الذي ألقاه نتنياهو له أثناء مساومته في تشكيل
الحكومة.
وهو من مؤسسي منظمة "فتية
التلال" الإرهابية، التي تنشط في مجال السيطرة على الأراضي الفلسطينية الخاصة
بهدف تدشين بؤر استيطانية عليها.
بتولي زعيم "القوة اليهودية"
إيتمار بن غفير حقيبة الأمن القومي، وزعيم "الصهيونية الدينية" سموتريتش
حقيبة المالية، وزعيم حزب "شاس" أرييه درعي حقيبة الداخلية في حكومة
نتيناهو وفي مقر الحكومة الرسمي في "كريات هممشلاه" (المجمع الحكومي) في
مدينة القدس المحتلة، يكون قادة الاستيطان
وزعرانه قد أحكموا سيطرتهم على جميع منافذ الحياة التي تتعلق بالفلسطينيين على
امتداد أراضي فلسطين التاريخية، وبدء مرحلة "تنكيد" و"تنغيص"
جديدة على الشعب الفلسطيني الذي يستعد لشكل جديد من المقاومة يناسب مرحلة حكومة
"فتيان التلال" الاستيطانية.