نشر
موقع "
أوراسيان تايمز" الروسي مقالًا تحدث فيه عن احتمالية حدوث نزاع أمريكي صيني
في منطقة
الشرق الأوسط؛ حيث تنص استراتيجية
الصين على أولوية التركيز على المجال الاقتصادي
في المنطقة دون الدخول في المجال العسكري.
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه خلال الأيام الأخيرة من العام
الماضي، قام الرئيس بايدن والرئيس شي بزيارة دول الخليج، لأن كليهما يريدان بسط نفوذهما في الدول الساحلية وغرب آسيا، متطلعين إلى الموارد الاستراتيجية وموارد الطاقة في المنطقة.
وتمثّل
هذه الزيارات جزءًا من اتجاهات كل من السياسة الخارجية الأمريكية والصينية الناشئة؛
حيث يفسر المراقبون أن الزيارات ونتائجها هي مؤشرات لسياسة قوتين عظيمتين على طرفي
الكرة الأرضية.
ونقل
الموقع عن نيو شينتشون، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في المعهد الصيني للعلاقات الدولية
المعاصرة، في مقال نُشر على منصة "وي تشات" للتواصل الاجتماعي قبل أيام قليلة؛
إنه لم يكن من المتوقع أن تشهد سياسة البلاد (الصين) في الشرق الأوسط تحولًا كبيرًا
خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث إنها ستواصل التركيز على
العلاقات الاقتصادية بدلًا
من العلاقات العسكرية، على الرغم من أن البعض اعتبر أنها تنافس الولايات المتحدة في
المنطقة.
ووفق
الموقع؛ فقد نصح شينتشون بكين بأنه عند صياغة استراتيجيتها في الشرق الأوسط، عليها
أن تتجنب الانجرار إلى "لعبة القوة العظمى" مع الولايات المتحدة، كما حدث
بالفعل في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا.
وأضاف
الموقع أنه لطالما تمتعت المملكة العربية السعودية بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة
منذ بداية النظام الملكي في سنة 1930، حيث تشتكي إيران من أن النظام الملكي السعودي
يتحول إلى أداة للولايات المتحدة في منطقة الخليج. إلى جانب ذلك؛ لطالما كانت إيران
متخوفة من التقارب بين الولايات المتحدة والنظام الملكي السعودي، حتى إن آية الله الخميني،
زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية، وصف هذا النظام الملكي بأنه غير إسلامي. ومن هنا
يأتي سبب رفض السعودية امتلاك إيران لقدرات نووية.
وتابع
الموقع قائلًا إن ولي العهد الأمير سلمان تمكن من تغيير الفكر المحافظ لزعيمة العالم
الإسلامي وفسح المجال للتحديث والحريات المدنية، كما استكشف آفاق تنويع العلاقات التجارية
لبلاده. ولم يستبعد ابن سلمان الصين لأنه يعلم أن الاحتياطيات الهيدروكربونية قابلة
للانتهاء، وعلى هذا النحو، فإنه من الحكمة المطلقة تنويع التجارة والتبادل التجاري
كأسس لاقتصاد البلد.
وذكر
الموقع أن الصين قوة صاعدة تقوم على التجارة، وهي دولة ذات اقتصاد قوي ولديها القدرة
على أن تصبح قوية عسكريًّا أيضًا. واتخذت الصين خطوة إضافية في تعزيز العلاقات التجارية
مع المملكة العربية السعودية، التي أصبحت موردها الرئيسي للنفط. ونتيجة لذلك فقد اعتبرت
الولايات المتحدة أن اتساع نطاق التجارة والتفاعل مع الصين بمثابة إهانة لها.
ورأى
الموقع أن زيارة الرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط والسعودية العام الماضي هدفت إلى تسوية
العلاقات السعودية الأمريكية، لكن لم يتم التخلص من الاختلافات بشكل كامل؛ حيث ترى
بكين أن الوضع في الشرق الأوسط يكشف تناقص دائرة نفوذ الولايات المتحدة هناك. وبالتالي، فقد كان هناك إغراء أمام الصين لتترك بصمتها في أكبر عدد ممكن من دول الشرق الأوسط.
وأفاد
الموقع بأنه في مواجهة هذا الإغراء؛ تقترح مراكز البحوث في بكين أن لا تقوم الحكومة
بأي خطوة متسرعة للعب ورقة استراتيجية أو عسكرية في منطقة الشرق الأوسط، بل أن تقتصر
مشاريعها على مجالات التجارة والتبادل التجاري فقط. وتؤكد مراكز البحوث أنه بمجرد تعمق
الصين في المجالين العسكري والسياسي، يكاد يصبح من المستحيل الحفاظ على علاقات ودية
وطويلة الأمد.
وأشار
الموقع إلى أن الشرق الأوسط متورط في صراعات عديدة؛ حيث تمثّل سوريا وفلسطين والأردن
واليمن بؤر التوتر المستمرة، وهي صراعات تكون فيها الولايات المتحدة وروسيا متورطتين
بشكل مباشر أو غير مباشر، وبمجرد أن تقرر الصين لعب دور سياسي أو عسكري، وهو دور لم
تلعبه حتى الآن، فإنها ستفقد قبول تلك المنطقة لها.
ومن
بين الاقتراحات المثيرة للجدل؛ التنبؤ في بعض الدوائر بأن الشرق الأوسط يمكن أن يصبح
الساحة التالية للمنافسة بين البلدين لأن الصين ستستمر في زيادة وجودها في المنطقة.
وفي الواقع فإن الشرق الأوسط هو المكان الذي لا توجد فيه صراعات كبيرة بين القوتين
العظيمتين، كما أنها ليست منطقة استراتيجية لأي من القوتين، ولا تمتلك أي موارد حيوية
مثل الطاقة أو الموارد المعدنية، التي يمكن أن تتسبب في صراع.
وبعبارة
أخرى؛ فإنه يمكن القول بأنه يمكن لكلا البلدين أن يتعايشا في المنطقة دون مشاحنات متفرقة،
لكن لا نقصد القول بأن مصالح الطرفين تتلاقى في المنطقة؛ حيث قالت مساعدة وزيرة الخارجية
الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف: "إن تاريخ أمريكا في الأمن والدفاع
في المنطقة يمنحها ميزة واضحة مقارنة بالصين. كانت الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة
في الشرق الأوسط منذ سنوات، في حين أن الصين هي أكبر مشتر للنفط والغاز من المنطقة".
وبيّن
الموقع أنه يجب الاعتراف بأن العديد من دول الشرق الأوسط لديها علاقات جيدة وطويلة
مع الدول الأوروبية، كما أنه كان للتأثير الأوروبي والبريطاني أهمية حيوية في الحياة والسياسة
في الشرق الأوسط. وتنفذ التجارة والتبادل التجاري بشكل سريع بين الجانبين؛ حيث تتمتع
الصين بعلاقات جيدة مع معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. لذلك فإن من المتوقع أن
الصين ستقرر عدم تعطيل قنوات التواصل بين الشرق الأوسط والدول الأوروبية.
واختتم
الموقع التقرير بالقول إن العالم سيكون أكثر سعادة إذا لم ينتقل التنافس الثنائي بين
الولايات المتحدة والصين إلى منطقة الشرق الأوسط، ما سيمكّن البلدان المعنية من عيش
حياة طبيعية.