سياسة عربية

هل ينقل الاحتلال عملياته إلى جنوب غزة.. وما مصير المدنيين؟

جيش الاحتلال يدعو سكان خانيونس للإخلاء - الأناضول
يتصاعد الضغط الإسرائيلي على قطاع غزة مع تكثيف العمليات العسكرية التي يشنها الاحتلال في شمالي القطاع والغارات التي تستهدف البنية التحية والتي دمرت معظمها ومنها المستشفيات والمراكز الطبية التي باتت جميعها خارج الخدمة في شمال القطاع.

ومع توسع رقعة المواجهات وزيادة التوغل البري في الشمال تفتح التطورات الميدانية تساؤلات حول إقدام الاحتلال الإسرائيلي على توسيع عملياته العسكرية في الجنوب الذي بات الآن ملاذا لمئات الآلاف من الفارين من غارات الاحتلال في الشمال إضافة إلى سكان الجنوب الأصليين.


وتزداد المخاوف من إقدام قوات جيش الاحتلال على نقل المواجهات إلى جنوب القطاع وهو ما ألمح إليه مصدر أمني في دولة الاحتلال الإسرائيلي ومسؤولان كانا يشغلان مناصب كبيرة في السابق، حيث ذكرت المصادر لوكالة رويترز أن أي توغل عسكري ينفذه جيش الاحتلال في جنوب قطاع غزة المزدحم خلال الأيام المقبلة قد يكون أكثر تعقيدا من الهجوم البري في شمال القطاع، مع احتمال سقوط عدد أكبر من القتلى في صفوف المدنيين.

ومنذ بدء عمليات التوغل البري في السابع والعشرين من الشهر الماضي فر مئات الآلاف من سكان شمال غزة إلى جنوب القطاع بعد أن طلب منهم جيش الاحتلال مغادرة الجزء الشمالي من القطاع وكثف غاراته الجوية وارتكب مئات المجازر بحقهم لإجبارهم على النزوح للجنوب.

مخاوف من اشتعال جبهة الجنوب
والآن يشعر الكثيرون بالخوف بعد أن أسقطت طائرات الاحتلال منشورات بالقرب من خان يونس يوم الخميس الماضي تطالبهم بترك أماكنهم مرة أخرى، ولكن هذه المرة باتجاه الغرب وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمته إسرائيل قبل بدء هجومها البري قبل ثلاثة أسابيع.

وأصدر الاحتلال تحذيرا جديدا للفلسطينيين في مدينة خان يونس اليوم وطالبهم بالابتعاد عن مرمى النيران والاقتراب من المساعدات الإنسانية قبل بدء الضربات الجوبة بحسب ما نقلت وكالة رويترز.

وقال عطية أبو جاب الذي يعيش مع عائلته في خيمة بخان يونس بعد أن نزح من مدينة غزة في تصريح لوكالة رويترز: "لقد طلبوا منا، نحن مواطني غزة، أن نذهب إلى الجنوب، ذهبنا إلى الجنوب، والآن يطلبون منا أن نغادر، إلى أين نذهب؟".


من جانب آخر أشار متحدث باسم جيش الاحتلال أمس الجمعة إلى أن العملية العسكرية ضد حركة حماس ستشق طريقها نحو جنوب غزة، لكنه لم يشر إلى توقيتها.

كما قال جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي "الإسرائيلي"، إن الهجوم البري قد يستغرق ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع لقمع مقاومة حماس في الجنوب، حيث تتمركز قيادات الحركة الآن حسب زعمه.

وأضاف في تصريحات لرويترز: "يتمثل أحد أصعب التحديات في أن معظم سكان قطاع غزة يتمركزون الآن في الجنوب، قد يسقط المزيد من المدنيين، وهذا لن يردعنا أو يمنعنا من المضي قدما"، وفق مزاعمه.

ويرى المسؤول الصهيوني أن إسرائيل ستواصل المضي قدما حتى لو كانت الحملة التي ستنفذها في الجنوب ستسير بوتيرة أبطأ وأنه ليس متأكدا من أن جميع الأجانب يدركون المزاج الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الاحتلال لن يوقف العملية قبل عودة الرهائن، وفق ادعاءاته.

حماس تؤكد أنها قادرة على المقاومة
ومع تصاعد المواجهات في الجنوب تعتقد حركة حماس أنها قادرة على المقاومة، وتكبيد العدو الإسرائيلي خسائر كبيرة، وهو ما تشير له المعطيات الميدانية، حيث يواجه جيش الاحتلال مقاومة شرسة في الشمال، ولا تعتبر المناطق التي دخلها تحت سيطرته الكاملة، لأن قواته تتلقى بشكل يومي ضربات موجعة من قبل فصائل المقاومة، التي تكبده بشكل يومي خسائر في العتاد والجنود.

وهو ما يعلنه المتحدث العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، حيث ذكر في كلمته الأخيرة أن فصائل المقاومة دمرت 17 آلية عسكرية للاحتلال كلياً أو جزئياً في كافة محاور التوغل في قطاع غزة خلال يوم واحد.

 ومن جانبه قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، إن المقاومة لا تزال تعتبر أنها في بدايات المواجهة وهناك عزيمة وإصرار على المواصلة، فيما تشير آخر الإحصائيات التي أصدرتها السلطات الصحية في غزة إلى استشهاد أكثر من 12 ألف شخص منذ بداية العدوان الإسرائيلي.

واشنطن تراوغ.. تطالب بممرات إنسانية وتدعم العملية في الجنوب
تحاول واشنطن التغطية على دعمها العسكري للاحتلال فتدعو بشكل دائم إلى هدن إنسانية للسماح بدخول المساعدات للسكان، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين الخميس الماضي: "أجرينا محادثات مع الاحتلال لإقناعهم بأنهم بحاجة إلى ضمان وجود ممرات إنسانية للمدنيين بينما يواصلون النظر في تنفيذ عمليات برية أو عمليات عسكرية موسعة في أجزاء أخرى من غزة".

وعلى الرغم من دعمها غير المحدود للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يقول مسؤول أمريكي كبير لرويترز إنه نظرا لزيادة عدد السكان في الجنوب، فإنه يرجح ألا تركز إسرائيل على الضربات الجوية بشكل كبير وأن تعتمد بدلا من ذلك على توغل القوات البرية.


ويضيف المسؤول الأمريكي أن إسرائيل ليس أمامها خيار سوى شن هجوم في الجنوب إذا أرادت هزيمة حماس وهو الهدف المعلن للحملة العسكرية، حسب قوله. ‌

مخاطر مضاعفة
بعد أن أصبح سكان القطاع محصورين في منطقة جغرافية ضيقة في الجنوب، فإن المرحلة الثانية من الحملة العسكرية الإسرائيلية التي يلمح لها الاحتلال تنذر بمخاطر تفوق مخاطر المرحلة الأولى. وتشير تقديرات الأمم المتحدة التي تستند إلى البيانات الصادرة عن السلطات الفلسطينية إلى أن نحو 400 ألف من سكان غزة نزحوا نحو الجنوب.

ولا يمثل الفرار نحو الجنوب في اتجاه مصر خيارا جيدا للفلسطينيين مع استمرار إغلاقه من قبل مصر، بينما تقول مصر ودول عربية أخرى إنه ينبغي للفلسطينيين عدم مغادرة القطاع خوفا من تكرار حالة الاستيلاء على أراضيهم مثلما حدث مع مئات الآلاف الذين فروا عبر الحدود ولم يعودوا أبدا إلى منازلهم عند إقامة دولة الاحتلال عام 1948، وهو ما يرفضه سكان القطاع بشكل قطعي حيث يفضلون البقاء رغم القصف العنيف والغارات المستمرة على التهجير القسري من أراضيهم.