هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يستخف البعض عن سابق إصرار وتصميم بالحدث العظيم الذي كُتبت بدايات فصوله في الثامن من ديسمبر/ كانون أول 2024 باقتلاع نظام آل الأسد الذي جثم على صدور السوريين لعقود طويلة وكأنها قرون، وهو في الحقيقة ودون أي مبالغة سيذكر في التاريخ كأعظم حدث في القرن الحادي والعشرين..
تمر سوريا اليوم بمرحلة جد عصيبة، تتطلب معها بناء دولتها الجديدة، عبر إقرار الدستور الجديد، الذي يعبر عن توافقات مختلف الطيف السوري، ثم بناء المؤسسات السياسية، وفقا لمرتبات العملية السياسية التي يفترض أن تهيئ لها الحكومة المؤقتة..
لخص الكاتب والناشر اليساري السوري، المنفي في فرنسا منذ 49 عاما، فاروق مردم بيك المشهد بتدوينة على حسابه على فيسبوك، قال فيها: "باقون على ولائهم للسفّاح الجبان (بشار الأسد) على الرغم ممّا شاهدوه بأعينهم من فظائعه ومن مظاهرات الابتهاج المليونيّة بسقوطه.. ما هو السرّ في العطب السياسي ـ الأخلاقي عند هذا النوع من العرب؟".
تناولت عدّة تقارير في الإعلام الغربي انهيار نظام الأسد بالتحليل والتعليق، وبدا أنّ هناك سردية طاغية في هذه التغطيات والتحليلات التي نقلتها مواقع ومراكز مثل كارنيغي، وبروكينغز، ورويترز، والأسوشياتد برس، وسكاي نيوز، والبي بي سي، وغيرها بأنّ أحد أهم أسباب سقوط نظام الأسد هو تخلّي حلفاء نظام الأسد عنه..
على وقع الصراع المحتدم في فلسطين وفي خضم معركة طوفان الأقصى وما أحدثته من ارتدادات وانعكاسات وخلط للأوراق إقليميا ودوليا وبعد أن ساد اعتقاد أن تطلعات شعوب المنطقة للحرية والكرامة قد قبرت بعد أن تم إخضاعها لعملية كي قاسية للوعي جعلتها تلعن الثورات والحريات والديمقراطية..
وسقط فرعون سوريا، وصار لاجئا سياسيا، فبشار الذي ولد على سرير من دمسق، وآلت إليه ولاية عهد أبيه حافظ الأسد، والذي كان عاقدا العزم على البقاء في حكم بلد تحولت مدنه الى خرائب، وأهله إلى نازحين مشتتين في الأرض، آثر السلامة وفر بجلده، متناسيا أمر "الرسالة الخالدة"..
كان الطريق إلى دمشق قصيرا بشكل مدهش، وسيطرت جماعات المعارضة السورية يوم الأحد 8/12/2024 على دمشق بعد هجوم سريع البرق في جميع أنحاء سوريا. وبعد خمسة عقود من حكم آل الأسد، فقد فتحت الإطاحة به فصلاً جديداً في تاريخ سوريا والمنطقة وصراعات القوى الإقليمية والدولية، وسيؤدي إلى تغيير خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط وخارجه. ويقدم هذا السقوط نموذجا لمثل يقول: الدرس المستفاد في الشرق الأوسط هو أن الجهود المبذولة في بلد ما غالبا ما تسفر عن نتائج غير متوقعة في بلد آخر.
منذ سقوط بشار الأسد، وانتصار الثورة السورية في دخول معظم المناطق السورية، والتعليقات لا تتوقف، والنصائح كذلك للسوريين تخرج من كل محب لهم ولثورتهم، أو من كل راكب للموجة، فمن أسوأ آثار السوشيال ميديا أنها حولت كل من في يده موبايل، وفتح قناة على اليوتيوب، أو صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى خبير يلقي بنصائحه في كل شيء..
الثامن من ديسمبر 2024، الساعة الثالثة فجرًا، حيث كان الليل يختنق بصمت ثقيل، والعيون المجهدة تراقب شاشات صغيرة تنقل نبض الثورة. رسائل تتقافز، تغزو غرفنا المعتمة كأنها نذير فجر قادم. هناك، في دمشق، كانت سيارات الثورة تمزق سكون المدينة، تسير كأنها شهب من سماء غضبت أخيرًا..
المسار الانتقالي في سوريا الجديدة طويل وشائك، يحتاج إلى مثابرة وصبر، فهذا نظام جثم على صدور السوريين أكثر من خمسين عامًا، ارتكب خلالها أفظع الجرائم؛ فاعتقل، وعذب، وقتل عشرات الآلاف، ودمر المدن، وهجّر سكانها، وصنع من حاكمها إلهًا، وطوّع القضايا العادلة لخدمة وجوده وتحقيق أجنداته..
دعت جماعة العدل والإحسان المغربية كل مكونات الشعب السوري إلى رص الصفوف وتغليب مصلحة سوريا على باقي المصالح، من خلال حوار وطني شامل، يوحد الصفوف لتحقيق انتقال حقيقي نحو بناء دولة ديمقراطية تضمن الحقوق والعدالة الاجتماعية، وتصون كرامة كل السوريين، ويجعل من سوريا دولة قوية قادرة على تحقيق التنمية المرجوة والوحدة الوطنية المطلوبة والمساهمة في نهضة الأمة ورفعتها.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "إن سقوط حكومة بشار الأسد يمنح السوريين فرصة غير مسبوقة لرسم مستقبل جديد قائم على العدالة، والمساءلة، واحترام حقوق الإنسان".
أكدالناشط الحقوقي والسياسي السوري المحامي هيثم المالح، أن الخطوات التي اتخذها الثوار في سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد فجر أول أمس الأحد، معقولة، لكنها تحتاج إلى مزيد من الترشيد من أجل تأسيس دولة سوريا المعاصرة..
بعد أكثر من خمسين عامًا من الاستبداد والقهر والظلم سقط نظام آل الأسد سقوطا مدويًا والفضل يعود لتضحيات الشعب السوري العظيم الذي ناضل وكابد وقدم الغالي والنفيس على مذبح الحرية، وخاصة في السنوات الثلاثة عشر الأخيرة.
رحب رئيس الحكومة المغربية الأسبق الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، بنجاح الشعب السوري في الإطاحة بنظام الاستبداد ووضع حد لحقبة سوداء من تاريخ سوريا الحديث والمعاصر أشرف عليها الأسد الأب وابنه..
قال وزير الثقافة المغربي الأسبق الكاتب والشاعر المغربي محمد الأشعري في تعليق له على التطورات المتسارعة في سوريا: "سقوط النظام السوري نقطة ضوء في الليل الطويل الذي يعيشه الشرق منذ السابع من أكتوبر والمذابح التي نظمها الكيان الصهيوني في أكبر انتقام جماعي عرفته المنطقة"..