كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن ما يمكن وصفه بـ"الصراع المحتدم" بين الرئيس الفلسطيني
محمود عباس، والأسير
مروان البرغوثي، في أعقاب قيام الأخير بقيادة أكبر موجة إضراب عن الطعام تقودها الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية على مدار ستة عقود.
وقال الكاتب عاموس هرئيل في مقالة له الخميس الماضي، إن الرئيس عباس يشعر بحرج كبير من إضراب البرغوثي الذي يأتي قبيل زيارته للولايات المتحدة، ولقائه الرئيس الأمريكي ترامب في أوائل أيار/ مايو القادم، موضحا أن استمرار هذا الإضراب حتى الشهر القادم سيقوض مساعي عباس لتحقيق مكسب سياسي مع الجانب الإسرائيلي في ولاية الرئيس ترامب.
وأضاف هرئيل أن الرئيس عباس أوعز إلى مستشاريه بخفض نبرة التصريحات على وسائل الإعلام المحلية عن إضراب البرغوثي، خوفا من تأجيج الشارع الفلسطيني، وانتقال أصداء هذا الإضراب إلى موجات غضب ومواجهات ستكون كالقنبلة التي ستنفجر في وجه عباس.
ونشر موقع " أن آر جي" تحليلا للخبير الإسرائيلي المختص في الشؤون الفلسطينية، آساف غيبور، عن
إضراب الأسرى الفلسطينيين، قائلا في مقالته التي نشرت الأحد، إن البرغوثي يسعى من خلال إضرابه إلى توجيه ضربة قاضية للرئيس عباس؛ بعد إقصائه المتعمد في
حركة فتح، بالرغم من حصوله على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية قبل نحو أربعة أشهر من الآن.
وأضاف غيبور أن البرغوثي بات يتمتع بقاعدة جماهيرية وحضور واسع في الشارع الفلسطيني، وخصوصا من منافس الرئيس في الحركة محمد دحلان، مشيرا إلى أن
حركة حماس تبدي تفاؤلا في البدء بحوار جاد مع البرغوثي، بدلا من الرئيس عباس، في حال توليه منصبا سياسيا في المستقبل، كون الرئيس عباس أثبت عداءه على الملأ لـ"حماس"، و"هذا الأمر هو التحدي الأبرز الذي يواجه عباس في هذه المرحلة" بحسب قوله.
زوجة البرغوثي ترد
من جانبها؛ أوضحت زوجة مروان البرغوثي، وعضوة المجلس الثوري لحركة فتح، المحامية فدوى البرغوثي، أن الإضراب الذي يقوده زوجها في السجون الإسرائيلية "لا يحمل أية أهداف سياسية كما يروج له مسؤولو السلطة الفلسطينية"، مؤكدة أنه "لا يعبث بأرواح إخوته في السجون؛ كي يقدم على هذه الخطوة لأهداف شخصية".
وأضافت لـ"
عربي21" أن البرغوثي "تم تهميشه بشكل مقصود من قبل الرئيس عباس، بالرغم من حصوله على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية لحركة فتح، ولم يوكل إليه أي منصب قيادي في الحركة"، لافتة إلى أن "هذا الأمر أزعج زوجي الذي أمضى عمره في السجون تضحية ووفاء لقضيته العادلة".
وأوضحت فدوى أن إضراب زوجها سيستمر حتى يقوم الجانب الإسرائيلي بتلبية كافة الشروط التي حددتها الحركة الأسيرة، مثمنة في الوقت نفسه موقف الفصائل والأحزاب السياسية التي ساندت البرغوثي في الإضراب الحالي.
وامتنعت عن الرد على سؤال حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية حاولت الضغط على زوجها لمنع حصول هذا الإضراب، مكتفية بالقول إن الأيام القادمة كفيلة بكشف الحقيقة التي يحاول الجميع أن يخفيها عن أبناء شعبنا.
وفي ملف الإفراج عن زوجها الأسير مروان؛ اتهمت فدوى الجميع بالتقصير في مساندة قضية الأسرى، بمن فيهم القيادي البرغوثي، مؤكدة أن "ملف الأسرى بشكل خاص يحتاج إلى دعم وتأييد ومساندة سياسية وشعبية وعربية ودولية كبيرة من أجل الإفراج عنهم".
وتجدر الإشارة إلى أن البرغوثي اعتقل من قبل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في 15 نيسان/ أبريل 2002 أثناء تواجده في أحد المنازل بمدينة رام الله، وحكم عليه بالسجن المؤبد خمس مرات و40 عاما، بعدما اتهمته "إسرائيل" بقيادة تنظيم حركة فتح في الضفة الغربية، والمسؤولية عن عمليات مسلحة نفذها الجناح العسكري للحركة "كتائب شهداء الأقصى"، وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين.
موقف حركة فتح
من جانبه؛ قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الذي تربطه علاقة وثيقة بالرئيس عباس، النائب عبدالله عبدالله، إن ما تبثه وسائل الإعلام الإسرائيلية من وجود خلافات داخل حركة فتح، هو عبارة عن محاولة يائسة لزرع شرخ في خاصرة الحركة، مؤكدا مساندة القيادة الفلسطينية لهذا الإضراب "حتى تحقيق مطالب الأسرى".
وأضاف عبدالله لـ"
عربي21" أن البرغوثي "شخصية وطنية ذات تاريخ نضالي يشهد به الجميع، وما يحاول الانفصاليون ترديده عن تهميش قيادة حركة فتح للبرغوثي في انتخابات الحركة الأخيرة؛ هو كلام عارٍ عن الصحة"، مبينا أن "الظروف في تلك الفترة لم تكن مواتية لتقليد البرغوثي أي منصب في مركزية فتح، كونه يقبع خلف قضبان السجون، ولا يستطيع ممارسة دوره الوظيفي كنائب للرئيس".
وبالرغم من دخول البرغوثي عامه الخامس عشر كأسير لدى دولة الاحتلال، فإن زوجته فدوى أكدت في مناسبات عديدة استعداد زوجها لتولي منصب الرئاسة الفلسطينية خلفا للرئيس عباس "إذا اقتضت المصلحة الفلسطينية ذلك، كما فعل الرئيس مانديلا في جنوب إفريقيا".
وأظهرت أحدث استطلاعات الرأي الصادرة عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في آذار/ مارس الماضي، أن البرغوثي هو الأوفر حظا في الوصول لكرسي الرئاسة الفلسطينية في حال أجريت أي انتخابات قادمة، حيث حصل على ما نسبته 40 بالمئة من الأصوات، وتلاه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بحصوله على 33 بالمئة، مقابل تراجع حظوظ الرئيس عباس إلى 26 بالمئة.