استغنت عن تكاليف العُرس ومظاهر الفرح في ليلة العمر، وقررت أن تهب كل ما لديها ولدى زوجها لأطفال الشوارع حين قامت عقب ثورة يناير بتأسيس مؤسسة (بلادي) لتأهيل أطفال الشوارع وتعليمهم وإنقاذهم من الوقوع فى مسارات الجريمة والعنف وإيذاء المجتمع، كان نجاحها لافتا للنظر واستطاعت أن تحقق انجازات على الأرض فى فترة قصيرة كانت مصر تنعم فيها بحرية الحركة وفعالية المجتمع المدنى وفتح الأبواب المغلقة.
وعقب 3 يوليو وما أتبعها من أحداث بدأت حملة ممنهجة ضدالمجتمع المدنى فى مصر طالت الكثير من الجمعيات والمؤسسات المحترمة، قام مواطن شريف بتقديم بلاغ ضد آية حجازى ومؤسستها يتهمهم بأنهم يجبرون الأطفال على المشاركة فى مظاهرات تأييد الإخوان، وقام مواطن آخر أيضا من فصيلة (المواطنين الشرفاء) بتقديم بلاغ آخر يتهمهم باختطاف الاطفال بهدف الاتجار بهم والاستغلال الجنسي!
وألقيت آية حجازى وزوجها فى السجن ومعهم المتطوعون بالجمعية فى مايو 2014 لتظل رهينة المحبس تحت وقع هذه الاتهامات العبثية، وخلال ما يقرب من ثلاثة سنوات من الحبس الاحتياطى رفضت آية حجازى التخلى عن الجنسية المصرية مثل ما فعل بعض المتهمين فى قضية قناة الجزيرة المعروفة بـ(خلية الماريوت)، كان يمكنها الخروج من السجن والعودة لأمريكا لكنها فضلت أن تظل بجوار شركاء حلمها وأن تدافع عن نفسها وقضيتها ضد اتهامات لا أصل لها.
كان الجميع يتعجبون لماذا التنكيل بهذه الفتاة؟ ولماذا التعنت معها، في سبتمبر 2016 طالب نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض أفريل هاينز في بيان بإطلاق سراح الناشطة الأمريكية من أصل مصري (آية حجازى) وأعرب هاينز في بيانه عن قلق الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما العميق تجاه سلامة جميع مواطني الولايات المتحدة بالخارج، مجددا دعوته بإطلاق سراحها، وعلى الفور ردت الخارجية المصرية حيث استنكر المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، إصرار بعض الدوائر الرسمية الأمريكية الاستهانة بمبدأ سيادة القانون والتعامل معه بانتقائية لدرجة المطالبة الصريحة بالإفراج عن أحد المتهمين وإسقاط التهم الموجهة إليه بمصر، لمجرد أنه يحمل الجنسية الأمريكية، مطالبا بإطلاق سراح جميع المسجونين المصريين لدى الولايات المتحدة الأمريكية!
وعقب الزيارة الرئاسية الأخيرة لأمريكا قضت محكمة الجنايات ببراءة آية حجازي وسبعة آخرين، من اتهامهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ(قضية مؤسسة بلادي)، تسارعت الاحداث وقالت وكالة رويترز أن مسؤولا بالإدارة الأمريكية أبلغها بأن المصرية الأمريكية آية حجازي، نقلتها يوم الخميس طائرة عسكرية أمريكية إلى الولايات المتحدة يرافقها مسؤول كبير بالبيت الأبيض، ووصلت إلى قاعدة أندروز الجوية على مشارف واشنطن، وقال المسؤول إن الرئيس دونالد ترامب طلب من الرئيس عبدالفتاح السيسي في حديث خاص المساعدة في القضية حين زار البيت الأبيض في الثالث من إبريل، ورافقت آية حجازي خلال الرحلة دينا باول نائبة مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض للشؤون الاستراتيجية، وعقب عودتها والاستقبال الحار الذى قام به الرئيس الامريكى ترامب وابنته لآية حجازى فى البيت الأبيض عبّر المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، عن سعادة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بإطلاق سراحها وأبرز مساعى ترامب للإفراج عنها بعد نحو ثلاث سنوات من احتجازها مع زوجها وستة آخرين وقال «سبايسر»، مساء الجمعة، إن "الرئيس مسرور لعودة آية حجازى وزوجها إلى الوطن (الولايات المتحدة) مرة أخرى، بعد ثلاث سنوات طويلة، وإن ترامب شارك بشكل مباشر، من وراء الكواليس، نيابة عنها، وأوضح للحكومة المصرية مدى أهمية الإفراج عنها وإعادته".
وغرّد ترامب على حسابه بموقع «تويتر»، بصورة لعلم أمريكى يرفرف مصحوباً بتعليق قال فيه: "مرحبا بك فى وطنك يا آية"، وهاشتاج "يحفظ الله أمريكا"!
أثارت صورة آية حجازى بجوار ترامب عاصفة من الجدل فى مصر كان أشدها بؤسا فريقان، الأول: مؤيدو السلطة والمطبلون لها الذين اعتبروا أن آية حجازى مجرد جاسوسة أمريكية وأن إرسال طائرة عسكرية خاصة لها ولقاءها ترامب يؤكد ذلك، ولم يجب هؤلاء عن سر براءتها المفاجئة ولم يفسروا لماذا أطلقت سراحها السلطة فى مصر طالما أنها جاسوسة!
الفريق الثاني: بعض المزايدين من معارضى السلطة الذين عبروا عن غضبهم من لقاء آية حجازى بترامب ووصفوها بعدم الوطنية وقالوا إنها كان يجب عليها رفض مقابلة ترامب!
يحتار المرء في معرفة كيف يفكر هؤلاء وهؤلاء، لم يجرب واحدا من المزايدين الاعتقال لمدة 3 سنوات فى سجن كريه ولم يفكر كيف تحملت هذه الفتاة المرهفة الحس كل هذه المحنة تمسكا بمبادئها وأفكارها ووفاء لرفاقها بينما كان يمكنها الخروج على الفور لو تخلت عن الجنسية المصرية، أما الآخرون من معسكر التخوين الهلامى فلم يستحوا ولم يسألوا أنفسهم: من الذى لفق هذه الاتهامات الباطلة لآية ورفاقها؟ ومن يعوض آية عن ثلاثة سنوات من العمر بلا ذنب خلف الأسوار؟ ولم يسألوا أنفسهم عن التناقض فى ما قاله ممثل الخارجية المصرية قبل خمسة أشهر وبين ما حدث لآية حجازى الآن!
كشفت قضية آية حجازى وتوابعها عن حقيقة تشوهنا النفسى مؤيدين ومعارضين –إلا من سلم من التشوه العقلى والنفسى- أمسكنا بالضحية وجعلناها سلعة للمزايدة والجدل وسكتنا عن الجناة الذين ارتكبوا فعل الظلم وإهانة الوطن سواء بظلمها أو حتى بالطريقة التى خرجت بها.
هنيئا لآية حجازي ورفاقها الحرية، ونتمنى أن يتحول الجدل الى قضية المعتقلين ظلما منذ ثلاث سنوات فى مصر ولا أحد يعنى بأمرهم وننساهم بين زخم الأحداث، وراء كل مظلوم ظالم ظلمه، ووراء كل ظالم مؤيد ومطبل له يدعمه ويشجعه على اقتراف المزيد، فلنتذكر من نسيناهم، الحرية لكل مظلوم ..
جعلتم من ايه حجازى مظلومه وبطله وتجاهلتم كل ما وراء الكواليس وما خفى كان اعظم
عبده
الثلاثاء، 25-04-201706:59 ص
ماذا يعني بعد 3يوليو؟ أما آن أن تسميه باسمه الصريح- أعني الانقلاب العسكري؟ ثم ماذا عن أكثر من ستين ألفا من الشرفاء وعلى رأسهم الرئيس المسلم الأسير محمد مرسي ؟