نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا حول
الإضراب عن الطعام، الذي بدأه الأسرى
الفلسطينيون في 17 نيسان/ أبريل الجاري، وما زال قائما حتى الآن، مشيرا إلى أن الإضراب يهدف إلى تسليط الضوء على السياسة غير العادلة واللاإنسانية التي تعتمدها السلطات
الإسرائيلية تجاه الأسرى.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الإضراب الذي دخل فيه حوالي ألف و500 أسير قابع في سجون
الاحتلال، لم يلق تجاوبا من السلطات الإسرائيلية، وكانت ردود فعل السياسيين الإسرائيليين صادمة، حيث صرح عضو الكنيست أورون حزان بأنه "لا توجد مشكلة حتى لو كان مآل جميع المساجين الموت نتيجة لإضراب الجوع، فالسجون مكتظة، في حين أن هناك مساحة كافية في جوف الأرض من شأنها أن تستقبل جثثهم".
ونقل الموقع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي أفاد بأنه "يجب ترك المساجين المضربين يموتون جوعا"، ووصفهم بـ"الصراصير السامة التي ينبغي إبادتها بالغاز، كما يجب إقامة معسكرات إبادة وإلقاؤهم فيها".
وأشار التقرير إلى أن المستوطنين الإسرائيليين أقاموا عن عمد حفلات شواء بالقرب من سجن عوفر؛ بهدف إثارة غضب الأسرى المضربين.
وأوضح أن المساجين دخلوا في هذا الإضراب وكلهم أمل في أن يظفروا بتعاطف جميع الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والشعبية، وأن يحققوا فرضية تأسيس حركة تضامن عربية أو ربما دولية؛ للضغط على "إسرائيل"، وإجبارها على تلبية مطالبهم المشروعة والإنسانية.
ولفت الموقع إلى وجود خمسة آلاف و600 سجين سياسي، بينهم 57 امرأة و13 قاصرا، داخل المعتقلات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن الإضراب شارك فيه جميع الأسرى، بمن فيهم القصر والنساء والمسنون والمرضى.
وأكد أنه "بعد انقضاء أسبوع على انطلاق الإضراب، بدأ يظهر على أجسام المضربين الهزال، كما أصبح عدد منهم يعاني من آلام المفاصل، والارتعاش، والصداع".
وأضاف أن معظم المضربين يعانون من أمراض مختلفة أخرى، على غرار تلين العظام، والسرطان، والروماتيزم، وضيق التنفس، والربو، وغيرها من الأمراض التي نتجت عن ظروف السجن الصعبة، بما في ذلك التعذيب وسوء التغذية، كما يحرم المضربون من أخذ دوائهم بشكل منتظم.
وعرض التقرير أسماء بعض المعتقلين الذين كانت أحكام سجنهم مجحفة، وما زال معظمهم قابعا في سجون الاحتلال، أبرزهم كريم يونس وماهر يونس، اللذان احتجزا منذ كانون الثاني/ يناير 1984، فضلا عن نائل البرغوثي الذي أمضى 36 سنة من حياته في السجن.
ورأى التقرير أنه يجب عدم النظر إلى
إضراب الأسرى على أنه طلب لتحسين ظروف الاحتجاز فقط، بل على أنه مطالبة بنيل الحرية؛ لأنهم بالأساس يرفضون البقاء في السجن، حتى وإن كانت شروط الاحتجاز تفي بالمعايير المتفق عليها خلال القرن الحادي والعشرين. فضلا عن ذلك، هناك حوالي 500 سجين سياسي محتجزون في سجون الاحتلال من دون أن توجه لهم أي تهم تذكر.
وقال إنه "عادة ما يحرم الأسرى السياسيون لدى إسرائيل من العلاج الطبي والفحوص الطبية المنتظمة، وكنتيجة لهذا الإهمال؛ لقي 13 سجينا مصرعهم. كما يتم أيضا حرمان المساجين من مقابلة ذويهم، إذ اقتصرت الزيارات العائلية على زيارة واحدة كل شهر. ومنذ بدء الإضراب عن الطعام، منعت السلطات الإسرائيلية المحامين أيضا من زيارة موكليهم".
من جانب آخر، بين التقرير أن العديد من المساجين السياسيين وضعوا في الحبس الانفرادي في سجني الجلامة وإيلان بمنطقة بئر السبع، وصودرت ممتلكاتهم الشخصية، وجردوا من ثيابهم، وتعرضوا لمضايقات عدة، بالإضافة إلى الضرب المبرح.
وتابع: "كما أن بعض المساجين خسر أحد والديه أو كليهما، دون أن تتاح فرصة تقديم يد المساعدة لعائلاتهم، على غرار الأسير محمود أبو سرور. بالإضافة إلى ذلك، أصبح بعضهم آباء أثناء احتجازهم في السجن، ولم يتمكنوا حتى من التمتع بشعور الأبوة، على غرار عدنان مراغة. ناهيك عن أن بعضهم لا يعرف أحفاده أو أبناء أخواته أو بناته سوى من خلال الصور".
ولفت إلى أن المساجين غالبا ما يحرمون من مواصلة تعليمهم أثناء فترة احتجازهم، وهو ما يجبرهم على القيام بالأنشطة التعليمية سرا، ما يكبدهم كثيرا من العناء، خاصة مع منعهم من إدخال الكتب والبحوث.
وأوضح أنه "يحظر على المساجين استعمال الهواتف، كما تتم مراقبة كتابة الرسائل. وفي بعض الأحيان تستغرق الرسائل عدة أسابيع، وحتى عدة أشهر، ليتم تسليمها"، مشيرا إلى أن "المساجين القدامى لا يعرفون شيئا عن مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت والكمبيوتر، كما أنهم لم يسمعوا أبدا عن الهواتف الذكية".
وفي الختام، قال التقرير إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل سيستمر الإضراب إلى أن تتم استعادة كرامة المساجين، أم ستلجأ "إسرائيل" إلى إطعامهم بالقوة، كما فعلوا مع المضربين عن الطعام في معسكر نفحة الصحراوي خلال عام 1980؟