رفعت سفارة
السعودية في
لبنان دعوى قضائية ضد
صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله ورئيس تحريرها إبراهيم الأمين والكاتب الفلسطيني المقيم في أمريكا سيف دعنا تتهمهم فيها بالإساءة لنظام الحكم في السعودية، بالإضافة إلى اتهام الرياض بالتواطؤ مع إسرائيل خلال حرب تموز عام 2006 على لبنان.
وقدم المحامي اللبناني وكيل السفارة السعودية في لبنان محمد التل الدعوى ضد مؤسسة الصحيفة ورئيس التحرير الأمين والكاتب دعنا على خلفية المقالة التي كتبها الأخير وهاجم فيها بقسوة النظام السعودي وحملت عنوان: "ثم جاء نصر الله: عن آل سعود وجامعة القرود".
وقال المحامي في الدعوى إن كاتب المقال المنشور في صحيفة الأخبار "يتهم المملكة العربية السعودية وباقي الدول العربية بالارتباط بالعدو الإسرائيلي تماهيها مع المشروع الصهيوني في فلسطين وقبولها بالهزيمة بوجه إسرائيل".
وأضاف المحامي أن "هذا يشكل قدحا وذما للمملكة العربيّة السعوديّة التي كانت على الدوام الداعم الأساسي للقضية الفلسطينية بوجه المشروع الصهيوني" وفقا للدعوى.
الأخبار اللبنانية المشتكى عليها لم تدخر فرصة من أجل مهاجمة السعودية وشنت عليها هجوما لاذعا وساخرا عبر مقال للكاتب بيار أبو صعب حمل عنوان: "بلى أيها السادة، في بيروت الإعلام الحرّ أقوى من آل سعود!".
ووصفت الأخبار النظام السعودي بـ"المساكين" وقالت: "لم يفهموا إلا أنهم قردة بالمعنى الحرفي وأسقط في يدهم معاذ الله يا جماعة الخير غوييم الشبات ربّما لكن قردة…!؟ ولعلّهم تذكّروا كيف كان يصوّرهم الشهيد ناجي العلي، فزادت نوبة الهستيريا!".
وأضافت أن "نفور تلك الأنظمة العربيّة الرجعيّة من المقاومة لأن إنجازاتها تعكس لتلك الأنظمة صورتها الحقيقية بما فيها من تبعيّة وتخاذل بل وتآمر وخيانة لكن لن نطلب من وكلاء الظلامية والانحطاط العربيين في القرن الحادي والعشرين لا أن يقرؤوا فرانسوا رابليه ولا جورج أورويل ولا لامارتين ولا زامياتين ولا حتّى ابن المقفّع… لا يمكن أن نطلب من هؤلاء أكثر من طاقتهم أن يفهموا الفرق بين المعنى المباشر والمعنى المجازي ولا أن يقدروا لغة الأدب والفن والشعر خارج مدائح إعلاميي البلاط ورقص محظيّاته".
وقالت الصحيفة: "أن يغضب آل سعود ليست هنا المشكلة فمهمتنا إزعاجهم، هم وسواهم، وإشعار الطغاة بالقلق وعدم الأمان. رسالتنا محاسبة الحكام، ورفع الصوت باسم الحق، وهز أساسات العروش المستبدة، ونكء جراح الضمير العربي المخدر، وكشف المسكوت عنه لكن المشكلة في شكل الرد: السفارة السعودية تبدو اليوم على قدر من الجسارة والغطرسة يجعلانها تستسهل اللجوء إلى المحكمة لمحاسبة جريدة لبنانيّة على جريمة كتابة مقالة رأي ذات نبرة نقدية".
ووصفت الشكوى الجزائيّة ضدّ الصحيفة بأنها "سابقة خطيرة تشكّل تحقيرا للإعلام وتهديداً حقيقياً للسيادة والديمقراطيّة".
وسخرت من السعودية بالقول إن "مملكة الخير بعدما اشترت بعض النخب اللبنانية، ودجّنت معظم الإعلام، وخدّرت الكثير من الضمائر وعلفت الثوار باتت تشعر ألا شيء يعيقها عن القضاء على البقيّة الباقية من الصحافة الحرّة في لبنان حين لا ينفع شراء الذمم".
وأشارت الصحيفة إلى أنها "تثق" بالقضاء اللبناني "رغم هشاشته للأسف شأنه في ذلك شأن كل مؤسسات الدولة المترنّحة".
قالت إنها "ستبقى تنتصر لسكان الجزيرة العربية حتى يزاح عن كاهلهم نير التخلّف والاستبداد وأيديولوجيا القرون الوسطى".
ولفتت إلى أن الدعوى المرفوعة ضدها تعني أنه لن يستطيع أي صحافي أن يكتب بعد اليوم أن السعوديّة "هي بؤرة الأصوليّة والإرهاب والتطرف بأيديولوجيتها ومناهجها ومؤسستها الدينية ولن نستطيع أن نكتب أن النظام السعودي هو أكثر الأنظمة تخلّفا وهمجيّة وظلاميّة وانحطاطا على الإطلاق في التاريخ المعاصر ولن نستطيع أن نكتب أن السعوديّة تقتل أطفال اليمن وتسحق أحرار البحرين وتساهم بشكل كبير في تدمير الحضارة السوريّة لتبني فيها ديمقراطية من النوع الذي خبرته هي منذ قرون".
وأضافت: "بل لم يعد يحق لنا أن نطالب بحق المرأة السعودية في قيادة السيارة، من دون أن نسيء للقامات التاريخيّة العظيمة، ونعرّض مصالح دولتنا العليّة للخطر".
وختمت بالقول: "لن نترك للفاجرين أن يملوا علينا حدود حريتنا. ولا أن يكتبوا تاريخنا لن تصبح بيروت ماخورا للطواغيت وسلاطين الجاهليّة سنبقى نناضل كي يأتي يوم تقوم في نجد والحجاز وجدّة والرياض نهضة فكريّة ونظام ديمقراطي ومجتمع منفتح تعددي وإعلام حرّ ومستقل أكثر من الإعلام اللبناني".
يذكر أن الكاتب دعنا قال في المقالة التي أغضبت السعودية وعلى إثرها رفعت دعوى ضده وضد صحيفة الأخبار اللبنانية إن "انتصاري
حزب الله التاريخيين على العدو الصهيوني أكبر بكثير من أن يحتملهما نظام آل سعود والقوى المهيمنة على المنظومة العربية الرسمية المسمّاة جامعة الدول العربية".
وقال دعنا: "كان تَشَكُّل هذه المنظومة الرسمية (جامعة الدول العربية) وهيمنة آل سعود عليها تدريجيا من أخطر آثار الهزيمة والعدوان عام 1967 إن لم يكونا أخطرها على الإطلاق".
وأضاف: "لهذا إن أردنا أن نؤرخ لقرار آل سعود وجامعتهم باعتبار حزب الله منظمة إرهابية علينا أن نبدأ من عام 1967 وليس 2016. فالقرار هو نتيجة لاستمرار وتصاعد مفاعيل الهزيمة في بنية المنظومة الرسمية العربية وتفاقم تماهيها مع مشروع الصهاينة الاستعماري في فلسطين".