نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا عن ترقب المواطنين
الإيرانيين من ذوي الجنسيات المزدوجة نتائج الانتحابات المقبلة.
وتبدأ الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى علي رضا ذو الفقاري، الذي عاد من بريطانيا لزيارة عائلته في طهران، حيث فوجئ الرجل البالغ من العمر 33 عاما، باتصال من مسؤول في الحكومة الإيرانية، عبر "لينكد إن"، يدعوه إلى العودة من بريطانيا، وإنشاء عمل بدعم كامل من الحكومة الإيرانية، والمساعدة على تطوير بلاده واقتصادها.
وينقل التقرير ، الذي ترجمته "
عربي21"، عن ذو الفقاري، قوله: "لقد تشجعت برؤية تكنوقراط في حكومة (الرئيس حسن)
روحاني، الذين منحوني منحة ومكانا لإنشاء شركة جديدة".
وتشير الصحيفة إلى أن ذو الفقاري ذهب إلى طهران للبحث عن فرص عمل في مجال تخصصه، بعد إنهائه الدراسة لنيل درجة الدكتوراة في الهندسة، وقضائه 11 عاما في بريطانيا، لافتة إلى أنه يعد واحدا من حملة الجنسيات المزدوجة، الذين أغرتهم حكومة روحاني الإصلاحية للعودة والعمل في بلادهم الأصلية، في محاولة منها للتغلب على مشكلة "تجفيف العقول".
ويستدرك التقرير بأن قرار بقاء ذو الفقاري من عدمه، هو أمر يعتمد على نتائج
الانتخابات الإيرانية، التي ستعقد في 19 أيار/ مايو الحالي، مشيرا إلى أنه يترقب نتائج الانتخابات ومن سيفوز فيها؛ روحاني أم أحد مرشحي المعسكر المتشدد.
ويقول ذو الفقاري للصحيفة: "من ناحية شخصية ومهنية، فإني أفضل البقاء هنا والمشاركة في الاتجاه الصاعد، لكن إن عادت إيران لعصر (الرئيس المتشدد محمود) أحمدي نجاد، فليس من المنطق لي ولعائلتي البقاء هنا والعودة إلى الخلف".
وتعلق الصحيفة قائلة إن مظاهر قلق ذو الفقاري حاضرة في عقول الكثير من حملة الجنسية المزدوجة قبل الانتخابات، التي يقول مديرو الشركات الإيرانية والمحللون الداعمون للإصلاح إنها اختيار بين استمرارية الانفتاح الحذر على العالم، أو العودة للسياسات الشعبوية الانغزالية، التي تبناها أحمدي نجاد.
ويلفت التقرير إلى أن حكومة روحاني سمحت منذ توليها السلطة عام 2013، بحراك اجتماعي وثقافي واسع، في الوقت الذي استخدمت فيه الاتفاق النووي المهم مع الغرب للتعاون معه وجذب الاستثمارات، منوها إلى أن هناك مشاعر خوف بين الإيرانيين، الذين يدعمون الإصلاح، من هزيمة مرشحهم الإصلاحي روحاني، وفوز متشدد يقوم بوقف هذه الاتجاهات كلها.
وتجد الصحيفة أن هناك الكثير من الأدلة التي تبرر قلق حملة الجنسية المزدوجة، ففي السنوات الأخيرة جرى اعتقال حملة الجنسية المزدوجة، باتهامات تتراوح من تناول الكحول الممنوع تناوله في الجمهورية الإسلامية، إلى التواصل مع المخابرات البريطانية والأمريكية.
ويورد التقرير نقلا عن محللين إصلاحيين، قولهم إن عمليات الملاحقة ما هي إلا محاولة من المتشددين في القضاء والقيادات في داخل الحرس الثوري لإقناع الآخرين بعدم الانضمام الى الجماعات المؤيدة للإصلاح.
وتنقل الصجيفة عن ذو الفقاري، الذي انضمت إليه زوجته من بريطانيا قبل شهرين، قوله: "سمعت عن اعتقال حملة الجنسية المزدوجة، إلا أن قلقي الأكبر يتعلق بمستقبل البلاد السياسي والاقتصادي في حال لم يتم انتخاب روحاني"، وأضاف متسائلا: "ماذا لو تم فرض عقوبات جديدة؟ فنحن نكافح الآن بسبب العقوبات، ولا نستطيع الحصول على التكنولوجيا الأمريكية مثلا، ووضع إعلانات على (فيسبوك) و(غوغل)".
ويفيد التقرير بأن أيا من منافسي روحاني الرئيسين، وهما رجل الدين والنائب العام السابق إبراهيم
رئيسي، وعمدة طهران الحالي محمد باقر
قاليباف، لم يظهرا توجها لإقامة علاقات قوية مع الغرب، حيث قال رئيسي لمؤيديه الأسبوع الماضي، إنه من الخطأ "البحث عن مساعدة من الخارج" لحل مشكلات البلاد الاقتصادية.
وتذكر الصحيفة أن روحاني واجه الهجمات التي انتقدت سجله، وتوقيعه الاتفاق النووي، قائلا إنها محاولة من أصحابها لجعل إيران معزولة عن العالم، وللحفاظ على مصالحهم المالية الخاصة، وأضاف: "تريدون منا أن نعود للوراء أربعة أعوام؟ لكننا لن نعود.. تريدون عودة فرض العقوبات من جديد على إيران".
وينوه التقرير إلى وجود ملايين من الإيرانيين في الشتات، ممن تركوا إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979، الذين تعدهم حكومة روحاني مجموعة غنية من المواهب، وتحاول جذبهم والاستفادة منهم في تطوير البلاد، مشيرا إلى أن حكومته بدأت بمبادرة قبل عامين لجذب هؤلاء الناس، وتلقت 3700 طلب، وعاد حتى الآن 600 شخص.
وتورد الصحيفة نقلا عن المتخرجة من جامعة هارفارد نشيد نابيان، قولها إنها كانت تفكر بالعودة إلى بلادها عندما اتصل بها مسؤول إيراني عبر "فيسبوك"، حيث اعتقدت في البداية أنها مجرد حيلة، لكن بعد لقاء نابيان، التي تحمل الجنسية الكندية، المسؤول الإيراني في طهران في كانون الثاني/ يناير، فإنها عادت لإنشاء "مركز طهران للإبداع الحضري"، وهي منظمة تركز على التخطيط الحضري.
وتقول نابيان، المهندسة البالغة من العمر 40 عاما، إنها ستنتظر لترى من سيفوز في الانتخابات، لكنها تتوقع أن يتباطأ الإصلاح لو فاز فيها متشدد، وتضيف: "قد يؤدي الإيرانيون في الخارج دور الجسر والمحرك من أجل إنشاء معايير وتقديم أفكار جديدة".
وتتابع نابيان قائلة للصحيفة: "تتقدم إيران للأمام، ولو تم انتخاب روحاني مرة أخرى فإن السرعة ستزيد، ولو لم ينتخب فإن العجلة ستتباطأ، لكن الاتجاه سيظل صاعدا".
وبحسب التقرير، فإن سيدة الأعمال الكندية الجنسية رحيلة، البالغة من العمر 35 عاما، ليست مقتنعة بالعودة، مستدركا بأنه رغم عودتها قبل عامين، إلا أنها قد تحزم حقائبها وتعود إلى كندا لو فاز رئيسي أو قاليباف.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول رحيلة: "لقد عدت إلى هنا لدى انتعاش الآمال بتحسن الحياة في ظل روحاني، الذي لم يحقق الكثير في مجال الاقتصاد، وسأفقد أي أمل في الإصلاح لو فاز رئيسي أو قاليباف".