شهدت الأيام القليلة الماضية استدارة قوية من الإعلام السعودي الرسمي صوب الخلافات المتصاعدة بين الرئيس
اليمني المخلوع، علي عبدالله
صالح، وبين جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ما بعث على التساؤل عن سر توقيت هذه الحملة الإعلامية، وهل تشير إلى إعادة ترميم وجه المخلوع صالح من جديد.
وكان لافتا ما نشرته الوكالة الرسمية
السعودية في تقريرين منفصلين؛ الأول أفاد بأن "الحوثيين هددوا باغتيال صالح" بعد بثهم لفيلم وثائقي يتناول حياة مؤسس الحركة، حسين الحوثي"، واتهامه بالمسؤولية عن قتله، فيما تناول الآخر "خطة يعدها علي صالح، من شأنها استعادة سيطرته على صنعاء من قبضة جماعة الحوثي".
دفع نحو المواجهة
من جهته، قال الأكاديمي اليمني والقيادي بحزب المؤتمر، عادل الشجاع، إن الإعلام السعودي يحاول اللعب على وتر الخلاف بين المؤتمر والحوثيين، اعتقادا من القائمين عليه بأن "هذا المسار يدفع الطرفين إلى مواجهة مسلحة". على حد قوله.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أنه سبق للمملكة أن فتحت حوارا مباشرا مع الحوثيين في ظهران الجنوب، بعد الاعتقاد بأن هذه الخطوة ستبقي بحزب المؤتمر وحيدا، حينها سيفكر بالصدام المسلح بينهما.
وأشار الشجاع إلى أن السعوديين ليس لديهم قراءة دقيقة لتركيبة تحالف الحوثي وصالح، القائم على ثوابت وضحها الحزب في كل المناسبات، بأن هذا التحالف ضد ما أسماه "العدوان"، وينتهي بانتهائه على اليمن. وفق تعبيره
وأوضح أن أي تقارب بين حزب المؤتمر (جناح صالح) مع السعودية لن يكون سوى في إطار وقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن. مؤكدا أن هذا ليس سرا، فهو مذاع في كل تصريحات قيادات المؤتمر وفي بياناته الرسمية.
ولفت القيادي في حزب صالح إلى أن الحزب حدد مساره واضحا، بأن تحالفه لن يكون مع طرف ضد طرف، وهو مستعد للذهاب لآخر العالم؛ من أجل وقف الحرب، وليس من أجل فتح جبهات جديدة.
اللعب على المكشوف
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أن الحملة التي يقوم بها الإعلام السعودي الرسمي لا تشير إلى "أي شكل من أشكال الصفقات السرية المحتملة مع المخلوع صالح بقدر ما تأتي في سياق اللعب على المكشوف؛ لإدراك الرياض بأن العلاقات بين شريكي الانقلاب متوترة، ولا تحتاج إلا إلى عود ثقاب فقط لتشتعل".
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن سقف المملكة واضح في اليمن، لا يقل عن إنهاء كامل لنفوذ إيران والتهديدات الخطيرة المحتملة للتنظيمات المسلحة المرتبطة بها، وربما أيضا إنهاء نفوذ القوى والتيارات الإسلامية الأخرى. حسب قوله.
وأضاف أن اللقاءات السرية لم تنقطع مع الحوثيين، والرسائل المتبادلة مع صالح لم تتوقف أيضا، وبوسائل مختلفة، لكنها تأتي في "إطار التدابير التكتيكية للسعودية التي لا تحتمل أي شكل من أشكال التسوية طويلة الأمد مع أطراف لا يؤمن جانبهم مطلقا"، على حسب وصفه.
وبحسب السياسي التميمي، فإن الأمر قد يندرج بصورة أكبر في إطار إرباك المشهد السياسي في صنعاء، وتصعيد التوتر في العلاقات المتوترة أصلا بين شريكي الانقلاب، وهذا قد يؤدي حتما إلى انهيار الصد العسكري الذي يشكله حلف الانقلاب حول صنعاء في الوقت الراهن.
وأوضح أن المخلوع صالح سارع للرد بطريقة غير مباشرة على هذه الحملة، عندما بالغ في الإشادة بإيران في كلمته الأخيرة أمام القطاع النسوي بحزبه، بل كرر مقولته عن المسؤولية السياسية للحوثيين في صنعاء، على الرغم من الشراكة القائمة في المؤسسات التي أقامها الانقلابيون في صنعاء.
وهذا الأمر -وفقا للتميمي- بسبب خوف صالح من ارتدادات الحملة الإعلامية السعودية على علاقته المتوترة بالحوثيين، الذين باتوا أوسع منه نفوذا في صنعاء، في ظل غياب أي ضمانات حقيقية للشراكة القائمة بينهما، سوى استمرار تهديد التحالف، وتقدم القوات الحكومية باتجاه صنعاء.