أشاد الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار
هشام جنينة، بقرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة، أمس السبت، بترشيح المستشار يحيى دكروري لرئاسة المجلس، والتمسك بمبدأ الأقدمية وإرسال اسمه منفردا لرئاسة الجمهورية.
وقال في حوار خاص مع "
عربي21" إن المجلس "انتصر للتشريعية الدستورية التي انتهكت بقانون الهيئات القضائية"، معربا عن أمله في أن "يصدق رئيس الجمهورية على قرار عمومية
مجلس الدولة بتعيين دكروري رئيسا للمجلس".
وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، أكد أنه لا ينتوي الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في منتصف حزيران/ يونيو 2018، قائلا: "ليس لدي أي أطماع سياسية"، مشيرا إلى أن المناخ السياسي لا يسمح بخروج انتخابات رئاسية ترضي جموع
المصريين.
وفي معرض تعليقه على الظروف الاستثنائية للرئيس محمد
مرسي، أول رئيس مدني منتخب، داخل سجون الانقلاب، قال إنها "مخالفة صريحة لحقه الدستورى والقانوني، وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر وتلزمها بمنحه كل الحقوق".
وإلى نص الحوار:
كيف تقرأ إصرار مجلس الدولة على تجاهل قانون اختيار رؤوساء الهيئات القضائية؟
أراه انتصارا للتشريعية الدستورية؛ فمجلس الدولة طوال تاريخه القضائي هو المحفل الذي يحتكم إليه الجميع حاكما أو محكوما، فعندما يحدث تغول على الشرعية الدستورية في حق مجلس الدولة ذاته، فإني أرى أن من واجبه - ليس اختيارا بل إلزاما - أن ينتصر للشرعية الدستورية التي انتُهِكت.
كيف ترى إذا آلية إقرار القانون؟
قانون الهيئات القضائية صدر دون أي نقاش أو حوار مع أصحاب الشأن، وصدر على عجل وبشكل مريب بالمخالفة للقواعد الدستورية التي كانت يجب أن تحكم هذا القانون. كان من الممكن تدارك وقوع هذه الأزمة بطرح القانون للنقاش، لا أن تقع الأزمة ثم نبحث عن مخرج أو إيجاد حل لها، كنت أرى أن من المواءمة السياسية بين سلطات الدولة القضائية التشريعية والتنفيذية أن يكون هناك حوار معمق يبتغى من ورائه الصالح العام. أما وأن هذا لم يحدث، أرى أنه كانت هناك رغبة لإحداث أزمة بين هذه السلطات الثلاث.
ما هي سيناريوهات النظام في التعامل مع مرشح مجلس الدولة؟
أتمنى على القيادة السياسية للدولة أن تستجيب لرغبة مجلس الدولة في مرشحها الجديد المستشار يحيى دكروري، فتاريخه القضائي الحافل لا يمكن معه استبعاده من سدة مجلس الدولة، خاصة أن هذا يتفق مع الأعراف والتقاليد القضائية المعمول بها من عشرات السنين في اختيار الأقدم لتبوء هذا المنصب.
هل المناخ السياسي مؤهل لإجراء انتخابات رئاسية تعددية؟
المشهد السياسي في مصر أشد إيلاما من أي وقت مضى، وشيء محزن ومؤسف أن ما يحدث على أرض الواقع يتنافى تماما مع خروج عملية انتخابية بما يُرضي جموع المواطنين المصريين.
إذا دعيتم للترشح كمرشح توافقي هل تقبل؟
صراحة لا نية ولا رغبة لي في الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة في 2018، ولست من الطامعين في أي منصب سياسي، ومؤمن بالرسالة التي أديتها سواء في سلك القضاء، أو فترتي رئاستي للجهاز المركزي للمحاسبات قبل عزلي من منصبي بشكل مخالف للدستور والقانون، ولكن هذه القضية تختلف عن قضية الانتخابات الرئاسية.
أرى أن مصر بها الوجوه الواعدة التي تصلح لتبوء رئاسة الدولة ودخولها في منافسة حقيقية، والمهم أن تكون منافسة حقيقية لا منافسة مصطنعة داخل أروقة أجهزة الدولة العميقة.
هل يؤثر قانون الهيئات القضائية على الانتخابات الرئاسية؟
أريد أن أؤكد أن آلية اختيار رؤساء الهيئات القضائية التي تمت بشكل معيب، سوف تلقي بظلالها على انتخابات الرئاسية المقبلة؛ فرؤساء الهيئات الذين سيتم اختيارهم عن طريق رئيس الجمهورية، بناء على القانون الجديد سوف تتشكل منهم لجنة الانتخابات الرئاسية التي سوف تشرف على مجريات العملية الانتخابية برمتها، وبالتالي هذا يضع رئيس الجمهورية في حرج بالغ أمام مدى مصداقية وحيادية هذه اللجنة، التي سيتم اختيارها بآلية هو يحددها بالمخالفة للقواعد المعمول بها عن ذي قبل في الانتخابات ماضية.
كيف يمكن ضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
أتمنى أن تحظى الانتخابات الرئاسية المقبلة برقابة قوية، وأن تكون هناك معايير تسمح بانتخابات حقيقية وليست مصطنعة، ولا نريد أن نصنع داخل أجهزة الدولة العميقة أو الأجهزة الأمنية من يؤدي دور المنافس بعيدا عن المنافسة الحقيقية، ولن يتأتى ذلك إلا برقابة محلية قوية، وتفعيل الدستور والقانون، ويساندهم فيها رقابة دولية أرى أنها أصبحت واجبة وليس اختيارا أو ترفا نسعى إليه.
هل تلمسون وجود نية للنظام الحالي في التخلي عن الحكم؟
أتمنى أن ينزل الجميع حاكما أو محكومين على رغبة الشارع، وأعتقد أن رئيس الجمهورية صرح مرارا وتكرارا أنه لن يستمر في الحكم يوما واحد إذا كانت هذه رغبة الإرادة الشعبية، ولكني أقول إن هذه الإرادة الشعبية يجب أن يحميها رئيس الجمهورية، ويحفظ هذا العهد والوعد الذي قطعه على نفسه، بإجراء انتخابات حقيقية شريفة تحت رقابة محلية ودولية حتى تعزز الثقة بمنظومة الحكم سواء بالتجديد له لولاية ثانية، أو باختيار غيره إذا ما ارتأى الشعب ذلك.
في أي نظام سياسي هناك معارضة ..لماذا هي غير موجودة الآن؟
اختفت نتيجة التضييق على المناخ السياسي؛ فالأفق السياسي مغلق، وطالبنا مرارا بفتحه، وها نحن مقبلون على انتخابات رئاسية ولا يمكن معها ممارسة سياسة سليمة وحقيقية في ظل وجود قيود دستورية وقانونية تتمثل في آلية خاطئة لاختيار رؤساء الهيئات القضائية التي سوف تتشكل منها لجنة الانتخابات التي سوف تشرف على انتخابات الرئاسة، وكذلك في ظل فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد بما يسمح باتخاذ إجراءات استثنائية مخالفة للقانون، ودون الرجوع للجهات القضائية، لتصيد أي عمل سياسي، أو محاولة إلصاق التهم به، أو محاولة الترهيب والتنكيل بأي عمل جاد تقوم به القوى السياسية في وضح النهار.
ما هو تعليقكم على ما صرح به الرئيس محمد مرسي بشأن وضعه في السجن؟
ما يحدث معه (الرئيس محمد مرسي) مخالفة صريحة لحقه الدستوري والقانوني، وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأراه كرجل قانون يتنافى بشدة مع هذه المعايير، كنت أتمنى أن يحظى الرئيس السابق محمد مرسي بالمعاملة نفسها، التي حظي بها الرئيس مبارك في أثناء محاكمته، حتى تكون هناك عدالة حقيقية.
لماذا لا يسمح للرئيس مرسي بممارسة حقوقه؟
في ظني أنه نتيجة الضغط السياسي ليس إلا، لا يوجد أحد من رجالات القضاء أو القانون له مصلحة في التنكيل بهذا الرجل بهذه الصورة المخالفة للأعراف القضائية والتقاليد الدستورية والقانونية، وللمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، والتي تلزمها – وليس اختيارا، أن يعامل معاملة قانونية بعيدا عن الخصومة السياسية، التي يجب ألا تؤثر على مجريات التحقيق والمحاكمة؛ ولكن للأسف الشديد فالخصومة السياسية أصبحت متدخلة بشكل قوي جدا.