أثار محللون تساؤلات حول حسابات المكاسب والخسائر التي يمكن أن تترتب على
الصفقات الاقتصادية والعسكرية التي تم إبرامها بين
السعودية والولايات المتحدة.
وتبلغ قيمة الصفقات التي أبرمت في الرياض، خلال أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، 460 مليار دولار.
وفي حضور تسعين شركة أمريكية وسعودية، أعلن البيت الأبيض السبت، توقيع اتفاقات تعاون اقتصادي وعسكري، بينها صفقات أسلحلة أمريكية للسعودية بقيمة 110 مليار دولار، بهدف التصدي لـ"تهديدات" إيران ودعم المملكة في "مكافحة الإرهاب".
وأبرمت شركة جنرال إلكتريك الأميركية صفقات بقيمة 15 مليار دولار، وتمت تعاقدات لشركة أرامكو، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، بقيمة خمسين مليار دولار، فيما منحت السعودية تراخيص للاستثمار لـ23 من كبرى الشركات الأمريكية، كما تم تأسيس شركة "ريثيون العربية" لتطوير أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة الذكية السعودية.
ترامب المحظوظ
وبعد تلك الصفقات، وصف الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام؛ ترامب بـ"المحظوظ"، في وقت يواجه فيه أزمة سياسية ببلاده قد تطيح به من الحكم، مشيرا إلى أنها "ستخفف الضغوط السياسية التي يتعرض لها ترامب في الداخل بسبب رعونته وحمقه السياسي".
وعبر صفحته في فيسبوك، تحدث عبد السلام عن مكاسب ترامب؛ بقوله إنها "ستوفر آلاف من فرص العمل للأمريكان، وبالتالي تخفض البطالة وتزيد معدل النمو الاقتصادي وتحرك الأسواق، وستضمن أيضا؛ تشغيل مئات المصانع الأمريكية لسنوات طويلة، خاصة مصانع الأسلحة التي فازت بصفقة 110 مليار دولار في عام واحد"، كما قال.
وأكد أن تلك الصفقات "ستدعم موقف ترامب في مواجهة الصين واليابان وأوروبا ودول النافتا (كندا وأمريكا والمكسيك) وغيرها، وتساعده في تطبيق سياسة الحمائية التجارية، لأن لديه صفقات موقعة بالفعل تعوضه عن فقدان أي صفقات أخرى في حال تطبيق سياسته التجارية"، وفق تقديره.
"بيت الطاعة الأمريكي"
ويرى أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم في إسطنبول، أشرف دوابه، أن أهم مكاسب ترامب الاقتصادية من زيارة السعودية هي الصفقات التي عقدها بـ460 مليار دولار.
وأشارالخبير الاقتصادي في حديثه لـ"عربي 21"؛ إلى خسائر العرب من مثل تلك الصفقات، وقال: "تصور لو أن العرب استخدموا تلك الأموال في التنمية بين السعودية وبعض الدول العربية وتركيا مثلا.. تخيل كم العمالة العربية التي كان من الممكن تشغيلها، وكم المشاكل الاقتصادية والسياسية التي كان يمكن حلها، بهذه المليارات"، وفق تقديره.
وأكد دوابه "أن القضية الأساسية عند العرب هي الدخول لبيت الطاعة الأمريكي من بوابة الاقتصاد، فلا يمكن إبعاد الاقتصاد عن السياسة التي تحركه"، معتبرا أن "مكاسب قادة العرب من تلك الصفقات هي الجلوس على كراسيهم وإرضاء واشنطن صاحبة المكاسب على الإطلاق"، على حد قوله.
تخدم بن سلمان وترامب
ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي، أبوبكر الديب، أن صفقات ترامب مع السعودية قد تعيد هيكلة الشرق الأوسط اقتصاديا وسياسيا، وقال إنها تمثل منعطفا جديدا؛ ربما تتغير معه الأحداث السياسية والاقتصادية بالمنطقة.
وحول مكاسب الجانبين، قال الديب لـ"عربي21"؛ إن الصفقات الجانبين السعودي والأمريكي تحقق ملايين الوظائف لمواطني كلا البلدين في مجالات الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا، كما أن الاتفاق على ضخ تلك المليارات في الاقتصاد الأمريكي، يفتح السوق السعودية أمام الشركات الأمريكية"، على حد قوله.
وأوضح أن تلك الصفقات "تدعم خطة ترامب لتطوير البنية الأساسية الأمريكية، وتعزز مكانته في بلاده، في الوقت الذي تدعم فيه رؤية محمد بن سلمان 2030، لتحرير الاقتصاد السعودي، وخطته في تنويع مصادر الدخل الاقتصادية لبلاده وعدم الاعتماد على النفط فقط".
وحول صفقات السلاح التي عقدت بين الجانبين، أكد الديب "أن عقد صفقة أسلحة بمليارات الدولارات، تضم أنظمة أسلحة متطورة للجيش السعودي، تهدف لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والذي يؤثر بدوره على السلم العالمي"، كما قال.
الهدف الخفى
ويرى الكاتب والمحلل، إبراهيم فايد، أن "الرؤية العامة تقول إن العرب، وتحديدا السعودية، سيتنازلون كثيرا عن عوائد اقتصادية ضخمة لصالح واشنطن، مقابل مكاسب عسكرية وإمدادات حربية مختلفة للسعودية، والدول العربية كمساعدة للقضاء على الحوثيين في اليمن وكذلك تنظيم الدولة"، وفق تقديره.
وأضاف فايد لـ"عربي21"؛ أن "تلك الرؤية ليست وليدة اليوم، ولا مرتبطة بزيارة ترامب وفقط، ولكنها بالفعل بدت واضحة منذ عدة أسابيع، حينما تبرعت السعودية للولايات المتحدة بمبالغ طائلة من أجل تطوير البنية التحتية الأمريكية كما أشيع حينها".
وأكد فايد أنه "لا يجب التغافل عن أن المساعدات العسكرية الأمريكية للعرب ليست حبا فيهم، ولكنه ترويج وتسويق جيد للسلاح الأمريكى ولسوق السلاح أغلى الأسواق تربحا"، على حد وصفه.
واعتبر "أن الهدف الخفي من ذلك وهو تأجيج الصراع بالمنطقة وضمان اشتعال الأزمات بشكل دائم".