هاجم الأمين العام للمركز العالمي لمكافحة التطرف (
اعتدال)، ناصر البقمي جماعة الإخوان المسلمين، بأنها "تاريخيا وراء كل تطرف، وهم المظلة الحاضنة لكل الجماعات التكفيرية، فكأنها الجناح السياسي والجماعات المسلحة والجناح العسكري".
وكان لافتا استهلال البقمي لمنصبه، باتهام الإخوان والسروريين في تغريداته على حسابه الرسمي في "تويتر"، بأنهم "يتفننون باستخدام التقية لإخفاء توجهاتهم مخادعة للناس في سبيل استقطاب المجندين، من واجبنا التنبيه على خطرهم وكشفهم"، على حد قوله.
ووفقا لمحللين فإن هذه التصريحات تؤشر على أن جماعة الإخوان باتت مستهدفة بشكل جدي ومباشر، ضمن أعمال ونشاطات المركز العالمي لمكافحة التطرف الذي تم تدشينه هذا الأسبوع في زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للسعودية.
اقرأ أيضا: التميمي: قمة ترامب تهدف لمحاربة الحركات الوسطية لا إيران
من جانبه انتقد المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، سالم الفلاحات تلك التصريحات، ووصفها بالمتحاملة جدا على الجماعة، لأنها تصنفها تصنيفا خاطئا وظالما.
وقال الفلاحات: "إن أفكار الجماعة مقررة بشكل واضح في أدبياتها، منذ زمن المؤسس حسن البنا رحمه الله، وتم التأكيد عليها في عهد المرشد الثاني حسن الهضيبي، حينما هاجت فتنة التكفير في السجون، فتصدت لها الجماعة بإصدار الوثيقة المعروفة (دعاة لا قضاة)".
وأضاف الفلاحات لـ"
عربي21": "لم يعرف عن الجماعة خلال مسيرتها الطويلة أنها دعت إلى التكفير أو مارسته، بل موقفها واضح جدا بنبذ التكفير والابتعاد عنه والتحذير منه".
وتابع: "مما لا يخفى على أحد أن جماعة الإخوان لا علاقة لها بالجماعات التكفيرية، وهي متهمة عند تلك الجماعات بالتفريط وتمييع الإسلام"، متسائلا: "كيف يقال بعد ذلك إنها هي المظلة الحاضنة لتلك الجماعات؟".
وأشار الفلاحات إلى أن جماعة الإخوان متصالحة مع مجتمعاتها، وقد اختارت المشاركة في الحياة السياسية تحت مظلة الدستور والقانون، ومن خلال مؤسسات الدولة القائمة، مؤكدا أن الجماعات التكفيرية تكفر الديمقراطية، وتهاجم بشدة كل من يقبل بالخيار الديمقراطي.
وبيّن الفلاحات أن الإخوان دعوة إسلامية إصلاحية، يقوم عليها أناس يعتريهم ما يعتري سائر البشر من الخطأ والنقص والخلل، فلو أن المنتقدين انتقدوا أخطاء الجماعة، وأشروا على مظاهر الخلل في مسيرتها، لكان ذلك مقبولا وممدوحا.
اقرأ أيضا: الإخوان: المشبوهون من يتحالفون مع الصهاينة ويصطفون مع القتلة
بدوره أكد الأكاديمي المصري الباحث في الحركات الإسلامية، كمال حبيب أن ما تتبناه جماعة الإخوان المسلمين في مسائل الكفر والإيمان داخل في مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة، ولا يوجد لديها ما تخالفهم به.
ولفت حبيب إلى أن ما قرره مؤسس الجماعة، حسن البنا في الأصول العشرين "لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما، إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن.." يتوافق مع المقرر في معتقد أهل السنة والجماعة.
وبيّن حبيب أن الشيخ حسن البنا ابن المرحلة الليبرالية المصرية ذات الطابع الوسطي، فتوجهاته الدينية كانت بعيدة عن التكفير والعنف في المجمل، مضيفا أن البنا كان ضد الثورات، وأعلن عن موقفه ذاك مرارا.
وجوابا عن سؤال "
عربي21" هل طرأ على الجماعة تحولات في عقائدها بعد مقتل البنا؟ قال حبيب: "الجماعة حافظت على توجهاتها العقائدية بعد مقتل البنا، وفي مرحلة الستينيات حينما ظهر فكر التكفير في السجون، تصدى المرشد الثاني ومعه مجموعة من علماء الجماعة لذلك الفكر، وأصدروا الكتاب المشهور (دعاة لا قضاة)".
وأوضح حبيب أن الهضيبي أراد في هذا الكتاب الرد على أفكار أبي الأعلى المودودي، في كتابه المصطلحات الأربعة في القرآن، والتي تأثر بها سيد قطب فيما بعد، واستخدم بعدها في كتاباته مصطلحات جديدة كالجاهلية والمفاصلة وما إلى ذلك.
ورأى حبيب أن موقف البنا كان واضحا بخصوص التكفير، وهو نبذه والتحذير منه، لكن موقفه من العنف ظل مواربا، الأمر الذي فتح الباب لتأويلات وتحليلات متعددة بشأن موقف الجماعة من العنف وممارسته، على حد وصفه.
واعتبر حبيب أن الجماعة في وقتنا الحاضر تحتاج إلى موقف واضح وصارم من قياداتها بشأن استخدام العنف لوأد الفتنة من داخلها، تماما كما فعل المرشد الثاني الهضيبي حينما أطلت فتنة التكفير الأولى، فواجهها بموقفه المبدئي الصارم المعلن في كتابه (دعاة لا قضاة).
اقرأ أيضا: الإمارات تحرض على الإخوان في القمة العربية الأمريكية
بدوره رفض رئيس أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا في غزة، محمد إبراهيم المدهون اتهام الجماعة بأنها "تتفنن في استخدام التقية" فتظهر خلاف ما تبطن من عقائد وأفكار.
وقال المدهون لـ"
عربي21": "يقف المتتبع لمسيرة الجماعة، وقد عايشت أنظمة حكم مختلفة، إبان الاحتلال والملكيات والجمهوريات، على وضوح مبادئها، وثبات مواقفها، وكانت دائما منسجمة مع ذاتها فلم يخالف ظاهرها باطنها".
وأضاف: "لقد حافظت الجماعة على منهجيتها في العمل الدعوي السلمي، وكانت واضحة في أدواتها وآليات عملها، وهذا ما عرضهم لنقد شديد من قبل الآخرين، لكنه يشير إلى وضوح الجماعة وثباتها على منهجيتها وأساليبها وأدواتها".
ونوه الأكاديمي الفلسطيني بأن الإخوان ما زالوا ثابتين على منهجيتهم التي لطالما أعلنوا عنها، وقد تحملوا بسبب وضوح منهجيتهم، وثبات مواقفهم تكاليف باهظة ومرهقة.
في السياق ذاته رأى الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية، مصطفى زهران أن تضييق الخناق على جماعة الإخوان ومحاصرتها هو ما سيدفع ببعض تياراتها عنوة لتبني الفكر التكفيري، وربما اللجوء إلى العمل العنفي.
وتساءل زهران في حديثه لـ"
عربي21": "من المستفيد في حال تحول الجماعة من حركة دعوية إصلاحية إلى حركة ثورية راديكالية؟ ".
وحذر الباحث المصري زهران من عاقبة سياسات قمع الجماعة ومحاصرتها، لأنها ستنتج موجات جديدة من التطرف والغلو، وستوسع دوائر العنف كردود فعل على القمع الذي تمارسه الأنظمة بحقها؟