نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للكاتب لورنس بنتاك، يقول فيه إن عجلات تحالف
ترامب مع الدول الإسلامية ضد الإرهاب بدأت بالانفلات، مشيرا إلى أن هناك ارتياحا صامتا في العاصمة
الباكستانية.
ويقول الكاتب: "كان الأمر يبدو هينا لدى النظر من نوافذ القصور التي عقدت فيها قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمريكا والسعودية وعشرات الدول الإسلامية ضد
إيران في (معركة بين الحق والباطل تدمر الإرهاب الذي يهدد العالم)".
ويعلق بنتاك في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا: "جميل أن يختزل حل صراع عالمي في 140 حرفا، والآن تمزق غطاء الوحدة الرقيق إربا إربا، بإعلان
السعودية وحلفائها الخليجيين قطعهم للعلاقات الدبلوماسية مع الجارة
قطر، وهي العضوة في التحالف المفترض ضد الإرهاب، وإغلاق المعابر البرية والجوية والبحرية".
ويشير الكاتب إلى أن بيان السعودية قال دون إبداء شيء من التناقض: "لقد اتخذت المملكة العربية السعودية قرارها الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة، سرا وعلنا، طوال السنوات الماضية؛ بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض على الخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة، تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعة (الإخوان المسلمين) و(تنظيم الدولة) و(تنظيم القاعدة)".
ويتساءل بنتاك قائلا: "من كان يعرف أن السياسة في الشرق الأوسط الكبير معقدة إلى هذا الحد؟".
الباكستانيون وآخرون
ويلفت الموقع إلى أن صحيفة "دون" الباكستانية، وهي الصحيفة الرئيسية في البلاد، قالت تعليقا على الخلاف السعودي القطري الأخير، إن قمة الرياض "وسعت من الهوة الطائفية في العالم الإسلامي.. وقد تكون للتحالف العسكري ضد الإرهاب، الذي تقوده السعودية، أهذاف ضد التطرف، لكن الذي يتزايد اتضاحه هو أن المملكة تعده تحالفا ضد إيران".
ويقول الكاتب إنه "في أضواء الثريات البراقة، والكرات المضيئة، والصفقات التجارية بمئات المليارات، بالإضافة إلى هدية محترمة للجميعة الخيرية المفضلة لإيفانكا ترامب، فإن السعودية قامت بتحويل نفسها إلى الصديق المفضل للولايات المتحدة، وتحولت إيران إلى العدو العام رقم (1)".
ويضيف بنتاك أن "الكلام المعقد حول كون تنظيم الدولة تنظيما سنيا، ويستلهم الفكر والتمويل من السعودية ودول الخليج, وأن إيران شيعية تحارب تنظيم الدولة ترك كله على عتبة القصر".
ويجد الكاتب أن "دخول أمريكا بهذا الشكل في الشرق الأوسط، وانقساماته الطائفية، تركا باكستان، ذات الأغلبية السنية، التي يوجد فيها أقلية شيعية كبيرة، في وضع لا تحسد عليه، فحتى إن كانت السعودية تدعم باكستان بالمليارات، إلا أن إيران على حدودها".
ويرى بنتاك أن "توقيت القمة في السعودية كان صعبا بالنسبة لباكستان، حيث كان رئيس الأركان الإيراني هدد بضربات عسكرية لباكستان، بعد أن قامت مليشيات سنية من باكستان بقتل 10 جنود إيرانيين".
ويورد الموقع أن وكالة الأنباء الإيرانية نقلت عن رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حسين باقري، قوله: "لقد أصبحت مناطق باكستان الحدودية الشرقية ملاذا آمنا لتدريب وتسليح الإرهابيين، الذين تجندهم السعودية وتدعمهم أمريكا.. ولن نتحمل هذه الحال على الحدود المشتركة، وإن استمرت هذه الحال فإننا سنقوم بضرب الملاذات الآمنة للإرهابيين أينما كانت".
ويذهب الكاتب إلى أن "ما جعل الأمر أسوأ هو أن باكستان وافقت أن يقود أحد كبار جنرالاتها السابقين التحالف السعودي الجديد، وكون هذا التحالف أصبح تحالفا ضد إيران بشكل علني، فإن ذلك يضع صانعي القرار في باكستان أمام إشكالية كبيرة".
وينقل المقال عن مسؤول باكستاني حكومي كبير، قوله: "علينا السير على خط رفيع بين السعودية وإيران، وقد يكون هذا أمرا خطيرا"، مشيرا إلى أن الأمر خطير للجميع، خاصة أن باكستان دولة تملك أسلحة نووية.
ويقول بنتاك: "قد لا تكون إيران مستعدة لضرب السعودية، لكن قد تتشجع أن تضرب باكستان، لترسل رسالة إن لم تلعب إسلام أباد اللعبة بشكل صحيح، فإن السعودية وإيران تقتتلان في حربين بالنيابة في كل من اليمن وسوريا".
ويضيف الكاتب: "حتى لو لم يلجأ الجيش الإيراني إلى استخدام السلاح، فإن هناك طرقا كثيرة يمكن لإيران أن تسبب بها إزعاجا لباكستان، مثل وقف التجارة، وقتل خطط الإمداد بالكهرباء، التي يحتاجها بلد يعاني من انقطاعات في التيار لمدة 12 إلى 14 ساعة في اليوم، والأسوأ من ذلك كله، هو تحريك المشكلات في إقليم بلوشستان على الحدود المشتركة، عن طريق المتطرفين الشيعة الموجودين في أنحاء باكستان كلها".
ويتابع بنتاك قائلا: "إضافة إلى ذلك، فإنه لم يسمح لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بأن يخطب في المؤتمر؛ ربما لأن السعوديين كانوا يتوقعون أن يتحدث عن موقع بلاده الصعب، وهو ما اعتبره الكثير إهانة لباكستان".
وينوه الموقع إلى أن الصحافي كونوار خلدون شهيد كتب في مجلة "ذي دبلومات" قائلا: "وضع خطاب ترامب الملح على الجراح.. فلم يظهر ترامب الهند ضحية للإرهاب فحسب، لكنه لم يعترف بأن باكستان كذلك"، لافتا إلى أن ترامب رفض لقاء شريف؛ وربما يكون ذلك لأن الأمريكيين يريدون من باكستان فعل المزيد لضرب الحركات الإرهابية العاملة داخل البلاد.
ويعلق الكاتب قائلا إن "المضحك هو أن المنظمات التي تقلق واشنطن كثيرا هي مجموعات سنية من المتطرفين، تتكون في المدارس التي تمولها السعودية، التي توجد في كل مكان في باكستان، لكن دعونا لا نجعل الحقائق المعقدة تعرقل سياسة الخير ضد الشر".
ويبين بنتاك أن "العداوة بين السعودية وقطر، التي كانت على نار هادئة، لم تنتظر كثيرا بعد مغادرة ترامب للسعودية لتخرج للعلن، حيث بدأت (بتقرير من وكالة الأنباء القطرية) أشار إلى أن الأمير انتقد السعودية والإمارات وأشاد بإيران، وقال التقرير إن الأمير قال إن قطر عوملت معاملة غير عادلة من "بعض الحكومات التي تؤيد الإرهاب، عن طريق تبني نسخة متطرفة من الإسلام، لا تمثل حقيقته المتسامحة".
وبحسب الموقع، فإن التقرير المزعوم نقل عن الأمير قوله: "ليس من الحكمة معاداة إيران"، التي سماها القوة الإسلامية، وهو ما يعده السعوديون تجديفا، وأضاف بأن زيارة ترامب للسعودية كانت تهدف إلى صرف الأنظار عن التحقيق في موضوع العلاقة مع روسيا.
ويفيد الكاتب بأن الدوحة قامت مباشرة بالقول إنه تمت قرصنة موقع الوكالة، وإن التقرير كان مجرد "أخبار كاذبة"، منوها إلى أن ذلك كان من فعل محرضين نجحوا في إشعال توترات كانت مغطاة منذ المرة الماضية، التي تم فيها الخلاف حول السياسة تجاه الإخوان المسلمين في مصر، وتفاقمت حرب الكلام حتى وصلت إلى ذروتها يوم الاثنين.
ويشير بنتاك إلى أن صحيفة الاقتصادية السعودية قالت إن قطر كانت منذ نشأتها "إمارة الانقلابات والخيانة واللعب بالنار"، أما صحيفة الراية القطرية، فقالت: "انبحوا ما شئتم.. لن تغير قطر مبادئها".
ويجد الكاتب أن "هذه الحرب الدبلوماسية بين الأخوة في الخليج أعطت أملا لبعض المراقبين بأن ما يسمى بالناتو الإسلامي، الذي أعلنته السعودية باستعلاء، دون استشارة الحلفاء المفترضين، ليس سوى فرصة لأخذ الصور مع ترامب".
وينقل الموقع عن لي علي سروار نقوي، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في إسلام أباد، قوله: "إن اجتماع قمة واحدة لا يؤسس منظمة.. إنه كان ضبابيا، وكان مجرد كلام في الهواء، وليس هناك شيء ثابت، ولا أعتقد أن هناك مستقبلا لهذا التحالف".
ويعلق بنتاك قائلا إن "ما حصل من تهجم العرب على بعضهم يجعل هذا تنبؤا جيدا، وتكتفي باكستان بالانتظار، وليست هناك خطط للسير على خطى الدول التابعة للسعودية، مثل جزر المالديف، لمقاطعة قطر".
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن صحيفة "ذي اكسبرس تريبيون" الباكستانية قالت في افتتاحيتها: "المهم أن تبقي إسلام أباد مسافة جيدة بينها وبين الصراعات المتأججة في العالم العربي.. فهذه ليست معركتنا".