كشف "مصدر فلسطيني مطلع" لصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن رئيس
السلطة الفلسطينية محمود عباس يدرس في هذه المرحلة قرار الإعلان عن قطاع
غزة "إقليما متمردا"، بهدف الضغط على
حركة حماس ودفعها إلى التخلي عن حكمها في القطاع لصالح السلطة الفلسطينية.
ووصفت الصحيفة العبرية الخميس هذا الخيار بأنه "سلاح يوم الحساب"، لافتة إلى أنه في "حال اتخاذ مثل هذا القرار؛ فإنه سيتم إعلان حالة الطوارئ في قطاع غزة، وإصدار الرئيس أبو مازن لمرسوم يعتبر فيه حركة حماس حركة غير قانونية، ما يمنع نشاطها، ويصادر ممتلكاتها، وإصدار أوامر اعتقال ضد قادتها، ووقف دفع أموال موظفي القطاع العام في القطاع".
وأثار هذا التصريح تساؤلات حول حيثيات قرار اعتبار غزة "إقليما متمردا" من الناحية القانونية والتشريعية، وما يترتب عليه من آثار سياسية واقتصادية في حال المصادقة عليه من قبل الرئيس عباس.
الناحية القانونية
وقال عميد كلية القانون وأستاذ القانون الدستوري في جامعة غزة، أحمد حسنية، إن مصادقة رئيس السلطة الفلسطينية على اعتبار قطاع غزة إقليما متمردا "يعني من الناحية القانونية رفع يد السلطة عن كافة الالتزامات التي حددها القانون الأساسي لتنظيم العلاقة بين السلطة التنفيذية وبين أفراد الشعب".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "من شأن القرار إلغاء العمل بكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية منذ تأسيسها في عام 1993، ويترتب على هذه المؤسسات مسؤولية قانونية بضرورة وقف العمل بكافة المشاريع التي تشرف عليها في منطقة الإقليم المتمرد، وإلا فإنها ستتعرض لمساءلة قانونية قد تتطور إلى تجميد أرصدتها المالية في البنوك".
وأوضح أنه في حال اتخاذ هذا القرار؛ فإن "المنظمات الدولية، كالصليب الأحمر والهلال الاحمر والأمم المتحدة، ستضطر إلى إغلاق مقراتها العاملة في القطاع تحسبا لأي عقوبات قد تفرض عليها من المجتمع الدولي؛ في حال لم تستجب لتنفيذ القانون".
ولفت حسنية إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني "يمنح الحق للرئيس باتخاذ هذا القرار بعد مصادقة المجلس التشريعي عليه، وفي حال تعطل المجلس عن أداء مهامه لأي ظرف كان؛ يتم الرجوع إلى مجلس القضاء الأعلى للبت فيه؛ باعتباره أعلى هيئة قضائية في فلسطين".
التأثيرات الاقتصادية
من جانبه؛ قال وكيل وزارة التخطيط السابق في حكومة غزة، أسامة نوفل، إن "القطاع المالي والتجاري في قطاع غزة هو المتضرر الأكبر من هذا القرار في حال المصادقة عليه".
وأوضح أن من أبرز نتائجه "إيقاف السلطة الفلسطينية دفع رواتب موظفي القطاع العام في غزة الذين يقدر عددهم بنحو 60 ألف موظف، ووقف صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية الذين يبلغ عددهم قرابة الـ70 ألف أسرة في غزة، بالإضافة إلى وقف تحويل الأموال من وإلى بنوك القطاع، والتنصل من كافة الالتزامات المالية التي تدفعها السلطة للقطاع".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "احتياجات قطاع غزة من الكهرباء والمياه والوقود ستتوقف في حال اعتبرت غزة كيانا متمردا، ويعود ذلك إلى استيراد غزة الجزء الأكبر من هذه الاحتياجات عن طريق الجانب الإسرائيلي".
وتابع نوفل بأن من الآثار المتوقعة لهذا القرار "ارتفاع معدلات البطالة والفقر وسوء التغذية، وانتشار الجرائم، وانعدام الأمن التعليمي والصحي، وزيادة قضايا التعثر المالي في المحاكم الفلسطينية؛ بسبب عدم قدرة هؤلاء الموظفين على سداد التزاماتهم".
ردود الأفعال السياسية
وبالرغم من عدم صدور أي تعقيب رسمي من السلطة الفلسطينية حول هذه التسريبات الإسرائيلية؛ إلا أن أمين سر المجلس الثوري السابق في حركة فتح، أمين مقبول، قال في تصريح مقتضب لـ"
عربي21" إن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وسنتخذ منها ما تقتضيه المصلحة الوطنية لعودة الشرعية إلى السلطة الوطنية، والتي سلبتها حركة حماس لمدة 11 عاما".
من جانبه؛ قال نائب رئيس كتلة "حماس" البرلمانية في المجلس التشريعي، يحيى موسى، إنه "لا يحق لأي كان منصبه في السلطة الوطنية أن يعتبر قطاع غزة إقليما متمردا، كونه جزءا أصيلا من التراب الفلسطيني".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "محمود عباس فاقد للشرعية، وما يقوم به من قرارات مجحفة بحق موظفي وسكان القطاع هو إعلان حرب لن نقبل باستمرارها".
وفي تعليقه على إمكانية دخول قوات دولية لغزة في حال اعتبارها كيانا متمردا وفق الخطة المنسوبة للرئيس عباس؛ أكد موسى أن "موقف الحركة ثابت من هذه النقطة، وهو اعتبار كل جندي أجنبي يطأ بقدمه أرض غزة محتلا، وستتم مقاومته بالسلاح كما هو الحال مع الجانب الإسرائيلي".