نشرت منظمة
العفو الدولية، في الذكرى الخامسة لإلقاء القبض على
المدون السعودي رائف بدوي (33 عاما)، رسالتين من ابنتي رائف، نجوى وميريام، إلى والديهما، كتبتاهما بمساعدة والدتهما، إنصاف حيدر.
واحتجز المدون السعودي، رائف بدوي، بتاريخ 17 يونيو/ حزيران 2012 وصدر حكم بحقه عام 2014 بالسجن لعشر سنوات بتهمة إنشاء موقع إلكتروني للنقاش العام وبتهمة الإساءة إلى الإسلام. وحكم عليه بالجلد 1000 جلدة، وفي 9 يناير/ كانون الثاني 2015، جُلد رائف أول 50 جلدة في ساحة عامة في جدة.
وجاء في رسالة نجوى (14 عاما): "عندما تركنا السعودية لم أفهم ما حدث كنت في الثامنة من عمري. في أحد الأيام، استيقظنا نحن الثلاثة، أنا ودودي وميريام، لنجد والدتنا تجمع ملابسنا وتَدسهُا في حقائب سفر. كانت تجمع الملابس بعجلة والخوف بادٍ على ملامحها بحيث أنها أخافتني أنا أيضا".
وتابعت نجوى: "سألتها: "أمي ماذا حدث؟". ردت: "علينا أن نسافر سوية، وسيلحق بنا والدك بعد ذلك". شعرت بالصدمة واستغربت أنك ستتركنا نسافر من دونك. لم يكن الأمر منطقيا. طوال الرحلة، كنت أشعر بالغضب منك. ولكنني لم أتكلم. سنتان ولم تأتِ. وكنت أسأل والدتي دائما: "متى يأتي أبي؟"، وترد قائلة: "مسألة وقت حبيبتي وسيلحق بنا". وانتظرت. وعندما سافرنا إلى كندا، توقعت أن أجدك في انتظارنا في المطار. لكنك لم تكن موجودا. فأصبح غضبي حارقا. كنت غاضبة منك لأنك تركتنا. غاضبة منك لأنك تصورت أنك هجرتنا. غاضبة منك لأنك اعتقدت أنك كففت عن حبنا، وتركتنا وحدنا. لوقت طويل، شعرت بالقلق تجاه أمي".
واستطردت: "كل ذلك الوقت، كتمت غضبي، وتعاظم الغضب بداخلي، منكسرة الخاطر، وأشعر بالحيرة. إلى أن جاء يومٌ عرفت فيه الحقيقة: كنت مسجونا. كنت مسجونا لأنك عبرت عن رأيك الذي تؤمن به. وأنك مثقف ووطني ولم تكن لتختار البعد عنّا لو كان الخيار يرجع لك. كان من الصعب معرفة أنك كنت مسجونا طوال هذا الوقت، ولكنني ارتحت. ارتحت لفكرة أنك لا تزال تحبّنا وتفكر بنا، وتهتم بنا كثيرا. زال الغضب من داخلي وامتلأت بشعور الشوق والإيمان لك ولليوم الذي سأقابلك فيه مجددا.
واختتمت رسالتها: "واليوم بعد أن فهمت، ما زلت أنتظرك، مع مزيد من الأمل في قلبي. لعل ملكنا سلمان، سيعفو عنك ويُخرجك من السجن اليوم، ويسمح له باللحاق بنا. اليوم، اليوم قبل الغد".
أما ميريام بدوي (10 أعوام)، فكتبت قائلة: "أنا لا أذكر الكثير عن خروجنا من السعودية. لا أذكر الكثير. كنت في الرابعة عندما تركنا السعودية. أكثر ما أذكره هو الصور. أذكر صورة بابا. صورته مع ماما. تحملها معها في كل مكان. وصورته معنا، وهو يحَتضننا جميعا. تضعها في كل مكان جديد عشنا فيه. في مصر، في لبنان، ثم في كندا. تلك الصورة حاضرة دائما. أحاول أن أتذكرك".
وتابعت: "أحاول أن أتذكر كلامك، وحضنك، ولكنني أفشل. كنت َصغيره أتَعلق بثوب أمي عندما تركناه في السعودية وهربنا. رغم ذلك فأنا أعرف بابا! أعرفك جيدا. أعرف أنك طيب، أنت في الواقع أطيب الناس في العالم. وأعرف أنك تحبُنا بجنون. تحبنا كثيرا. وأنك تريد أن تكون معنا. الآن. في هذه اللحظة أكثر من أي شيء آخر.
وتقيم زوجة بدوي وأولاده البالغون 8 أعوام و10 أعوام و14 عاما منذ خريف 2013 بكندا، في شربروك في مقاطعة كيبيك، على بعد 130 كلم إلى جنوب شرقي مونتريال. وكررت حكومة كيبيك تأكيد دعمها للمدون السعودي المسجون.
وقالت وزيرة العلاقات الدولية لكيبيك كريستين بيار في بيان إن "الحكومة تكفلت بالعمل من أجل تعزيز احترام حقوق الفرد على الساحة الدولية (...) وسنواصل جهودنا للإفراج عن الناشط بدوي".
وقالت وزيرة الهجرة في المقاطعة كاثلين فايل: "إنها ذكرى حزينة يحييها اليوم بدوي وزوجته إنصاف حيدر وأولادهما الثلاثة" مؤكدة استمرار حكومتها في تقديم الدعم غير المشروط إلى "هذه العائلة المشتتة منذ فترة طويلة جدا" حتى الإفراج عن بدوي.
وحاز بدوي جائزة منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية التعبير عام 2014، وتسلمت عنه زوجته المقيمة في كندا، في ديسمبر 2015، جائزة ساخاروف لحرية التعبير التي يمنحها البرلمان الأوروبي.
وقالت زوجته إنصاف حيدر إن "خمس سنوات من السجن تكفي". وأضافت حيدر في كلمة لها في مدينة توبنغن الألمانية السبت (17 حزيران/ يونيو 2017): "تعبنا أنا وأطفالي من الانتظار". وتابعت بدوي: "من هذا المكان أطالب جلالة الملك سلمان بإطلاق سراح رائف ووضع حد لمعاناته وتمكين عائلتنا من لم شملها من جديد".