نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها مايكل بيل من بانكوك، حول تنامي قوة المتطرفين "الإسلاميين" في جنوب شرق آسيا.
ويقول الكاتب إن "هؤلاء المتطرفين لم يحققوا بعد حلم الخلافة، لكن كل يوم يمر في الحصار، الذي دام أسابيع، لمدينة في
الفلبين، يدل على تنامي قوتهم، حيث أن المسلحين لا يزالون يحتلون أجزاء من
مراوي، بالرغم من القصف الجوي، وأظهر الجيش مدى الدمار الذي يمكن لعصابات المتطرفين المتنقلة أن تحدثه في هذه المنطقة المترامية الأطراف، التي لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا كله يحدث تحت حكم رودريغو دوتيرتي، وهو قائد يعرف بـ"دوتيرتي هاري"، الذي يصف نفسه بأنه حازم في شؤون الأمن القومي، ويركز على خطورة التطرف، الذي ينتشر في الأراضي الوعرة والبحار غير الخاضعة للقانون في جنوب آسيا والدول الآرخبيلية، خاصة في جنوب الفلبين.
وتنقل الصحيفة عن الخبيرة في الإرهاب في جنوب شرق آسيا، والباحثة في معهد السياسات وتحليل الصراع في إندونيسيا سيدني جونز، قولها: "ما نراه هو تحرك على مستوى كبير لتجنيد مقاتلين من المنطقة، إنها المنطقة التي تسيطر عليها أطراف فاعلة غير حكومية، والأسلحة متوفرة، وهناك الكثير من حركات التمرد، أو الفصائل المتمردة، حيث هناك الكثير من الأشخاص المدربين على القتال".
ويجد بيل أن فشل الجيش الفلبيني في استعادة مراوي، بعد صراع تسبب بخسارة مئات الأرواح، يكشف كيف تحول اهتمام المتطرفين المرتبطين بتنظيم الدولة إلى آسيا، حيث بدأ التنظيم في خسارة أراضيه في الشرق الأوسط.
ويلفت التقرير إلى أن عدد المسلمين في آسيا أكثر منهم في العالم العربي، حيث أن عدد المسلمين في إندونيسيا، التي يصل عدد سكانها إلى 250 مليون نسمة، أكبر من أي بلد آخر.
وتذكر الصحيفة أن الصراع على مراوي، الذي بدأ بغارة فاشلة لقوات الأمن في 23 أيار/ مايو، بدأ يتكشف مع ادعاءات حول تنامي مشكلة الإرهاب في المنطقة.
ويورد الكاتب نقلا عن رئيس الأركان الإندونيسي تحذيره هذا الأسبوع من أن هناك خلايا نائمة في كل إقليم تقريبا من الأرخبيل، الذي يصل طوله إلى خمسة آلاف كيلومتر، مشيرا إلى أنه حتى دولة سنغافورة الصغيرة، التي تخضع لرقابة مشددة، كشفت هذا الأسبوع عن أنها قامت باعتقال أول متطرفة من رعاياها.
ويذهب التقرير إلى أن أزمة مراوي أكثر إثارة للانتباه؛ لأنها تكشفت بعد أن تلقت حكومة دوتيرتي تحذيرات من أنشطة إرهابية حول جزيرة منداناو التي ينحدر منها.
وتنوه الصحيفة إلى أن وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب، حذرت علنا من مخاوف من أن
تنظيم الدولة سيحاول إقامة خلافته في جنوب الفلبين، لافتا إلى قول الجنرال كارليتو غالفيز، وهو أحد كبار قادة الجيش في منداناو لـ"فايننشال تايمز" في تشرين الأول/ أكتوبر، بأن التهديد من الجماعات المتعاطفة مع تنظيم الدولة كان "وشيكا جدا".
ويقول بيل إن السلطات الفلبينية اعترفت منذ 18 نيسان/ أبريل بأنه تم إرسال مقاتلين متطرفين إلى مراوي ومدينتين أخريتين في المناطق المحيطة؛ للقيام بتفجيرات واختطاف سيارات وقتل رجال أمن.
ويشير الكاتب إلى أن تقريرا استخباراتيا، في تاريخ 18 أيار/ مايو، كشف عن خطة لمجموعة ثوار لاحتلال مراوي ورفع علم تنظيم الدولة، بحسب شهادة في المحكمة العليا، في قضية تتعلق بقرار دوتيرتي فرض القانون العسكري في 23 أيار/ مايو في الثلث الجنوبي للفلبين، لافتا إلى أن الحكومة تنكر أنها فشلت في اتخاذ الخطوات اللازمة عندما لاحت مؤشرات الأزمة، التي جعلت دوتيرتي يقطع رحلته لروسيا.
ويفيد التقرير بأن تركيز تنظيم الدولة أصبح على جنوب شرق آسيا أكثر وضوحا عندما تمت تسمية إسنيلون هابيلون -المستهدف من الغارة في 23 أيار/ مايو على مراوي- أميرا للمنطقة.
وتنقل الصحيفة عن السلطات، قولها إن مجموعة أبي سياف، التي ينتمي لها هابيلون، وضعت يدها في يد منظمة ماؤوت المحلية وعشرات المقاتلين الأجانب، في مؤشر على تكون تحالفات بين المتطرفين في المنطقة، مشيرة إلى أنه يمكن لهذه التحالفات جذب المزيد من الأعضاء من الشباب المحبطين، أو من المجموعات المسلحة الأخرى، ممن كانوا ثائرين لعقود في جنوب الفلبين.
ويورد بيل نقلا عن المحلل في صحيفة "فيليبن ستار" بو تشانكو، قوله: "المشكلة في منداناو هي أن لها جذورا تاريخية وثقافية، وسيأخذ حلها أجيالا"، منوها إلى أن حكومات المنطقة قامت بجهود متقطعة للضغط على تلك المجموعات، بما في ذلك جماعة أبي سياف، ومصادر دخلها، خاصة فيما يتعلق باختطاف السفن.
وبحسب التقرير، فإن كلا من الفلبين وإندونيسيا وماليزيا قامت بمحاربة القرصنة والتطرف "الإسلامي"، حول بحر سولو، من خلال إطلاق عملية عسكرية مشتركة في نيسان/ أبريل، لكن العملية تتحرك ببطء، حيث قال وزير الدفاع الفلبيني إن العملية تتم على "مستوى محدود"، دون توفر عدد السفن كاملا بعد.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول: "يبدو أن المتطرفين تكبدوا خسائر كبيرة في مراوي، حيث خسروا أكثر من 300 شخص، بحسب الجيش الفلبيني، لكن حجم هذا الرقم، والفترة التي استمر فيها المتطرفون في المقاومة، يدلان على أنهم أصبحوا قوة يعتد بها".