نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن الحرب السورية التي اتخذت منحى جديدا خلال الفترة الأخيرة، يتمثل في المواجهة بين
إيران والولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن واشنطن بصدد توريط نفسها أكثر فأكثر في الصراع الداخلي السوري، خاصة بعدما شنت القوات الأمريكية، في الآونة الأخيرة، العديد من الهجمات ضد قوات النظام السوري. وعلى خلفية هذه الخطوة، من الواضح أن واشنطن ستحاول استفزاز دمشق؛ حتى تقوم بالرد على ضرباتها، ما سيمنحها سببا وجيها لإعلان الحرب واستهداف دمشق والإطاحة بنظام بشار الأسد.
ونقلت الصحيفة عن عضو لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسية، إيغور موروزوف، أن موسكو قادرة على فهم منطق الإدارة الأمريكية. ومع ذلك، فإن الوضع لا يزال غامضا، ما جعل دمشق تمتنع عن اتخاذ أي إجراءات ضد الجانب الأمريكي. لكن ليس هناك سبب من شأنه أن يجعل الأسد خائفا من المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة. في المقابل، لا يعد نشوب حرب على الأراضي السورية ضد الولايات المتحدة خطوة إيجابية في اتجاه تسوية الأزمة، فضلا عن أنه لا يخدم مصالح الأسد، كما تقول الصحيفة.
وأفادت الصحيفة بأن
روسيا لا ترغب في التصعيد، وخير دليل على ذلك إصدار هيئة الأركان العامة قبل 10 أيام بيانا، جاء فيه أن الحرب في
سوريا توقفت فعليا. ووفقا للقوات العسكرية الروسية، فإن توافقات أستانة إلى جانب إنشاء مناطق وقف التصعيد في سوريا ساهمت فعلا في الحد من التوتر على الأراضي السورية.
وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة لا ترغب في وضع حد للحرب في سوريا. وفي هذا السياق، أعلنت هيئة الأركان العامة الروسية في البيان نفسه أن موسكو على يقين بأن واشنطن لا تكرس كل جهودها بهدف محاربة تنظيم الدولة، وإنما يقتصر عملها فقط على منع قوات النظام السوري من التقدم أكثر في اتجاه مواقع التنظيم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإستراتيجية الأمريكية التي تكرس كل قواها بالإضافة إلى قوى حلفائها لتحقيق مصالحها الخاصة، ترفض وضع حد للحرب السورية، إذ قد يضر انتهاؤها بمصالحها في المنطقة.
وترى الصحيفة الروسية أن واشنطن بصدد استغلال عناصر تنظيم الدولة على الأراضي السورية بهدف تحقيق أجندتها الخاصة، في حين أعربت العديد من الأطراف الأخرى عن عدم رضاها عن التصعيد في سوريا، الذي لا يخدم سوى المصالح الأمريكية، وفق الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الضربات الأولى التي وجهتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة نحو قوات النظام السوري قرب التنف لم يمكن المُراد منها استهداف قوات الأسد، وإنما استهداف القوات الإيرانية الموالية له بالأساس. ومن جهتها، زادت طهران من حجم مشاركتها في الحرب السورية بعد شن تنظيم الدولة لهجمات ضدها. وكرد على ذلك، قام الحرس الثوري الإيراني في 18 حزيران/ يونيو بتنفيذ هجوم صاروخي على مواقع تنظيم الدولة في سوريا.
وأكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة تستعمل حجة تعزيز إيران لسياستها الإقليمية في المنطقة كأداة في سبيل تعزيز القتال على أوسع نطاق في سوريا؛ خدمة لمصالحها.
وتقول إيران إن الهدف الرئيسي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط هو مكافحة الجماعات المسلحة، على غرار حزب الله، الذي يحظى بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني. وفي هذا الصدد، ستتخلى واشنطن عن ذريعة تدخلها في سوريا في حال انجرفت إيران نحو حرب كبرى ضدها.
وأوردت الصحيفة أن إيران هي الأخرى مهتمة بتوسيع مشاركتها في الحرب السورية. لكن الفرق الأساسي بينها وبين واشنطن يتمحور حول إسقاط الأسد. فبينما تسعى الولايات المتحدة إلى إزاحته عن السلطة، تتعهد إيران بتقديم دعمها الكامل له. وبالتالي، فإن نجاح الإيرانيين في الحفاظ على الأسد سيجعل بقية الأطراف في الشرق الأوسط تقر بمكانة إيران الهامة.
وأكدت الصحيفة أن التحدي الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة يتمثل في محاربة إيران لتنظيم الدولة داخل الأراضي السورية. علاوة على ذلك، ستكون هذه المواجهة بمثابة فرصة لدى طهران حتى تثبت أنها قوة مهمة في المنطقة، ولها مكانة لا يستهان بها. وبالتالي، ستكون الحرب السورية بالنسبة لإيران فرصة لإثبات مدى قوتها.
ونوهت الصحيفة إلى أن إيران تعوّل إلى حد ما على الدعم الروسي. في المقابل، تضع طهران موسكو أمام خيارين لا ثالث لهما، ففي حال اضطرت موسكو للوقوف بجانب الأسد وطهران في مواجهة عسكرية جديدة، فإنها ستضع كل إمكاناتها وعوامل نفوذها في سبيل هذه المواجهة. أما الخيار الثاني، فيتمثل في إلزام روسيا بالوقوف جانبا، ومراقبة "جزء" جديد من الصراع الإيراني الأمريكي على الأراضي السورية. وفي كل الحالات، ستفقد روسيا عامل المبادرة الاستراتيجية في سوريا؛ نظرا لأن الصراع بين واشنطن وطهران سيقوض ما عملت روسيا على تحقيقه طيلة سنوات.