علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على إطاحة
الملك سلمان بن عبد العزيز بابن أخيه ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وترفيع نجله الأمير محمد بن سلمان، ليكون وليا للعهد، قائلة إنه نهاية لما رآه البعض صراعا على السلطة، بين ولي العهد ونائبه، الذي جعل الكثير من أفراد العائلة يشعرون بالضيق لصعود
ابن سلمان، الذي لم يكن معروفا لأحد قبل وصول والده إلى العرش.
وتقول الصحيفة، في تقرير لمراسلها بن هبارد، إن القرار الذي اتخذ صباح الأربعاء يزيد من سلطة ابن سلمان، في وقت تعاني فيه البلاد من تراجع في أسعار النفط، والتنافس مع إيران، ونزاعات أخرى في الشرق الأوسط.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن صعود ابن سلمان في عام 2015، جاء مترافقا مع مراكمته للسلطات، من وزير الدفاع، وتوليه ملف النفط وشركة أرامكو العملاقة، والإشراف على رؤية 2030، التي تهدف إلى إصلاح الدولة وفطمها عن النفط، لافتا إلى أن مؤيدي ولي العهد الجديد أثنوا على عمله، وقالوا إنه يقدم رؤية فيها أمل لمستقبل البلاد، خاصة بالنسبة للشباب، الذين يشكلون غالبية السكان، أما نقاده فاعتبروه قليل الخبرة ومتعطش للسلطة.
ويلفت الكاتب إلى أن إعادة تشكيل نظام الحكم ينهي حياة محمد بن نايف السياسية، حيث ترأس وزارة الداخلية، وحظي باحترام من السعوديين والحلفاء الأجانب؛ لجهوده التي أدت إلى تفكيك تنظيم القاعدة داخل المملكة، مشيرا إلى أن الأمر الملكي أعفى
ابن نايف من منصبه وليا للعهد ووزيرا للداخلية.
وتقول الصحيفة إن
السعودية لا تزال إحدى الملكيات المطلقة في العالم، حيث تتركز السلطات في يد الملك، التي استخدمها سلمان بن عبد العزيز لتعزيز موقع أبنائه، لافتة إلى أن صعود محمد بن سلمان، الذي يعرف في الأوساط الأمريكية بمختصر اسمه "م ب س"، دفع مراقبي الشأن السعودي إلى الشك بأنه كان محاولة لترفيعه لولاية العرش، حيث راكم العديد من السلطات التي جعلته الأقوى في المملكة.
ويبين التقرير أن ابن سلمان، بصفته كان نائبا لولي العهد، فإنه أشرف على خطة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتخفيف القيود داخل المملكة، وبصفته وزيرا للدفاع، فإنه أشرف على عملية التدخل في اليمن، من خلال تحالف عربي لإخراج الحوثيين من صنعاء، مشيرا إلى أن الحملة لم تحقق سوى تقدم بسيط، ومضى عليها عامان، حيث تتهم منظمات حقوق الإنسان الطيران السعودي بقصف المدنيين، وتدمير الاقتصاد اليمني، ومفاقمة الأزمة الإنسانية؛ بسبب الحصار الجوي والبحري على أفقر دولة عربية.
وينوه هبارد إلى أن موقف ابن سلمان من إيران اتسم بالتشدد، حيث قال في مقابلة الشهر الماضي، إن الحوار مع القوى الشيعية مستحيل؛ لأنها تريد السيطرة على العالم الإسلامي، وأضاف: "نحن الهدف الرئيسي للنظام الإيراني"، واتهم طهران بمحاولة السيطرة على المشاعر المقدسة، وقال: "لن ننتظر حتى تأتي المعركة للسعودية، بل سنعمل على أن تكون المعركة معهم في إيران".
وتفيد الصحيفة بأنه ردا على تصريحات ابن سلمان، فإن المسؤولين الإيرانيين سارعوا لاتهام السعودية بالوقوف وراء تفجير طهران المزدوج بداية الشهر الحالي، رغم إعلان تنظيم الدولة مسؤوليته عن الهجومين، منوهة إلى أن السعودية تواجه إيران في عدد من النزاعات، في البحرين وسوريا واليمن، بالإضافة إلى أنهما تتنافسان في آسيا وأفريقيا.
ويورد التقرير أن ابن سلمان وجد أثناء صعوده للسلطة في ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد معلما له، وعمل الاثنان على عزل قطر، مشيرا إلى أن ابن سلمان تبنى موقفا مختلفا من ناحية تعزيز صورته، ومقابلة مؤسسات إعلامية، وأداء دور في الزيارات الخارجية، المخصص لولي العهد، حيث زار الصين وروسيا والولايات المتحدة، التي التقى فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويكشف الكاتب عن أنه في الوقت الذي يمدحه فيه المقربون له، بأنه يحب التفاصيل، ولا يخاف من المخاطرة، إلا أن صعوده للسلطة أثار ضغينة فروع في العائلة الحاكمة، الذين وجد أبناؤها أنهم همشوا على حساب أمير صغير، لم تكن لديه خبرة عسكرية، ولم يكن معروفا قبل عام 2015.
وبحسب الصحيفة، فإن آخرين انتقدوا خططه، بعرض أسهم من شركة "أرامكو" للبيع، وهي الشركة التي يعتمد عليها الاقتصاد السعودي ولعقود طويلة، لافتة إلى أنه تم تعيين نجل آخر للملك، وهو خالد بن سلمان سفيرا في واشنطن.
ويذكر التقرير أنه بحسب التقارير الصحافية، فإن مجلس البيعة صوّت لابن سلمان بـ31 صوتا، من أصل 34 صوتا، منوها إلى أن التلفزيون الرسمي عرض صورا لولي العهد السابق وهو يقدم البيعة لابن عمه.
ويشير هبارد إلى أن نجم ولي العهد الذي أطيح به بدأ بالتراجع مع صعود نجم ابن عمه، لافتا إلى أنه بصفته كان وزيرا للداخلية ومسؤولا عن الأمن الداخلي، فإنه قاد حملة ضد تنظيم القاعدة قبل عقد من الزمان، ولديه علاقات قوية مع المسؤولين الأمريكيين والغربيين، وتعرض في عام 2009 لمحاولة اغتيال من تنظيم القاعدة في اليمن.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الملك سلمان عيّن أميرا شابا غير معروف، وهو عبد العزيز بن سعود بن نايف، وزيرا للداخلية.