قالت صحيفة "واشنطن بوست" في
تحقيق لها، عما يشير إلى
تضارب مصالح لصهر الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، جارد كوشنر، إنه وقع عقدا مع "دويتش بنك" الألماني بقيمة 285 مليون دولار؛ لتمويل مبنى له قرب "تايمز سكوير" في مانهاتن في نيويورك، الذي كان يعود إلى صحيفة "نيويورك تايمز".
ويشير التحقيق، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن القرض جاء في لحظة حرجة، خاصة أن كوشنر كان يؤدي دورا مهما في حملة ترامب الرئاسية، في وقت كانت فيه الجهة المقرضة تقوم بالتفاوض لتسوية قضية تزوير عقاري، واتهامات من مراقب ولاية نيويورك بأنه ساعد في عملية غسيل أموال، لافتا إلى أنه تمت تسوية القضية في كانون الأول/ ديسمبر 2015، وكانون الثاني/ يناير 2016.
وتقول الصحيفة إن نشاطات كوشنر هي واحدة من مجموعة قضايا قد تكون محل اهتمام المحقق الخاص روبرت موللر، الذي عُين للتحقيق في الدور الروسي في انتخابات عام 2016، مشيرة إلى أن كوشنر يعد جزءا من تحقيق واسع، خاصة علاقاته مع مسؤولين روس.
ويلفت التحقيق إلى أن القضية تشير إلى محاولات صهر الرئيس موازنة دوره كونه مديرا تنفيذيا لشركة عقارية كبيرة، ودوره بصفته مستشارا كبيرا لترامب، مشيرا إلى أنه تم الكشف عن التحقيق الذي يجري في علاقة كوشنر مع السفير الروسي سيرغي كيسيالك ورئيس بنك "فيرشنيكوم بنك" سيرغي غوركوف، حيث كان القرض الذي حصلت عليه شركة كوشنر انتصارا، خاصة أنه اشترى طوابق فارغة في بناية في "تايمز سكوير" عام 2015، وقام بتأجيرها، ووقع العقد من "دويتش بنك"، وحصل على 74 مليون دولار، وهو ربح أكثر مما دفعه في المبنى.
وتورد الصحيفة نقلا عن البيت الأبيض، قوله في رد على أسئلة من صحيفة "واشنطن بوست"، إن كوشنر "لن تكون له علاقة بأي موضوع محدد له علاقة بـ(دويتش بنك)"، مشيرة إلى أنه تم التدقيق في القرض الذي حصلت عليه عائلة كوشنر من البنك الألماني، خاصة أن ترامب حصل على قروض كبيرة منه عندما ترددت المصارف الأخرى بسبب المخاطر المتعلقة به، وكانت للمصرف ديون على ترامب حتى العام الماضي بقيمة 364 مليون دولار.
ويذكر التحقيق أن الديمقراطيين في اللجنة المالية كتبوا في 10 آذار/ مارس رسالة، عبروا فيها عن قلقهم من تضارب المصالح في التحقيق في قضية غسيل الأموال الروسية، ولم ترد وزارة العدل فيما إن كانت تتابع التسوية التي توصل إليها "دويتش بنك" مع المراقبين الماليين في ولاية نيويورك، وطلب الديمقراطيون في 23 أيار/ مايو من المصرف الألماني الكشف فيما إن كان ترامب قد انتفع من الأموال الروسية، ورد البنك بأنه لا يستطيع الرد، مستندا إلى قانون الخصوصية الأمريكي.
وتبين الصحيفة أن رسالة الديمقراطيين تكشف إمكانية قيام المصرف بمراجعة لكوشنر دون ذكر اسمه، حيث ورد أنه تمت مراجعة حسابات "مودعة تخص أفراد العائلة، معظمهم يعملون مستشارين للرئيس"، وكتب الديمقراطيون أنه من المهم معرفة طبيعة القروض التي قدمها البنك لترامب وعائلته؛ لتحديد فيما إذا كانت هناك "صلة، أيا كان نوعها، مع
روسيا".
وينوه التحقيق إلى أن عملية إعادة التمويل من المصرف ذكرت في وثائق أعدتها مفوضية الصرافة والأمن كجزء من العرض العام للرهن العقاري المؤمن، وتم الحديث فيها عن كوشنر وشقيقه جوشوا بأنهما "الضامنان" اللذان يتحملان المسؤولية في حال تم خرق العقد، مشيرا إلى أنه في عقود كهذه فإن هناك حاجة لأكثر من ضمان عدم سداد القرض في وقته، حيث تعرف بلغة العقود بنود "الولد السيئ"، وهي إشارة للطريقة التي يقوم بها الطرف المقرض بتحميل الشخص المقترض مسؤولية الدين، في حال حصل تزوير، أو عدم إنفاق المال بحسب الاتفاق، أو الإعلان طوعيا عن الإفلاس، ويتم التفاوض على الشروط التي لا تشمل عادة اعتبارات الأضرار غير المقصودة بين الدائن والمدين.
وتنقل الصحيفة عن محامي العقارات جيمس شوارتز، قوله: "الطريقة التي يمكن النظر إليها هي أنه طالما أنك لست الولد السيئ، ولم ترتكب خطأ فيجب ألا تخاف"، وأضاف: "لو فعلت أمرا خطأ فعندها لديك ما تقلق بشأنه".
ويفيد التحقيق بأن القرض الذي ضمنه كوشنر شخصيا لم يذكر في الملفات المالية التي كشف عنها مكتب الأخلاق الحكومي، حيث قال بليك روبرتس، الذي مثل كوشنر، في تصريح للصحيفة، إن الطلب الذي تقدم به كوشنر "لم يذكر ضمان القرض"؛ لأنه اعتمد على الإرشادات المعمول بها في مكتب الأخلاق الحكومي، الذي ينص تحديدا على أن المتقدمين بطلبات "ليس مطلوبا منهم الكشف عنه بصفته قرضا قدموا له ضمانات، إلا في حالة تعهدوا بدفعه".
وتورد الصحيفة أن مدير مكتب الأخلاق الحكومي دون فوكس، قال في تحليل لما قاله محامي كوشنر، إنه وبناء على حجم المبلغ ربما نصح كوشنر بالكشف عن القرض للشركة؛ خوفا من تداعيات محتملة، وأضاف: "لو بقيت مديرا لمكتب الأخلاق الحكومي وجاءنا شخص بمجموعة من الحقائق لقلت له: (اكشف (عن المبلغ) بأي طريقة)"، في إشارة لروح القانون، وبعدما كشف فوكس عن رأيه اتصل محامي كوشنر به ليقول له إن المعايير الحكومية لا تحتاج إلى كشف.
ويبين التحقيق أن كوشنر كشف بشكل منفصل أنه ووالدته لديهما رصيد في "دويتش بنك" بقيمة 25 مليون دولار، مشيرا إلى أن صفقة "دويتش بنك" كانت الأخيرة التي قام بها كوشنر قبل انضمامه للبيت الأبيض، وكانت واحدة من مجموعة عقود معقدة قام بها أثناء عمله الذي امتد لعقد في مجال العقارات.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم تحويله المسؤولية عن عدد من العقارات؛ ليتجنب تهمة تضارب المصالح، إلا أنه لا يزال يحتفظ بمصالح في 90% من عقاراته، بما في ذلك الجزء الأكبر من مقرات "نيويورك تايمز" السابقة.
ويشير التحقيق إلى أن القرض من "دويتش بنك" بدأ أثناء حفلة في باول بولينغ في جزء من المبنى نهاية عام 2014، وعندها قرر كوشنر أن يحول ذلك المبنى إلى مركز سياحي مزدهر، لافتا إلى أنه قبل ملكيته للمبنى، فإنه اشترى عدة شركات بعد بيع صحيفة "نيويورك تايمز" المبنى بقيمة 175 مليون دولار لتشيمان سباير، الذي باعها بقيمة 525 مليون لصندوق استثماري اسمه "أفريقيا- إسرائيل للاستثمار"، حيث جاء قرار شراء هذا المبنى من مديرها المولود في أوزبكستان، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية ليف ليفييف، وهو من أغنى أغنياء العالم، ويعرف بـ"ملك الماس" لمصالحه المالية في أفريقيا وروسيا وإسرائيل، الذي كان يوسع مصالحه العقارية في إسرائيل.
وأخبر ليفييف صحيفة "نيويورك تايمز" بعد شرائه المبنى أنه صديق حقيقي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك من خلال عمله في منظمة يهودية في الاتحاد السوفييتي السابق، وكتبت الصحيفة أنه احتفظ بصورة لبوتين في مكتبه في إسرائيل، لكن شركته أكدت للصحيفة أن لا علاقة وثيقة لمديرها مع بوتين، لكنه التقى معه في سلسلة من المناسبات، وفي عام 2008، وبعد شرائه المبنى دعا ليفييف ترامب إلى مكان في ماديسون أفنيو يعود لثري اسمه "جويلري"، والتقطت لهما صور، وكان رجل الأعمال يأمل بالعمل مع ترامب في مجال العقارات في موسكو.
وبحسب الصحيفة، فإن كوشنر وجد بعد ستة أعوام فرصة لشراء المبنى لصالح مملكته العقارية، حيث تقول الشركة المالكة إنها قررت بيعه لأنه قدم أكبر عرض، نافية أن تكون هناك أسباب سياسية.
ويكشف التحقيق عن أن "دويتش بنك" وافق على تقديم القرض لكوشنر بعد تسويته قضية تتعلق بتأمين للرهن العقاري بـ7.2 ملايين دولار، بالإضافة إلى أنه دفع 425 مليون دولار لولاية نيويورك؛ لأنه فشل في متابعة تحويلات مالية كبيرة إلى روسيا.
وتذكر الصحيفة أنه بحسب الصحافة الإسرائيلية، فإن ليفييف، الذي كانت شركته تعاني من مشكلات مالية، باع المبنى المكون من 12 طابقا بقيمة 160 مليون جنيه دون الطوابق الأربعة للإيجار، لافتة إلى أن ابنة ليفييف، تشاغيت، قامت بتولي مسؤوليتها، وبدأت بالبحث عن مشتر للطوابق الأربعة، وقالت الشركة إنها لن تقبل بسعر أقل من 300 مليون دولار، وقدمت شركة كوشنر مبلغ 265 مليون دولار حيث تم رفضه.
وتختم "واشنطن بوست" تحقيقها بالإشارة إلى أن كوشنر قام بالتفاوض مع تشاغيت وغيرها، واستطاع الحصول على الصفقة بقيمة 296 مليون، وطالت عملية التفاوض، إلا ان كوشنر وزوجته إيفانكا التقيا مع تشاغيت في 4 أيار/ مايو 2015، بعد حفلة في متحف الميتروبوليتين، وتم وضع صور اللقاء على "إنستغرام"، ووقع العقد في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.