أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة لنظام بشار
الأسد، "عبد الله الغربي"، أن معبر نصيب الحدودي مع الأردن سيفتح قريبا، دون ذكر المدة الزمنية ولا التفاصيل.
فيما اتفقت روسيا وأميركا والأردن على مذكرة تفاهم تضمنت مبادئ إقامة "المنطقة الآمنة" في
درعا وريفها، بينها عدم وجود قوات غير
سوريا في إشارة إلى "حزب الله" وميليشيات تدعمها إيران بعمق 30 كيلومترا من حدود الأردن.
وكشف مسؤولون غربيون أن المحادثات الأميركية - الروسية - الأردنية التي بدأت في عمان منذ منتصف أيار/ مايو الماضي أسفرت نهاية الأسبوع الماضي عن الاتفاق على مذكرة تفاهم ثلاثية، فيها مبادئ "المنطقة الآمنة" جنوب سوريا، وكان الوفد الأميركي الذي ضم عسكريين ودبلوماسيين، اقترح ضم مناطق تشمل القنيطرة ودرعا وريف السويداء، بما فيها مناطق سيطرة القوات النظامية التي تمتد من دمشق باتجاه درعا من دون الوصول إلى حدود الأردن، في حين طلبت عمان ضم شرق السويداء إلى المحافظات الثلاث البادية وصولاً إلى معسكر التنف في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية.
واقترحت المذكرة أيضا عناوين رئيسية، بينها "عدم وجود قوات غير سوريا" في جيب عمقه 30 كيلومترا، ووقف النار بين القوات النظامية وفصائل "الجيش الحر"، وتمديد الهدنة التي أعلنت منذ فترة، ووقف العمليات الهجومية من الطرفين وتجميد القصف والغارات على مناطق المعارضة، إضافة إلى وجود مجالس محلية وإدخال مساعدات إنسانية وعودة اللاجئين من الأردن وإطلاق تبادل تجاري بين الطرفين ووجود "مجالس مؤقتة" للمعارضة بانتظار الحل السياسي بموجب القرار الدولي 2254، في المقابل يحق لنظام الأسد رفع العلم الرسمي، ووجود رمزي له وللمؤسسات العامة في المناطق والوصول من مدينة درعا إلى معبر الرمثا على حدود الأردن، ما يسمح للأسد بـ"نصر معنوي"، وفتح طريق التجارة الذي يخدم أيضا البضائع القادمة من لبنان إلى الأردن.
وعلق الكاتب والباحث في مركز الجمهورية للدراسات ميسرة بكور، قائلا: "بكل تأكيد دون مهادنة أو تسويف، التفاهمات الروسية الأمريكية الأردنية "
الاتفاق الثلاثي حول مناطق خفض التوتر أو إعادة رموز دولة تنظيم الأسد" إلى المناطق المحررة لا يخدم الثورة السورية وتطلعات شباب سوريا، بل هي دعوة واضحة للاستسلام والقبول بتنظيم الأسد والالتفاف على موضوع إسقاطه".
وتابع: "كيف لعاقل أن يقبل بهذه التفاهمات كيف نجيب أبناءنا وأشقاءنا عندما يسألوننا عن دمائهم التي ستذهب أدراج الرياح، كيف يطيب لهم أن يسوغوا إعادة استنبات تنظيم الأسد بهذا الإخراج السخيف والاتفاقات غير المناسبة بالنسبة للشعب السوري ومطالبه؟".
وأضاف، أن ما قاله متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، في تصريحات للصحفيين: إنه يتم العمل حاليًا على آلية تقضي بوجود قوات بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة في سوريا، أمر يدعو لمزيد من القلق، فكيف يمكن تسويغ نشر قوات روسية في إدلب أو ريفها، وماذا يعني رفع أعلام تنظيم الأسد وحضور رسمي له في مناطق درعا المحررة وخاصة معبر نصيب الحدودي، وفتح منفذ له مع الأردن؟ لا يمكن أن أفسر هذا إلا بالاستسلام التام أو الوهم المريح أما الحقيقة المرة، فتشير بكل وضوح إلى أن ما يتم الحديث عنه هو شرعنة رسمية للاحتلال الروسي وإحياء تنظيم بشار الأسد وتثبيته هذه المرة بشرعية الثوار، من وراء ستار مناطق تخفيض التوتر المكذوبة.
وأردف بكور، أنه أمر غير مقبول ولن يكون مقبولا لدينا أن يتم نشر قوات روسية في المناطق المحررة في إدلب أو درعا، ولسنا نقبل بإنشاء أقاليم تمهد للانفصال وكانتونات على غرار الكردية.
يبدو أن مناطق تخفيف التوتر، تحولت لمناطق نفوذ "تقسيم مقنع" وإعادة شرعنة تنظيم الأسد، تحت عنوان وجود ممثلين للدولة في مناطق تخفيف التوتر، بعبارة أدق التنازل عن كل ما ناضل من أجله السوريون خلال ست سنوات والقبول ببقاء الأسد، أمر غير مقبول ولا يمكن تسويغه ولا يمكن لعاقل القبول به.
ومن جهة أخرى، قال الناطق باسم "غرفة عمليات البنيان المرصوص" في محافظة درعا أبو شيماء إن الأردن أعلنتها بكل صراحة أنها لا تريد فتح المعابر إلا بوجود نظام الأسد الحارس الأمين، وأعلن ذلك مسؤول المخابرات الأردني، ولا نستبعد أي تنسيق بين الطرفين الأردني ونظام الأسد في سوريا.
وتابع، أن التمثيل بين الأردن وسوريا مازال موجودا بالإضافة إلى عمليات التشاور والنصائح فيما يخص الجانبين، وكان آخرها نصيحة من مسؤول في المخابرات الأردنية بالسيطرة على وادي بردى ومن ثم على درعا.
واستطرد قائلا: إنه بالنسبة لمعبر نصيب الحدودي قد أخذ أمره الكثير من الصدى والشائعات حول أن نظام الأسد قد سيطر عليه، وهذا الأمر غير صحيح لأن الثوار مازالوا مسيطرين عليه ومازالت المعارك جارية في المحافظة، وكسر العظم للنظام في المحافظة مازال قائم من خلال السيطرة على العديد من مواقعه العسكرية والأمنية، وليس كل ما يظهر عبر إعلام الأسد أو ما يروج له صحيح، ونظام الأسد إلى الآن غير قادر على الوصول إلى الصوامع، فكيف له أن يصل ويفتح جمرك نصيب الحدودي، رغم كل الهجمات الشرسة والقصف المستمر على المدينة والمعبر في آن واحد.
فيما رأى الكاتب الصحفي الأردني "محمد عرسان"، أنه ليس بجديد على الأردن أن تفضل النظام السوري ليس على معبر نصيب فقط إنما على كل النقاط الحدودية، انطلاقا من قاعدة الاستقرار والتفاهم مع جهة واحدة.
وأردف، أن الأردن يأمل بعودة التبادل والميزان التجاري بينه وسوريا والذي تأثر بسبب الحرب لأن الأردن يرى في النظام السوري الشريك الأمثل لإعادة هذه المعابر إلى العمل.
يذكر أن رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأردني، الفريق الركن محمود فريحات كان قد صرح لقناة "بي بي سي" البريطانية في العام الماضي، أن الأردن منذ بداية الأزمة السورية لم يعمل ضد نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا نهائيا، وعلاقته مع النظام السوري لا تزال مفتوحة والحدود لا تزال مفتوحة، والعلاقات الدبلوماسية إلى غاية الآن موجودة.
وقد استبعد الفريق فريحات إعادة فتح المعابر الحدودية بين الأردن وسوريا، مؤكدا، أن الإقدام على هذه الخطوة يتطلب أولا سيطرة الجيش النظامي السوري على منطقة درعا واستعادة المعابر في نصيب، وتأمين الطريق إلى دمشق من الجيوب "الإرهابية".