استبعد محللون وسياسيون في
لبنان لجوء حزب الله إلى الخيار العسكري ردا على بناء السلطات الإسرائيلية للجدار على الحدود مع لبنان، وأكدوا في تصريحات لـ"
عربي21" أن إسرائيل وحزب الله لا يسعيان إلى إشعال حرب بينهما بناء على استراتيجيتهما ومصالحهما.
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية كشفت عن شروع الجيش الإسرائيلي قريبا بإقامة جدار أمني على طول الحدود مع لبنان.
وأشار الموقع إلى أن الجدار سيكون شبيها بالذي تم إنشاؤه على طول الحدود مع مصر، وذلك بهدف منع عمليات التسلل.
وقاية عسكرية
وقال المحلل العسكري وهبة قاطيشا في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "يهدف الجيش الإسرائيلي من إقامة الجدار إلى تعزيز استراتيجيته في الوقاية العسكرية، وهو يأتي في إطار الإجراءات الاحترازية تحسبا لأي هجمات عبر حدود لبنان، وعندما أقول ذلك لا أقصد الدولة اللبنانية، وإنما الأطراف القادرة على شن عمليات".
ورأى أن "الجيش الإسرائيلي لا يعدّ العدّة لأي عملية باتجاه لبنان، وإنما يريد الحفاظ على أمن الإسرائيليين من وجهة نظره عبر تشديد التدابير الأمنية واللجوء إلى وسائل تعزز أمن الحدود بالنسبة لهم".
وأضاف: "يوجد في لبنان عناصر متفلتة خارج إطار المنظومة اللبنانية الرسمية، وهي قد تقدم على شن هجمات تستهدف مصالح إسرائيلية، وبالتالي يأتي الجدار في إطار محاولة إسرائيلية لتجنب الصدام على الحدود مع لبنان"، على حد قوله.
وعن إمكانية أن تكون المخاوف الإسرائيلية مجرد ذرائع تستخدم من قبل الحكومة الإسرائيلية سياسيا، قال: "الوضع المتفجر في الشرق الأوسط وعدم وجود دولة حقيقية في لبنان يثير المخاوف لدى القيادة الإسرائيلية بأن هذه الساحة غير مضبوطة وعرضة للاختراقات"، مضيفا: "ما يقوم به الإسرائيليون يأتي في إطار الحماية الاستباقية من أي سيناريو ضدهم محتمل"، بحسب ما قال.
وأكد قاطيشا أن "إمكانيات حزب الله تضاعفت، وهو يمتلك حاليا أكثر من مئة ألف صاروخ، في الوقت الذي يستمر شحن الأسلحة إليه"، لكنه استبعد حدوث مواجهة بين الحزب والجيش الإسرائيلي، "لأن الطرفين لا يريدان ذلك وفق مصالحهما الراهنة"، مشيرا إلى أن "حزب الله يعول على منطق التعبئة لبنانيا وعربيا لجعل القضية الفلسطينية شماعة للتذرع بها رغم قدسية هذه القضية وعدالتها"، كما قال.
"لا تأمنوا إسرائيل"
وقال الكاتب والمحلل السياسي طارق ترشيشي في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "إقامة الجدار الإسرائيلي يدلّل على نوايا الجيش الإسرائيلي في عزل الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة عن المقاومة، وفي الوقت عينه يعكس حجم المخاوف الإسرائيلية تجاه لبنان على عكس فترات سابقة كان الجيش الإسرائيلي يعوّل على قوته في الاجتياحات والعمليات والضربات العسكرية"، ورأى أن "القوة الإسرائيلية منكفئة وتحمي نفسها بجدار على الحدود، وذلك دليل ضعف إسرائيلي"، بحسب تعبيره.
لكنه اعتبر أن "الإسرائيليين لا يؤمن جانبهم دائما"، لافتا إلى تداخل "القراءة الأمنية والسياسية في المنطقة في ظل تفجر الأوضاع في سوريا، وما يحكى عن تورط إسرائيلي في النزاع بين المعارضة والنظام، إضافة إلى الضربات الإسرائيلية في العمق السوري والتي تستهدف مواقع لحزب الله".
وعن موازين القوى بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في أي مواجهة قادمة، قال: "ليس بمقدور إسرائيل الانتصار في أي معركة، وهي قد تلجأ إلى التدمير والعنف الميداني، لكنها لن تسجل انتصارا حقيقيا، فهناك توازن رعب ولم تعد الأمور كما اعتاد عليها الجيش الإسرائيلي سابقا وهو ما بدا جليا في الحرب السابقة عام ألفين وسبعة"، وفق قوله.
ولفت ترشيشي إلى أن "الأزمة النفطية بين لبنان والكيان الإسرائيلي في الحدود البحرية، سيكون لها قوة تأثير في المشهد القادم السياسي والميداني".
"ليست محط إجماع"
وقال المحلل السياسي حسن قبلان في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "النظرة الإسرائيلية العسكرية تعبر عن العجز عن التمدد وسقوط المخططات السابقة وأحلام إسرائيل الكبرى"، متابعا: "هي رسالة إلى اللبنانيين مفادها (كفوا شركم عنا)، غير أن اللجوء إلى العمل العسكري الواسع مستبعد جدا". وأشار إلى "الجدل الدائم في الأوساط الإسرائيلية حول قدرة المقاومة على اختراق التحصينات الإسرائيلية باتجاه المستوطنات في الجليل الأعلى في كريات شمونا والمطلّة والمنارة وغيرها".
واعتبر قبلان أن "تقنيات الأنفاق والأساليب العسكرية الجديدة التي تنتهجها المقاومة عطلت كل إمكانيات العمل البري الإسرائيلي المباشر، فيما يدلل السور الإسرائيلي الجديد بأنهم باتوا متمسكين بالمنطق التاريخي القديم، وهو العيش ضمن حاميات مسيجة لاتقاء ضربات محيطهم".
وعن موقف اللبنانيين من المقاومة في حال نشوب أي صراع، قال: "المقاومة ليست قضية تنال الإجماع، وهي مادة تستهلك في إطار عناوين كبرى ترتكز على الكيديات، بما يتناسب مع المنطق الأميركي".
وشدد على دور لبنان الرسمي، فقال: "هناك رئيس للجمهورية يدرك خيارات لبنان الاستراتيجية، ولدينا حكومة لديها اتزان وبإمكانها الحفاظ على ثوابت لبنان في حدودها الدنيا".