كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن استعداد لتركيا في الدخول إلى مدينة إدلب وأريافها، كما كثر الجدل حول مواجهة قادمة في حال دخلت القوات التركية إلى إدلب بين هذه القوات و"
هيئة تحرير الشام"، التي كثيرا ما أعلنت في بياناتها رفضها لهذا التدخل؛ كونه -كما تقول- يصب في مصلحة أعداء الثورة، فيما يذهب بعض المحللين إلى أن هناك توافقا بين الأتراك وهيئة تحرير الشام سيكون قريبا.
وحول هذا الموضوع، يقول الناشط والإعلامي المقرب من "هيئة تحرير الشام" الملقب "أبو عبادة الشامي" لـ"عربي21": يرفض الكثير من السوريين هذا التدخل التركي بشكل قطعي؛ كونه يمثل خطوة عدائية تجاه الثوار والمجاهدين في إدلب، مع التأكيد على الاختلاف الكبير بين إدلب ومنطقة درع الفرات.
وأكد: "لا تعنينا الاتفاقات التي تعقدها الدول حول
سوريا؛ كوننا لسنا طرفا فيها ولم نستشر بها، وحضور بعض الشخصيات التي لا تملك التمثيل ولا الصفة لا يمنح هذه الاتفاقيات أي شرعية، ولا تلزمنا تجاهها بشيء".
واعتبر أن "هيئة تحرير الشام" رافضة لهذا التدخل، ولن تسمح به؛ كونه يتعارض مع رؤيتها الشرعية والسياسية "موقف الهيئة نابع من سياسة ثابتة ومتزنة تقرأ الواقع، وتسدد وتقارب ضمن حدود الشرع، وبما يضمن عدم إهدار الحقوق وتضحيات الثوار ودماء الشهداء، فالهيئة لا تتبنى البراغماتية السياسية في مواقفها من النوازل والأحداث، وتعاملها مع هذه النازلة أو غيرها سيكون كسابقاتها"، مستبعدا حدوث تفاوض بين
تركيا وهيئة تحرير الشام حول التدخل التركي المتوقع.
كما يذهب الإعلامي إلى أن "هيئة تحرير الشام لا تريد حربا مع الأتراك، بل تريد من الأتراك أن يتعاملوا معها ومع بقية الفصائل كحليف لتركيا في مواجهة أعداء كثر ومشتركين، وتريد من تركيا ألّا تبني سياساتها تجاه المجاهدين على مصلحة قومية آنية، ولن تقبل أن تكون ورقة للمساومة بيد أي دولة، ولن تقبل بفرض اتفاقات لم تكن طرفا فيها ولو اضطرت للقتال".
في هذا الصدد، يعتبر القيادي المقرب من الجهاديين، الأسيف عبد الرحمن، أن التدخل التركي حاليا أمر مستبعدا مع احتماليته، ويقول لـ"عربي 21": "أستبعد التدخل التركي حتى الآن، مع ورود احتمالية التدخل لكن ليس عسكريا عن طريق جنود أتراك، فتركيا بغنى عن هذا التدخل".
ويذهب القيادي إلى أن "تركيا في حال تدخلت سيكون تحت تفاهم دولي أو ضغط أممي، وسيكون التدخل من عدة محاور، أهمها فتح طريق من الريف الشمالي الحلبي باتجاه دارة عزة أطمة، ثم إلى إدلب، وهذا المحور الأهم، الذي تعمل عليه تركيا من خلال الحشد لعمل عسكري على القرى العربية المحتلة من قبل المليشيا الانفصالية الكردية وحلفائها كمدينة تل رفعت الاستراتيجية ومنغ، والعمل سيقتصر على فتح طريق ليس إلا هذا في حال فرضية تدخلها عسكريا، أما عمل عسكري ضد عفرين معقل إرهابيي الـ"pkk"، فهذا مستبعد إلى حد بعيد لعدة أسباب سياسية".
ونوه إلى أن تركيا وهيئة تحرير الشام لا يريدان خوض حرب لا مصلحة لهما بها، فالحقيقة التي يدركها القادة من الهيئة و الضباط في الجيش التركي وحكومتهم أن كلا الطرفين ليس مستعدا للحرب ضد الآخر، وهذا سبب كثرة الإشاعات عن اجتماعات منذ أسابيع بين الطرفين.
ويضيف القيادي أن "التدخل التركي أقرأه على أنه نهاية للثورة وطي صفحتها، وتمهيد لحل سياسي يكون لنظام الأسد فيه القرار والحكم والقيادة لجيش وطني يحارب "الإرهاب"، وذلك بتنسيق دولي بغض النظر إن كانت تركيا موافقة أو غير موافقة، إلا أنها تحت الأمر الواقع، وتبحث عن مصالحها قبل مصلحة الثورة، ومن المحتمل أن يكون الاتفاق التركي الروسي يقضي بإنهاء الثورة على يد تركيا، بالمقابل إنهاء حلم الأكراد بدولة على يد الروس وأمريكا، ولعل انسحاب القاعدة الروسية من عفرين له علاقة بالأمر".
ويستبعد القيادي المقرب من الجهادين حدوث صفقة بين تركيا وهيئة تحرير الشام "فيما يخص إشاعة رفع الهيئة عن قوائم الإرهاب، إن هي رضخت لتركيا فهو ليس بالأمر المهم لقيادة وعناصر الهيئة، بعد أن أدرك الشعب السوري كذبة التصنيفات وأدرك كم قدمت القيادة السابقة لجبهة النصرة من مجهود لدحض الذرائع، وأن الهدف من التصنيف ليس إلا لإنهاء الثورة ومحاصرة المقاتلين الأشداء، أما عن مطالب بعض الفصائل للهيئة بمزيد من التنازلات فبات غير مقبول؛ إذ إنه لا جدية لتلك الفصائل بالتوحد".