اندلعت حالة من الغليان في الوسط الاقتصادي
المصري، بعد قرار
البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، حيث شن خبراء ومحللون اقتصاديون هجوما عنيفا على محافظ البنك المركزي المصري،
طارق عامر، الذي اتهموه بأن قراراته تسببت في ضرب الاقتصاد المصري.
من جهته، قال عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية، محمد رضا، إن القرارات التي يدعي البنك المركزي المصري أنها تساهم في حل المشكلات، تعمل على العكس من ذلك، حيث تسببت قرارات رفع أسعار الفائدة في مزيد من الخسائر للجنيه المصري مقابل الدولار، الذي يواصل الصعود.
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن ما يدعيه حول مواجهة التضخم برفع أسعار الفائدة ليس له أساس من الصحة، حيث أن البنك المركزي المصري لا يعي أن ارتفاع التضخم الحالي ليس من جانب الاستهلاك، ولكن بسبب العرض وارتفاع التكاليف بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وطريقة التطبيق الخاطئة لتعويم سعر صرف الجنية أمام الدولار والخسائر التي تلاحق العملة المحلية بشكل حاد.
وقال إنها ساهمت بشكل كبير في خفض القوة الشرائية في جانب الاستهلاك، ورفع التكاليف بجانب العرض، ليساهم أيضا في دفع التضخم لمستويات قياسية.
وأضاف: "لم تكن أثار سياسات البنك المركزي على مستوى التضخم فقط، ولكنه أحرق بسياساته الأخضر واليابس، وكل ما تبقى من محاولات لعودة الحياة في جسد الاقتصاد المصري".
وأكد أن سياسات البنك المركزي أدت إلى حالة من الانسداد الاستثماري، ودفعت الاقتصاد للكساد، وتوقفت عجلة الإنتاج والاستثمار والاستهلاك، وزادت البطالة، وتراجعت معدلات النمو، ليؤكد دخول الاقتصاد المصري حالة كاملة من الركود التضخمي.
وانعكست الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة على ارتفاع تكلفة الإنتاج، وهو ما دفع الشركات إلى رفع أسعار البيع للمنتج النهائي، لترتفع الأسعار على المستهلك الذي أصبح المتحمل الرئيس لها، بالتالي ارتفاع نسبة الركود في الأسواق، نتيجة تدنى المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين.
وفي الوقت ذاته، أدى رفع أسعار الفائدة إلى تراجع حجم الاستثمارات المباشرة سواء الأجنبية أو المحلية، نتيجة ارتفاع تكلفة الاستثمار، بعد ارتفاع تكلفة التمويل من البنوك، لإنشاء وتشغيل استثمارات حالية أو جديدة، إلى جانب أثر رفع أسعار الفائدة على سحب السيولة من الأسواق والبورصة المصرية ومن قطاعات الاستثمارات الأخرى، وتحويلها وتجميعها وركودها في القطاع المصرفي دون استثمارها.
ويأتي ذلك لأن تكلفة استثمار هذه الأموال أصبح مرتفعا جدا على المستثمرين، ما دفع البنوك للتحول من تمويل المشروعات وهو دورها الرئيس، واتجهت إلى إقراض الحكومة عبر سندات وأذون الخزانة.
ودفع ذلك إلى اعتماد الحكومة على تمويل عجز الموازنة المتفاقم من خلال البنوك، ما أدى إلى تفاقم الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات كارثية وغير مسبوقة تجاوز الدين العام 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في مؤشر وسابقة خطيرة، في ظل عدم امتلاك الحكومة خطة حقيقية للتعامل مع ارتفاع العجز في الموازنة المتفاقم بعد
رفع الفائدة على الكوريدور، وفق خبراء.
وأوضحوا أن رفع الفائدة على الكوريدور أدى إلى زيادة تكلفة الدين في الموازنة العامة للدولة، وأصبحت تمثل أكثر من ثلث الموازنة المصرية، بالتالي ارتفاع عجز الموازنة.
ومع ارتفاع تكلفة الاستثمار، وارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة أسعار السلع في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، أدى ذلك كله إلى مزيد من الركود في النشاط الاقتصادي، دافعا معدلات النمو إلى التراجع، وزيادة معدلات البطالة، وتفاقم حالة الركود التضخمي.
أما عن محاولات الإصلاح الاقتصادي، قال "راض" إنه كلما حاولت الحكومة خفض عجز الموازنة بتخفيض الدعم يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، بالتالي تزداد تكلفة خدمة الدين أو فوائد الدين العام التي ارتفعت بشكل قياسي خلال عام، بسبب رفع أسعار الفائدة 9.5 في المئة.
وقال إنه ذلك يعني أن "يسجل تكلفة الدين أكثر من ثلث الموازنة، وليتفاقم العجز، وتستدين الحكومة أكثر وأكثر بسعر الفائدة الحالي، وتزيد تكلفة الدين العام أكثر، ونظل في الدائرة المغلقة ذاتها، دافعين الاقتصاد إلي وضع كارثي".