أثارت الزيارات المتتابعة لوفد رفيع المستوى من حركة "
حماس" للعاصمة المصرية
القاهرة، العديد من التساؤلات حول جدوى تلك الزيارات في ظل تفاقم أزمات قطاع
غزة الإنسانية، وهو ما ظهر واضحا في اختلاف توقعات المحللين المتابعين لما يجري.
زيارات موفقة
وعاد الاثنين وفد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى غزة، برفقته عدد من الفنيين وأعضاء من اللجنة الإدارية الحكومية، وذلك عقب "زيارة موفقة" إلى مصر، بحسب ما جاء في بيان للحركة وصل
"عربي21" نسخة منه.
وأوضحت "حماس" على لسان مصدر مسؤول شارك في الزيارة، أن الوفد أجرى خلال زيارته "عدة مباحثات مع المسؤولين المصريين حول المواضيع الفلسطينية والقضايا المتعلقة بقطاع غزة (...) واستكمال ما جرى خلال اللقاءات والمباحثات التي أجراها في القاهرة الشهر الماضي".
وأكد المصدر المسؤول أن وفد حركته "لمس جدية مصرية في التعاطي مع المواضيع المطروحة، ونوايا صادقة للتخفيف من معاناة أهلنا في غزة"، متوقعا أن "تتخذ مصر المزيد من الخطوات الإيجابية والمسؤولة خلال المرحلة القادمة في هذا الاتجاه؛ بما يخفف من معاناة شعبنا الفلسطيني، ويعزز من صموده".
وشدد على "حرص حماس وسعيها الحثيث لتطوير العلاقة مع مصر، واعتبارها علاقة استراتيجية تتقدم يوما بعد يوم".
من جانبه؛ رأى المختص في إدارة الأزمات السياسية، ربحي الجديلي، أن ما يجري في القاهرة هو "حلقة من حلقات المؤامرة ضد قطاع غزة"، مؤكدا أن الهدف هو "تطويع المقاومة الفلسطينية في القطاع".
وأوضح لـ
"عربي21" أن مصر ستعمل "بشكل جزئي على تفكيك بعض ملفات
الحصار التي يعاني منها القطاع، في الوقت الذي يتم فيه تراجع الارتباط مع العدو الصهيوني شيئا فشيئا؛ باتجاه إخلاء مسؤولية الاحتلال عن التزاماته، ووضع البيض في سلة مصر".
أولوية مصرية
وأضاف الجديلي: "لن يأتي من مصر خير، فقد جربناهم في خطوط الكهرباء الهزيلة التي تأتي من قبلهم. وقديما قال الكبار (ربيع مصر رايح في طريقها)".
من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، إن هذه الزيارات واللقاءات "بالنسبة لحركة حماس مهمة وناجحة، وربما تؤدي إلى قدر من التسهيلات لقطاع غزة المحاصر"، مؤكدا توصل الطرفين إلى "شيء مشترك له علاقة أولا بالأمن".
وأضاف لـ
"عربي21" أن "الأمن بالنسبة لمصر أولوية، وخاصة مع ما يجري في سيناء من عمليات إرهابية تستهدف الجنود المصريين، وهذا يستدعي تعاونا من حركة حماس، التي يبدو أنها أبدت قدرا من التعاون، وهو ما يؤكده قيامها بإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع مصر".
ورجح عطا الله وجود "نقاشات" حول ملف تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن "اللافت خلال الزيارتين؛ مشاركة القائد العام الثاني والشخص القوي في كتائب القسام، مروان عيسى، وهو الرجل الذي حل محل الشهيد القائد أحمد الجعبري" الذي قاد مفاوضات صفقة وفاء الأحرار.
وحول طبيعة التوجه المصري نحو حركة "حماس"، وخاصة بعد التوترات الكبيرة التي شهدتها العلاقة بينهما؛ قال عطا الله: "يمكن أن يكون هذا التوجه مؤقتا، ويمكن أن يكون استراتيجيا.. هذا يتوقف على طبيعة العلاقات بينهما".
وأضاف: "علينا أن نعترف بأن علاقة مصر بحماس هي خارج منظومة الاتفاقيات؛ لأن القطاع قانونيا يخضع لولاية السلطة الفلسطينية، وأي أمر يتعلق به يجب أن يمر من خلال السلطة".
رسالة لعباس
ولفت عطا الله إلى أن "مصر تتعاطى مع حركة حماس لضمان أمنها، ولأن لديها شعورا بعدم قدرتها على أن يكون لها دور وحضور في الملف الفلسطيني عند رئيس السلطة محمود عباس، وبالتالي هذه رسالة قوية لحركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة؛ مفادها أنه يمكن لمصر أن تعمل مع أطراف أخرى إذا لم تعد فتح والسلطة إلى التنسيق المشترك مع القاهرة بمستوى عال كما كان سابقا".
ونتيجة للتفاهمات التي جرى التوصل إليها الشهر الماضي بين القاهرة و"حماس" التي ترأس وفدها قائدها في غزة يحيى السنوار؛ عملت مصر على توريد الوقود لمحطة توليد الكهرباء، بعد استجابة الاحتلال الإسرائيلي لرئيس السلطة بتقليص كمية الكهرباء التي يزود بها القطاع، ولكن رغم ذلك قد تفاقمت أزمة الكهرباء بشكل كبير جدا، بحسب تقارير رسمية.
ووعدت القاهرة باستئناف العمل في
معبر رفح البري عقب إنجاز الإصلاحات التي تجري فيه، كما جرى الحديث عن إمكانية وجود منطقة تجارة حرة بين القطاع ومصر، ووردت أنباء شبه مؤكدة بأن القاهرة تتوسط بين "حماس" و"إسرائيل" من أجل إتمام صفقة تبادل أسرى جديدة.
ونتيجة للتفاهمات بين مصر و"حماس" فقد قامت وزارة الداخلية بغزة في إطار عملها لضبط المنطقة الحدودية؛ بإنشاء منطقة عازلة بعرض 100 متر داخل الأراضي الفلسطينية، وبطول 12 كيلومترا بالتوازي مع الشريط الحدودي.