تظاهر العشرات من النشطاء المغاربة، أمس الاثنين بالرباط، تضامنا مع المسجد
الأقصى والقدس بعد الاعتداءات الأخيرة لقوات الاحتلال، ومنعهم رفع الأذان وإقامة صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى وإغلاق أبوابه، ودعوا إلى فضح المطبعين مع هذا الكيان الغاصب الذي يجب "مخاطبته بالحديد والنار وليس بالاستسلام"، وفق تعبيرهم.
وطالب حقوقيون وسياسيون في الوقفة، التي دعت إليها جماعة العدل والإحسان وحركة التوحيد والإصلاح الإسلاميتين، وشارك فيها لفيف من الهيئات والشخصيات السياسية والحقوقية المدنية، العاهل
المغربي الملك محمد السادس، باعتباره رئيسا للجنة القدس، بالتدخل العاجل لإنقاذ المسجد الأقصى من الاعتداءات التي تتهدد وجوده، واتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة الاحتلال الصهيوني، على حد تعبيرهم.
ورفع المحتجون شعارات غاضبة تتهم الأنظمة العربية بالتواطؤ مع الاحتلال في جرائمه ضد الأقصى وفلسطين، وطالبوا بوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأقصى، "ووقف الاستيطان وكل أشكال
التطبيع مع الكيان الصهيوني"، موجهين التحايا إلى المقدسيين وكل الشعب الفلسطيني على صمودهم البطولي.
وشهدت الوقفة إحراق علم دولة الاحتلال، وترديد هتافات من قبيل: "عالقدس رايحين.. شهداء بالملايين"، و"المقاومة أمانة.. والتطبيع خيانة"، و"الشعوب تقاوم.. والأنظمة تساوم".
والجمعة الماضية، أغلقت إسرائيل المسجد الأقصى ومنعت الصلاة فيه للمرة الثانية منذ احتلال القدس العام 1967، قبل أن تعيد فتحه جزئيًا، أول أمس الأحد، لكنها اشترطت على المصلين والموظفين الدخول عبر بوابات تفتيش إلكترونية، وهو ما رفضه الفلسطينيون.
صرخة غضب
وقال المنسق الوطني للمبادرة المغربية للدعم والنصرة، رشيد فلولي، إن الهدف من هذه الوقفة التي دعت إليها المبادرة بمعية مجموعة من الهيئات تأتي "من أجل دعم مقاومة الشعب الفلسطيني والمقدسيين لجرائم الكيان الصهيوني الغاصب، وهي صرخة من الشعب المغربي للتعبير عن غضبه ورفضه واستنكاره لهذا الهجوم والتطاول والانتهاك الصارخ للمقدسات الإسلامية"، داعيا المغاربة على المستوى الرسمي والشعبي، إلى "تحمل مسؤولياته في ربط تاريخه المجيد والدفاع عن الأقصى والقدس وفلسطين".
ولفت في تصريح لـ"
عربي21" إلى أن ما وصفها بـ"الأنظمة العميلة والمتخاذلة"، "تعطي مبررات للكيان الصهيوني ليزيد في تنفيذ مخططاته ضد الأقصى، وذلك عبر تصريحات قادة تلك الأنظمة تجاه إسرائيل"، محملا الأمة الإسلامية والعربية مسؤولية ما يقع في الأقصى، خاصة "في ظل حالة التشرذم والاقتتال والارتداد على آمال الشعوب في الكرامة والديمقراطية والحرية" على حد تعبيره.
ودعا فلولي "لجنة القدس وكل الضمائر الحية للتحرك العاجل للوقوف في وجه هذا الهجوم الذي يشكل جزءًا من مخطط لتصفية القضية الفلسطينية وتنزيل مشاريع التهويد والتقسيم الزماني والجغرافي للمسجد الأقصى".
فضح المطبعين
من جانبه، دعا الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، فتح الله أرسلان، الحكومة المغربية إلى وقف ما وصفه بـ"المسلسل الخبيث في التطبيع" وذلك في "وقت يقوم فيه الاحتلال بجرائم بشعة"، وتابع: "يجب وقف التطبيع وفضح المطبعين وتحصين المجتمع من هذا الوباء الخطير".
وشدد أرسلان، في تصريح لـ"
عربي21" على ضرورة أن "يهب العالم الإسلامي هبة رجل واحد، أو على الأقل أن يعلن سخطه وغضبه لما يحدث من تجاوزات في ثالث الحرمين"، ودعا المنتظم الدولي إلى عدم "التفرج على الجرائم الصهيونية التي تجاوزت كل المدى" على حد قوله.
وتساءل أرسلان عن الدور الذي ستقوم به لجنة القدس بعد هذا الاعتداء على المسجد الأقصى، معتبرا القضية الفلسطينية محط إجماع المغاربة بمختلف أطيافهم.
المقاومة بالحديد وليس بالاستسلام
بدوره، دعا المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي، خالد السفياني، العاهل المغربي للاجتماع بلجنة القدس في أقرب وقت ممكن "لاتخاذ موقف في بيان أو قرار بالمساعدة المادية لأهل القدس، بل لاتخاذ قرارات حقيقية لمواجهة هذا الكيان في ما يقوم به من اعتداءات على مقدساتنا".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" أنه "آن الأوان لإصدار قانون تجريم التطبيع من طرف البرلمان المغربي في أقرب وقت ممكن"، محذرا من أن المخطط الصهيوني يسير نحو الإجهاز على المسجد الأقصى خطوة خطوة، وداعيا الشعوب وأصحاب القرار في الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم للتحرك لصد هذا العدوان، والضغط على الكيان الصهيوني للتراجع عما يقوم به، وفق تعبيره.
ودعا السفياني، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى وقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، ودعا الأنظمة العربية "إلى وقف كل أشكال التطبيع مع الصهاينة بقطع العلاقات وإغلاق السفارات ومكاتب الاتصال"، وقال: "ليتركوا عنا الكلام بأنه إذا أغلقنا السفارة فلن نجد من يخاطب الصهاينة، هم يخاطَبون بالمقاومة والحديد والنار وليس بالاستسلام والتقرب من قيادات الإرهاب الصهيوني".
الأنظمة المتواطئة والعميلة
الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، قالت إن مسؤولية ما يقع في الأقصى "تعود للكيان الغاصب، ولكل من ألقى الدعم له وعلى رأسهم الإمبريالية الأمريكية والأنظمة العربية المتواطئة والعميلة".
وأضافت في تصريحها لـ"
عربي21" أن "المغرب هو من ضمن الأنظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني"، مشددة على أن "طريق تحرير فلسطين يمر عبر طريق تحرير بلداننا من الأنظمة الرجعية لكي يكون لشعوبنا المغاربية والعربية دور حقيقي لتغيير واقع الشعب الفلسطيني".