نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا؛ استعرض فيه أدلة حول تورط الجيش
اللبناني في تعذيب
لاجئين سوريين، تم اعتقالهم خلال الشهر الماضي في
مخيمات بلدة عرسال.
وذكر الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، أن الجيش اللبناني متهم بممارسة عمليات التعذيب على نطاق واسع ضد سجناء من اللاجئين السوريين، بعد أن توفي أربعة منهم أثناء احتجازهم، بعد أيام من اعتقالهم خلال مداهمات قام بها الجيش لمخيمات اللاجئين قرب بلدة عرسال على الحدود السورية اللبنانية.
وأضاف الموقع أن الضحايا الأربع توفوا بعد أن قضوا أياما عديدة رهن الاعتقال لدى الجيش اللبناني، وهو ما أجبر السلطات العسكرية على فتح تحقيق في الموضوع. وقد أفاد التقرير الأولي للطب الشرعي، "بعدم وجود أدلة على ممارسة العنف ضد هؤلاء السجناء، وأن الضحايا الأربع توفوا في ظروف عادية". وهؤلاء الأربعة هم مصطفى عبد الكريم عبسي، وأنس حسين الحسايكة، وخالد حسين موليس، وعثمان مرحي موليس.
لكن الموقع أكد أن الصور التي التقطت لهؤلاء اللاجئين، والتي اطلع عليها "ميدل إيست آي"، تظهر تعرض ثلاثة منهم لجروح عميقة وكدمات عديدة.
ونقل الموقع عن مصدر قضائي لبناني شاهد جثامين الضحايا قبل دفنهم يوم 11 تموز/ يوليو الماضي، قوله: "الضحايا تم تركهم مقيدين بأصفاد بلاستيكية لأيام عديدة، مما تسبب لهم بضرر جسدي بالغ على مستوى اليدين والرجلين". وأضاف المصدر أن "أجساد الضحايا تحمل جروحا متعددة في الكتفين والذراعين والركبتين. كما أكد من تم الإفراج عنهم تعرضهم للتعذيب".
من جهة أخرى، شكّك هذا المصدر في الرواية الرسمية للجيش اللبناني، التي تدعي أن هؤلاء الضحايا توفوا في ظروف طبيعية، بعد أن تعرضوا لنوبات قلبية بسبب الطقس. وقال: "كيف يعقل أن يدعي تقرير الجيش اللبناني عدم حصول عنف على الإطلاق؟ كيف يمكن لطبيب أن يصدر هذا الادعاء ويقول إنه لا وجود لأي علامات عنف؟ كان من الواضح وجود جروح أدت للنزيف".
ونقل الموقع عن مصدر ثان، صاحب خبرة في فحص صور ضحايا التعذيب، أن هناك ما يكفي من الأدلة التي تفيد حدوث التعذيب. وقال: "ليس هناك مجال للشك، إذ أن هناك آثارا واضحة على تعرض هؤلاء لأضرار على مستوى المعصم وباقي الجسد".
ونقل الموقع عن مصدر طبي داخل مستشفى عرسال أن "أحد الضحايا كان يعمل كطبيب تخدير، ولم يكن يعيش داخل المخيم، وعندما أعلن الجيش اللبناني أن هذا الشخص توفي لأنه يعاني من مشاكل صحية، شعر جميع من يعرفونه بالصدمة؛ لأنه كان في صحة جيدة".
وذكر الموقع أن محامية عائلات الضحايا حصلت على إذن قضائي باللجوء لتحليل طبيب شرعي مستقل، وتم فعلا إرسال العينات إلى مستشفى في بيروت، إلا أن المخابرات العسكرية تدخلت فجأة وصادرت العينات التي كان سيتم تحليلها.
ونقل الموقع عن بسام خواجة، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، قوله إن "المنظمة أرسلت صور أجساد الضحايا لأطباء ذوي خبرة في توثيق التعذيب، في محاولة منها لتحديد الأسباب الحقيقية للوفاة، خاصة وأن لبنان شهد في عدة مناسبات سابقة قيام الأجهزة الأمنية بفتح تحقيقات دون نشر أي نتائج، حتى يعرف الرأي العام وأهالي الضحايا الحقيقة".
وأضاف التقرير أن الجيش اللبناني كان قد داهم قبل شهر مخيمين للاجئين في عرسال، وهما مخيما النور والقرية، معلنا أنه يبحث عن إرهابيين. وقد تعرض عناصره حينها إلى سلسلة من العمليات الانتحارية داخل المخيمات، وألقيت عليهم قنبلة يدوية.
لاحقا، اعترف الجيش اللبناني بموت طفل سوري يبلغ من العمر أربع سنوات، بالإضافة إلى الضحايا الأربع الموقوفين. في المقابل، ادعى عناصر الجيش أن هذا الطفل لقي حتفه بسبب عملية انتحارية، الأمر الذي قوبل بنفي شديد من قبل سكان المخيم الذين أكدوا تعرضه للدهس من قبل مدرعة تابعة للجيش.
وأشار التقرير إلى أن مصادر أخرى في بلدة عرسال أكدت اعتقال الجيش لما لا يقل عن سبعة أشخاص آخرين توفوا لاحقا، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا ليبلغ 12 شخصا. وفي هذا السياق، صرح مصدر طبي في عرسال أن "المستشفى تلقى عددا من الجثث المرسلة من قبل الجيش اللبناني ومستشفيات مدن مجاورة، قبل وبعد العملية العسكرية".
وأشار موقع "ميدل إيست آي" إلى أنه حاول الاتصال بالسلطات العسكرية اللبنانية، ولكنه لم يتلق أي إجابة حول العدد الكلي للضحايا بعد مداهمات مخيمات بلدة عرسال، أو عدد المعتقلين في الوقت الحالي، أو أي توضيحات أخرى حول استعداد الجيش اللبناني لاعتماد أسلوب أكثر شفافية في التعامل.