أثارت تعديلات تشريعية في
مصر، خلافا واسعا بين كبار المستثمرين ورجال الأعمال من ناحية، والمؤسسة التي تتبنى هذه التعديلات من ناحية أخرى.
وتواجه التعديلات التي أعلن عنها
البنك المركزي المصري مؤخرا، على القانون الحالي للبنك المركز والجهاز المصرفي، عاصفة حادة من الانتقادات في مختلف وسائل الإعلام المصرية التي يمتلكها رجال أعمال ويدعمها رؤساء بنوك حاليون.
ولاقت بنود مشروع القانون "المعدل"، الذي جاء في 170 مادة، سخطا كبيرا من قبل رؤساء مجالس إدارات أغلب
البنوك، وأعضاء مجالس إداراتها، بسبب الصلاحيات الواسعة التي يخولها القانون الجديد لمحافظ البنك المركزي بصفته المقرر الأعلى للسياسة النقدية في البلاد، فضلا عن تدخله في اختصاصات مجالس إدارات كافة البنوك والجمعيات العمومية الخاصة بكل منها.
وقال خبراء اقتصاد لـ
"عربي21"، إن خلاصة الجدل الدائر حاليا حول مشروع القانون الذى طرحه البنك المركزي المصري، لا يخرج عن كونه خلافات شخصية وتصفية حسابات بين محافظ البنك المركزي
طارق عامر الذي يواجه انتقادات عنيفة منذ توليه منصبه، وعدد من رجال الأعمال ورؤساء البنوك الحاليين.
وشنت الاعلامية لميس الحديدي، خلال برنامجها "هنا العاصمة"، هجوما حادا على محافظ البنك المركزي بسبب مشروع القانون، مؤكدة أن عامر تفرغ لإجراء حزمة من التعديلات "العجيبة" التي تزيد من صلاحياته على حساب صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
وأشارت إلى أن محافظ المركزي حاول سابقا اختيار رؤساء البنوك الخاصة لكن الأمر فشل، لافتة إلى أن عامر لم ييأس وأعاد صياغة الأمر وطرحه ضمن مشروع قانون البنوك ليثأر من بعض رؤساء البنوك.
وقالت إن من غير المنطقي أن يعفي محافظ البنك المركزي أرباح البنك من الضرائب، موجهة حديثها لعامر قائلة: "أمامك الكثير من المشكلات والمسؤوليات فعليك أن تتفرغ لما هو أهم من السيطرة والسلطة مثل محاربة الأسعار والتضخم".
واعتبر أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، أشرف دوابة، الجدل الدائر حول التعديلات التي طرحها طارق عامر، لا تخرج عن كونها تصفية حسابات بين أصحاب المصالح وبعضها، مؤكدا أن المصالح الشخصية هي التي تحكم حاليا وليس مصلحة المواطن.
وقال دوابة، في تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، إن 90% من المصريين لا يتعاملون مع البنوك، وبالتالي فإن هذه الخلافات لا تعني سوى أصحاب المصالح فقط.
وأكد رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا، فؤاد شاكر، خلال حواره ببرنامج "مال وأعمال"، المذاع عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن بنود قانون البنوك شملت العديد من المخاوف لأصحاب البنوك، وأظهرت "نوايا مبيتة لإحداث شيء ما"، لافتا إلى أن القانون "في ظاهره الرحمة وباطنه العذاب".
وأشار إلى أنه لا ينبغي أن يبقى وضع
الجهاز المصرفي على ما هو عليه بدون تشريع جديد ينظم من عمله، لكن يحتم على البنك المركزي التعاون مع كافة البنوك لتطبيق بنود القانون وتحديد أوجه الخلاف محاولة لتلافيها.
وأشار شاكر إلى خطورة القانون الجديد بتعيين "ناس من الشارع" في يوم وليلة، بحسب تعبيره، مشددا على أن تحديد مدة 8 سنوات بحد أقصى لرؤساء البنوك لا يتناسب مع القطاع المصرفي في مصر، ووصف القانون بالقاسي في بنوده وبأنه يهز الجهاز المصرفي بالكامل في مصر.
وقال إن القرارات التي اتخذها طارق عامر محافظ البنك المركزي مؤخرا لا تتناسب مع الوضع الاقتصادي للبلاد، وكان بعضها يمثل "صدمة" للجهاز المصرفي آخرها "قانون البنوك".
وأوضح شاكر أن قانون البنوك يحتوي على بعض المواد المخالفة للدستور حيث نصت المادة 21 على أن الهيئة العامة للرقابة المالية تختص بالإشراف على الأسواق المالية غير المصرفية، بما في ذلك أسواق رأس المال والتمويل العقاري والتأجير التمويلي وذلك على النحو الذي ينظمه القانون، بينما يتضمن اختصاص البنك المركزي الإشراف على أداء الجهاز المصرفي ووضع السياسات النقدية والائتمانية والتنفيذية.
وتقترح التعديلات الجديدة، أن يكون الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات الصرافة، 20 مليون جنيه، بدلا من 5 ملايين جنيه، وهو ما اعتبره رؤساء شركات صرافة، تهديدا مباشرا لهم، مؤكدين أن هذا التعديل يهدف إلى إغلاق شركات الصرافة من خلال تضييق الخناق عليها، بحيث تضطر هذه الشركات في النهاية إلى تصفية نشاطها.
واقترح مشروع القانون الجديد للجهاز المصرفي إسناد 15 سلطة جديدة لمهام محافظ البنك المركزي المصري، من أبرزها تحديد نوابه الذين يتم تعيينهم كأعضاء في مجلس إدارة البنك المركزي، بينما ينص القانون الحالي على تعيين نائبين له بالإضافة لباقي الأعضاء بقرار من مجلس الوزراء.