كشفت مصادر مطلعة لـ"
عربي21"، الاثنين، عن أن قوات الاحتلال
الإسرائيلي سرقت
مخطوطات ووثائق وقفية هامة من المسجد
الأقصى، خلال إغلاقه لمدة ثلاثة أيام في الهبة الأخيرة بالقدس المحتلة، في انتهاك خطير لأملاك المسجد الوقفية.
إذ قال رئيس مركز القدس الدولي في فلسطين (مقره رام الله)، حسن خاطر، إن "قوات الاحتلال استولت على الوثائق المتعلقة بالأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، حينما استفردت بالأقصى لثلاثة أيام متوالية، متنقلة بين غرفه ومكاتبه وأرشيفه ووثائقه، بعدما أخلته من المصلين، وموظفيه، وحراسه".
وحذر خاطر في حديثه لـ"
عربي21" من أن الاحتلال سيضع بواسطة تلك الوثائق يده على أوقاف القدس وأملاكها وعقاراتها، باعتبارها أرشيفا وقفيا خاصا بالأملاك والمحاكم الشرعية، وهي قاعدة بيانات لكل أملاك وأوقاف وأراضي القدس المحتلة.
وشدد على أن سرقتها "كارثة حقيقية، إذ إنها متعلقة بالوجود العربي والإسلامي في المدينة المقدسة"، واصفا الحادثة بأنها
سرقة "الأيام السوداء"، وفق قوله.
وأوضح خاطر أن الاحتلال كسر أقفال خزائن الوثائق والخزانة التي يوجد فيها "السيرفر الرئيس لمخطوطات المسجد الأقصى، وهي عبارة عن نسخة إلكترونية لوثائق وسجلات أوقاف المسجد الأقصى، محمية بكلمة مرور خاصة وخزائن مضادة للتفجير والحرائق".
وأضاف أن قوات الاحتلال أحضرت مختصين بأمن المعلومات وفك الشيفرات لإلغاء كلمة المرور للوثائق، والحصول على نسخة خاصة منها.
وقال إن ذلك الأمر يشكل خطرا كبيرا على الأوقاف التي تشكل العمود الفقري في القدس المحتلة، التي تتجاوز حجمها 90 في المئة من البلدة القديمة، ونسبة عالية في عموم القدس.
وطالب اللجان المختصة والمرجعية الدينية بالإسراع إلى إصدار تقرير فني لإيضاح عملية السرقة التي تمت، وتوضيح كل شيء لعامة الناس، وعدم التقليل من خطورة وحجم السرقة.
وحمل خاطر الاحتلال مسؤولية سرقة هذه الوثائق، مشيرا إلى أن هناك جهات تريد تهدئة الشارع المقدسي، وعدم إثارة الرأي العام الفلسطيني والعربي من خلال تعتيمها على الأمر.
وأشار إلى أن مدير أوقاف القدس، عزام الخطيب، نقل له استياء وزير الأوقاف الأردنية، وائل عربيات، عقب تصريحاته بخصوص السرقة، مطالبا إياه بإصدار بيان يوضح فيه حقيقة ما جرى.
وأكد خاطر للخطيب أن "الأزمة بين المسؤولين ومطالبهم لا تهمه بقدر أهمية معرفة ما حصل بالمسجد الأقصى من الاحتلال، وهل كانت البوابات الإلكترونية إلهاء لما هو أكبر منها أم لا".
وحذّر من خطر تزوير الاحتلال للمخطوطات والوثائق وقدرته على التلاعب بها وإلحاق الدمار بالأوقاف، إذا تم استخدامها، الأمر الذي يترتب عليه مشاكل اجتماعية تؤدي إلى فتنة كبيرة داخل المجتمع المقدسي.
مصدر ينفي حدوث السرقة
في المقابل، نفى مدير التعليم الشرعي في القدس المحتلة، ناجح بكيرات، عملية سرقة المخطوطات رغم كل المعلومات التي أكدتها مصادر عدة، مؤكدا أنها "دعايات كاذبة، ولا أساس لصحتها على الإطلاق".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "التصريحات التي صدرت بخصوص الموضوع ليست في مكانها وهي غير صحيحة، وسيتم محاكمة من أدلى بها"، وفق قوله.
وأشار بكيرات إلى أن "الاحتلال كان يبحث عن السلاح داخل المسجد الأقصى، ولم يقم بسرقة السجلات والمخطوطات"، مضيفا أن هناك نسخة إلكترونية من الوثائق والمخطوطات موجودة في الجامعة الأردنية وعلى الإنترنت، ولا يستطيع الاحتلال فعل أي شيء بهذه السجلات حتى لو قام بسرقتها.
وأوضح أن هناك أربع لجان مختصة ستصدر تقاريرها الرسمية في نهاية الأسبوع الجاري لتبث على الإعلام من خلال المرجعية الدينية، معتبرا أي حديث بخصوص الموضوع "تشويشا" على عمل اللجان في المسجد الأقصى.
وأفاد بكيرات بأن مهمة هذه اللجان هي البحث ومراجعة أرشيف وسجلات المتحف وقسم المخطوطات، والمدارس الشرعية، وغرف حراسة وسدنة المسجد الأقصى، ومكتب قاضي القضاة.
وأكد أن "التقارير التي تصل من اللجان تعتبر تقارير إيجابية حتى الآن، ولم يتم مصادرة ورقة واحدة من مكاتب المسجد الأقصى"، مضيفا أن الكلام الذي نشر "غير مهني وغير مسؤول وغير دقيق"، وفق وصفه.
وعلى الرغم من تصريحات الأخير، إلا أن "
عربي21" حصلت على تسجيل صوتي أكد فيه مصدر التسجيل أنه لرئيس قسم المخطوطات بالمسجد الأقصى، رضوان عمرو، يقول فيه إن "قوات الاحتلال أخذت وقتها الكافي لإتمام عملية السرقة"، دون تأكيد العملية حتى هذه اللحظة، لحين انتهاء اللجان المختصة بعملية الجرد الخاصة لأرشيف وسجلات المخطوطات، بحسب قوله.
وأوضح عمرو في التسجيل الصوتي أن المسجد الأقصى كان "المكان الأخير الآمن للوثائق عقب اقتحام الاحتلال سابقا لمحكمة صلاح الدين الشرعية وسرقة بعض الوثائق والسجلات الوقفية، عقب ذلك تم نقلها إلى داخل المسجد الأقصى، لحمايتها من الاحتلال الذي بدوره لاحقها إلى داخل أسوار المسجد"، وفق قوله.
وأفاد عمرو بأن "مركز ترميم المخطوطات تعرض لتدمير كبير جدا وتحطيم مكتبه، وأكد كسر خزنة السيرفر الرئيس للمخطوطات وأرشيف المخطوطات والعبث بها".
وأكد مصدر مقرب من عمرو لـ"
عربي21" صحة التسجيل المنسوب، على الرغم من أنها لم يتسن لها التأكد من تاريخ نشره.
اقرأ أيضا: الفلسطينيون يدخلون الأقصى وسقوط جرحى بمواجهات (شاهد)
يذكر أن قوات الاحتلال أزالت الخميس الماضي بوابات إلكترونية وجسورا وممرات معدنية وضعتها في 17 تموز/ يوليو الجاري، على مداخل المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وذلك بعد احتجاجات شعبية فلسطينية واسعة.
وعلى مدار أسبوعين، ساد توتر في القدس المحتلة والمدن والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إثر القيود التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على دخول المسجد.
وخلال تلك الفترة، قمعت قوات الاحتلال تظاهرات فلسطينية عدة، رافضة لتقييد الدخول للمسجد، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى في صفوف الفلسطينيين، قبل أن تتراجع عن تلك القيود، مساء الجمعة الماضي، وتسمح بدخول المصلين دون شروط.