نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا أعدته فيفيان سلامة لوكالة "أسوشيتد برس"، حول موقف الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب من الأزمة
القطرية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن
تغريدات ترامب عقدت من مهمة صناع القرار في إدارته، بشأن نزع فتيل الأزمة القطرية.
وتنقل سلامة عن مسؤولين بارزين، قولهما إن مساعدي ترامب كانوا يخوضون جدلا عميقا حول الكيفية التي سيتم فيها نزع فتيل الأزمة بين قطر والدول التي قررت حصارها، عندما فتح الباب المؤمن للاجتماع برسالة عاجلة، مفادها: كتب ترامب الآن تغريدات عن قطر، حيث قرأ أحد صناع القرار في الغرفة التغريدات بصوت عال، ولم يكن أمام من كانوا فيها إلا تعديل الموقف ليعكس موقف الرئيس الذي اتهم قطر، التي تستقبل 11 ألف جندي أمريكي، بأنها تقوم بدعم الإرهاب، حيث كان اتهاما موجها ضد حليف للولايات المتحدة، ولم يتم الحديث عنه علنا بهذه الطريقة الفظة.
وتذهب الصحيفة إلى أن الحادث يكشف عن الطريقة المتقلبة التي يتم فيها صنع السياسة في عصر ترامب، ففي الماضي كانت السياسات تقوم على اجتماعات تسبق الإعلان عنها، إلا أن المساعدين في عصر ترامب يجدون أنفسهم في سباق مع الرئيس وتغريداته من أجل تشكيل السياسة.
ويلفت التقرير إلى أنه في موضوع قطر، والأزمة مع روسيا، وأخيرا موقف ترامب من المثليين في الجيش، فإن تغريدات الرئيس، التي يكتب فيها ما يعن على باله، تصدم مساعديه، وفي بعض الأحيان تعقد وتفسد سياسات الإدارة.
وتورد الكاتبة نقلا عن برادلي بليكمان، المستشار السابق لجورج دبليو بوش، قوله: "عندما يجد مستشارو الرئيس أنفسهم أمام إعلانات سياسية، دون معرفة سابقة، فإن القصة تكون حول كيفية ظهور القرار، لا القرار ذاته".
وتذكر الصحيفة أن صناع القرار يخشون من أثر تغريدات ترامب، التي لا تقدم سياسة متناسقة، ويأملون أن يؤدي تعيين جون كيلي، الجنرال المعروف بانصباطه العسكري، رئيسا لطاقم البيت الأبيض، إلى المساعدة على ضبط السياسة، وإقناع الرئيس بأن تغريداته تقوم بخلق الفوضى عندما تتناقض مع سياسة الإدارة، حيث أن تغريدات ترامب حول المثليين كانت بمثابة القرار العام الذي لم يتفق معه العسكريون.
ويفيد التقرير بأن رئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد رد بمذكرة داخلية، قال فيها: "لن يكون هناك أي تعديل" على السياسة الحالية"، مشيرا إلى أن تغريدة ترامب أدت بصناع القرار من الجمهوريين، خاصة السيناتور عن أريزونا جون ماكين، للشجب علانية، حيث قال: "أعتقد بشكل عام أنه يجب عليك استشارة وزير الدفاع قبل أن تتخذ قرارا يتعلق بالدفاع عن الأمة".
وبحسب سلامة، فإن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، علق على تغريدات ترامب "الحارقة" قائلا إنها "جزء من الجو الذي نعمل فيه"، وأضاف: "سنتكيف معها، وهناك الكثير من الأمور غير المتوقعة التي تحصل لنا في عالم الدبلوماسية، ونحن نعمل للتكيف معها، ونعلم كيف نعمل معها، ولا أنظر إليها على أنها عقبة أو حاجز أو دعم، وأي شيء يرغب الرئيس بالتعبير عنه فإنه يعبر عنه، وستصل المعلومة للجميع، بمن فيهم نحن".
وتنقل الصحيفة عن أستاذ تاريخ الرؤساء في معهد جيمس بيكر الثالث للسياسات العامة دوغلاس بلينكلي، قوله إن "التصريحات العامة تقوم بإضعاف السياسات الموجودة، وتفسد المعنويات في المكاتب والوكالات؛ لأن رئيسهم يقول أشياء يعرفون أنها ليست صحيحة، أو لا يمكن تطبيقها"، ويضيف بلينكلي: "إنه يخلق ثقافة عدم الثقة داخل الإدارة، وقد بدأ هذا بالحدوث في عهد ريتشارد نيكسون، وحدث هذا كله في السنوات الأخيرة من حكمه، عندما بدأت الأمور تفسد من حوله".
ويستدرك التقرير بأنه "رغم أن الرؤساء عادة ما يزنون كلامهم عندما يتعلق الأمر بروسيا، إلا أن ترامب كتب مغردا في الشهر الماضي، بعد لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنهما سيعملان على (تشكيل وحدة أمن إلكتروني مستقلة؛ حتى لا يتكرر درس القرصنة في الانتخابات والأمور السلبية الأخرى)".
وتنوه الكاتبة إلى أنه تم انتقاد الفكرة بشكل واسع، بحيث تم التراجع عنها بسرعة، ففي البداية دافع مستشارو الرئيس عنها، ومن ثم حذروا قائلين إنها مجرد فكرة، قبل أن يغرد ترامب مرة أخرى قائلا: "إن حقيقة مناقشتي مع الرئيس بوتين فكرة إقامة وحدة أمن إلكتروني لا يعني أنها ستحدث، ولن تحدث...".
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب كتب تغريدات عن أفغانستان وسوريا، إلا أن السياسة تجاه هذين البلدين لم تكتمل بعد، حيث تحاول الإدارة حل مشكلاتهما من خلال التعلم من أخطاء الإدارات السابقة.
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي يمكن فيه حل المواجهة مع قطر، من خلال دبلوماسية ماهرة، إلا أن وجود تغريدات دون تفكير قد يؤدي في حالات أخرى إلى التصعيد وطرح مشكلات قانونية، حيث خشي صناع القرار، الذين كانوا يدرسون الاتفاق النووي مع إيران، من كتابة ترامب تغريدة تؤثر في وضعية الاتفاق الهش، وتقضي على كل ما تم تحقيقه من تقدم.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن تغريدات ترامب حول قانون الرعاية الصحية كانت مثار اهتمام القضاة في المحكمة الفيدرالية للاستئناف في واشنطن، الذين أصدروا إجراءات هذا الأسبوع لمواجهة مصالح الإدارة في قضية تتعلق بمليارات الدولارات من الدعم للنظام الصحي أو "أوباما كير".