من المنتظر أن تغير
موريتانيا علمها الوطني قريبا، لا سيما بعد نتيجة
الاستفتاء الذي ذهب إلى صالح معسكر "نعم" للتعديلات الدستورية في البلاد، بحسب ما نشر رسميا فجر الاثنين.
ويعد جدل
العلم ليس بجديد عربيا، إذ إن الكثير من الدول العربية كانت مستعمرة من دول أوروبية، ومرت بالعديد من المراحل التي شهدت فيها أعلاما وطنية ارتبطت بالاستقلال وظروف سياسة أخرى، وهو الأمر الذي يثار عند كل منعطف سياسي حاد، لا سيما في أعقاب ثورات الربيع العربي.
وخلال السنوات السابقة، ظهر جليا صراع العلم في دول عربية عدة، ورصدت "
عربي21" أهمها في هذا التقرير:
موريتانيا
بلغت نسبة التصويت لصالح التعديلات الدستورية التي تنص على إلغاء مجلس الشيوخ وتغيير العلم الوطني، 85.61 في المئة، وهي نسبة تعد كبيرة جدا، إذ لقي الأمر إقبالا شديدا لدى الموريتانيين.
وصوت بـ"لا" لتغيير العلم نحو 9.99 في المئة، فيما كان 4.4 في المئة على الحياد.
وسبق للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أن صرح بأن "العلم الوطني" لبلاده، المعتمد منذ استقلال الدولة الموريتانية عن فرنسا عام 1960، "علم مشبوه".
وأعتبر أن العلم اعتمد من طرف الاستعمار، ولم يساهم الموريتانيون في اختياره، وفق قوله.
ليبيا
تعد ليبيا من بين أكثر الدول العربية التي شهدت تغيرا في علمها الوطني، عبر تاريخها.
وكان ذلك في عهد الدولة العثمانية، وإمارة برقة، والجمهورية الطرابلسية وليبيا الإيطالية (ضمن المملكة الإيطالية)، وعلم الاستقلال والعلم الأخضر في فترة حكم الديكتاتوري الراحل معمر القذافي.
فأما في فترة ليبيا الإيطالية (ضمن المملكة الإيطالية)، كان العلم الليبي منذ 1911 هو العلم المدني ذاته للمملكة الإيطالية.
وفي عام 1918- 1923، تألف علم الجمهورية الطرابلسية خلال هذه الفترة من خلفية زرقاء سماوية، وفي وسط العلم نخلة خضراء اللون، وتعلو النخلة نجمة بيضاء.
وكان علم الاستقلال الشهير، بعد توحيد ليبيا وإعلانها مملكة متحدة تضم ولايات برقة وطرابلس وفزان.
ووضع العلم هيئة تشريعية ليبية عام 1951، واستمدت ألوانه من بيت الشعر للشاعر
العراقي صفي الدين الحلي القائل "بيض صنائعنا سود وقائعنا.. خضر مرابعنا حمر مواضينا".
وألوانه الثلاثة ترمز إلى: الأسود راية من رايات السنوسية، وكانت تمثل إقليمي برقة وفزَّان.
وكانت الراية السوداء بالهلال والنجمة راية الجيش السنوسي الذي شارك مع الحلفاء في تحرير ليبيا من المستعمر الإيطالي.
أمّا اللونين الأخضر والأحمر، فقد كانا من مكونات رايات وأعلام الإقليم الطرابلسي، إبان فترات تاريخيّة مختلفة، تبدأ من الحكم العثماني، مرورا بالحكم القره مانلي، وانتهاء بالجمهورية الطرابلسية التي أُعلن عنها في عام 1918.
ويدل الهلال على الأمل والمستقبل، وترمز النجمة الخماسيّة إلى الإسلام وأركانه الخمسة.
وفي توسط هلال الفجر والنجمة الخماسيّة للّون الأسود دلالة رمزيّة تعني "بزوغ فجر الإسلام"، بحسب ما نشرته هيئة تشريعية ليبية عام 1951م.
وعاد هذا العلم إلى الظهور، على يد معارضي القذافي في احتجاجات ثورة 17 فبراير التي انتشرت في أنحاء ليبيا عام 2011.
وكان قد ألغي استخدام هذا العلم بعد انقلاب أيلول/ سبتمبر 1969، أو ما سمي "ثورة الفاتح"، وقام القذافي فيما بعد بتغيير العلم إلى علم أخضر ليوافق كتابه الأخضر.
وفي يوم 21 آب/ أغسطس 2011، رفع هذا العلم على مؤسسات الدولة الرسمية في العاصمة طرابلس بعد تحريرها.
ومن بين الأعلام التي شهدتها ليبيا أيضا، علم اتحاد الجمهوريات العربية، وهو علم الاتحاد الذي ضم مصر وليبيا وسوريا، وبقى العلم الموحد لهذه الدول حتى 1977 بعد زيارة السادات إلى إسرائيل، فغيرت ليبيا علمها إلى الراية الخضراء.
واعتمد القذافي في هذا العام بعد إعلانه الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى علما جديدا يعتمد أساسا على أفكاره في الكتاب الأخضر.
وكان العلم الوحيد في العالم الذي يتكون من لون واحد، ولا يحمل أي إشارات، أو تصاميم، أو تفاصيل.
الأردن
أثير جدل العام الماضي في الأردن، وتساؤلات حول وجود توجه رسمي لتغيير العلم الأردني، بعد أن قام العاهل الأردني في حزيران/ يونيو عام 2015، برفع علم شاهده غالبية الأردنيين لأول مرة.
ورفع حينها إثر مشاركة المملكة في الحرب ضد تنظيم الدولة في
سوريا، لا سيما بعد مقتل طيار أردني على يد التنظيم حرقا بحادث سبب صدمة في الداخل الأردني.
العلم الأردني الحالي
ولكن الجدل الذي لقي تفاعلا كبيرا لدى الأردنيين بين موافق ورافض للأمر، حسمه بيان للديوان الملكي الأردني، قال فيه إن العلم الذي يطلق عليه اسم "الراية الهاشمية"، يأتي فقط لـ"يؤكد التزام القوات المسلحة الأردنية منذ تأسيسها بالدفاع عن العروبة والإسلام، ومبادئ الإنسانية".
وأوضح الديوان أن العلم الذي يحمل شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وعبارتي البسلمة، التي تسبق الشعار، والحمد التي تتبعه، يشابه "راية الشريف الحسين بن علي وقبله الشريف أبي نمي، وقافلة من الأشراف الهاشميين".
الراية الهاشمية
وظهر العلم بلون واحد هو الأحمر الداكن، ويحمل النجمة السباعية التي تشير إلى السبع المثاني وهي سورة الفاتحة، ورمز السموات السبع، ورمز الملكية الهاشمية، وفق الديوان.
وتم اختيار خط الثلث، وهو من أجمل الخطوط العربية الإسلامية، لتخط به مضامين الراية.?وأثارت مواقع صحفية أردنية سؤالا أثار جدلا حينها، "لم لا يتغير العلم"، إلا أن الأمر لم يدم طويلا بعد التوضيح الرسمي.
سوريا
وفي سوريا أيضا، يدور جدل العلم السوري، الذي انعكس على ساحة الأزمة بشقيها الرئيسين، الثوري والتابع للنظام.
ويطلق على العلم الذي تبنته الثورة السورية بعد أشهرعلى انطلاق شرارتها اسم "العلم الأخضر"، فهو يحمل اللون الأخضر مكان الأحمر في أعلى العلم، بينما يتغير لون النجوم (الكواكب) من الأخضر إلى الأحمر.
وجاء الأمر في سياق مشابه لتبني الثورة الليبية منذ انطلاقها لعلم ليبيا السابق المختلف عن العلم الذي جاء به القذافي.
ومع مرور الزمن وزيادة الاستقطاب بين السوريين تكرس العلم رمزا للثورة السورية، ووجد فيه كثيرون تمييزا للمظاهرات المعارضة عن المسيرات الموالية للنظام في بداية الأزمة.
وأثير جدل حول أن العلم الأخضر يمثل علم الاستقلال أم علم الانتداب الفرنسي، وعند تشكيل الائتلاف الوطني السوري في أواخر عام 2012 قام الأخير باتخاذه علما رسميا له.
وما زال الجدل لم يحسم حتى اليوم بشأن العلم في ظل استمرار الأزمة السورية.
العراق
تغير شكل علم العراق أربع مرات في تاريخه منذ قيام الدولة، إذ تم اعتماد أول علم له في عام 1921 عند إنشاء المملكة العراقية الهاشمية حينها.
وكان العلم يحوي خطوطا أفقية أسود وأبيض وأخضر، مع شيه منحرف أحمر في الجانب، ونجمتين سباعيتين بيضاوتين ترمزان للمحافظات الـ 14 في المملكة.
وألون العلم وتصميمه مشابهة لتصميم علم الثورة العربية الكبرى.
وكان التغيير الثاني بعد حركة 14 تموز/ يوليو 1958، على الحكم الملكي في العراق.
واعتمد العراق حينها علما يحوي خطوطا عمودية أسود وأبيض وأخضر، مع شمس ثمانية الأضلاع حمراء، وفي مركزها دائرة صفراء، حيث ترمز إلى "شمس الحرية"، الأمر الذي أثار في حينها جدلا بسبب تبني بعض الأحزاب الشيوعية لهذه الشمس وباللون الأحمر.
ويرفع هذا العلم حتى اليوم المجلس الوطني الكوردستاني، باعتباره العلم الوحيد الذي فيه رمز للأكراد، وهو الشمس الصفراء.
وأقر هذا العلم في تموز/ يوليو 1963، بعد توقيع اتفاق الوحدة الثلاثية مع مصر وسوريا، ومتكون من الألوان الأحمر والأبيض والأسود والأخضر بشكل عرضي، وهي رمز لأعلام قادة الإسلام من آل بيت الرسول أثناء الغزوات.
وترمز النجوم الثلاث إلى الاتحاد الذي كان سيقوم مع مصر و سوريا، وكان من المفروض تغييرها إلى ثلاث نجوم لولا انهيار الاتحاد بعد وفاة الرئيس الأسبق عبد السلام عارف.
التغيير الثالث كان في عهد صدام، تم إجراء تحوير بسيط على علم العراق بإضافة عبارة الله أكبر، وأقر التعديل في 14 حزيران/ يناير 1991، بعد الاجتياح العراقي للكويت.
ولم يتأكد رسميا تغيير رمز النجوم الثلاث لتمثل أهداف حزب البعث "وحدة، حرية، اشتراكية".
وفي 22 تموز/ يناير 2008، بعد خمس سنوات على الغزو الأمريكي للعراق واعتقال صدام، أقر مجلس النواب العراقي قانون تغيير العلم، الذي أزال بموجبه النجوم الثلاثة التي كانت ترمز إلى الوحدة والحرية والاشتراكية، التي كانت أهدافا لحزب البعث العربي الاشتراكي (التي كانت سترمز إلى الوحدة التي لم تحدث مع مصر وسوريا والعراق سنة 1963)، وإبقاءعبارة "الله أكبر" بالخط الكوفي.