نشرت مجلة "ذا ديبلومات" اليابانية تقريرا استعرضت فيه الأسباب التي تدفع حليفة الولايات المتحدة الأمريكية،
الإمارات العربية المتحدة، إلى عقد صفقات
أسلحة سرية مع
كوريا الشمالية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وزارة الخارجية الإماراتية أصدرت، بتاريخ 2 آب/ أغسطس سنة 2017، بيانا رسميا يدين إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في كوريا الشمالية إلى المنطقة الاقتصادية التابعة لليابان. ووصفت الإمارات، أعمال كوريا الشمالية بأنها تشكل "تهديدا حقيقيا على الأمن والاستقرار الدولي"، مؤكدة أهمية دعم القانون الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية.
وذكرت المجلة أنه على الرغم من هذا الخطاب القاسي المناهض لبيونغ يانغ من أبوظبي، إلا أن مذكرة مسربة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، كشفت أن الإمارات اشترت أسلحة بقيمة 100 مليون دولار من كوريا الشمالية، خلال شهر حزيران/ يونيو من سنة 2015. وتهدف الإمارات من خلال هذه
الصفقة إلى دعم التدخل العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات قامت بشراء أسلحة بصفة سرية من كوريا الشمالية لردعها عن بيع التكنولوجيا العسكرية المتطورة إلى إيران والمتمردين الحوثيين في اليمن.
وأضافت المجلة أن التوترات ازدادت حدة بين أبوظبي وواشنطن نتيجة لاتفاق إدارة أوباما النووي، الذي أبرمه خلال شهر تموز/ يوليو سنة 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، على الرغم من أن أبوظبي كانت تعتبر من بين حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط. وقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أكثر المعارضين لمحاولات أوباما لتطبيع العلاقات مع إيران، حيث أعرب 91 بالمائة من المواطنين الإماراتيين، الذين شملهم الاستطلاع سنة 2015، عن معارضتهم لهذا الاتفاق النووي.
وقالت المجلة إن العديد من صناع السياسة الإماراتيين يعتقدون أن إيران سوف تتراجع عن التزاماتها بخطة العمل الشاملة، وستحاول استغلال الوضع من أجل تحقيق طموحاتها النووية. وفي هذا السياق، أعرب كبار المسؤولين الإماراتيين، بمن فيهم سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، عن اهتمامهم بتطوير رادع نووي إماراتي.
في حين أن المسؤولين الأمريكيين لا يريدون من دولة الإمارات شراء أسلحة نووية، حافظت أبوظبي على روابط تجارية مع الدول النووية المناهضة للغرب كي تستطيع الردّ على إيران في حال لم تلتزم ببنود الاتفاق النووي.
وأشارت المجلة إلى أن الروابط العسكرية بين أبوظبي وبيونغ يانغ تعود إلى سنة 1989، عندما اشترت الإمارات صواريخ سكود- بي من كوريا الشمالية. وقد رافق عمليات شراء الصواريخ، تطوير دولة الإمارات العربية المتحدة لأنظمة طائرات ميراج 2000، وأنظمة طائرة أف-16، التي يمكن استخدامها كنظم للأسلحة النووية.
وأفادت المجلة بأنه كان ينظر إلى الصين وباكستان في البداية كموردين محتملين للمواد النووية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن، يمكن أن تجعل مسألة عدم رغبة كل من بكين وإسلام آباد في عزل طهران، من بيونغ يانغ موردا أفضل للتكنولوجيا النووية.
وأشارت المجلة إلى أن الإمارات أجرت صفقاتها العسكرية مع كوريا الشمالية من خلال شركات خاصة لضمان عدم خضوع أبوظبي للعقوبات الأمريكية، نظرا لأن ذلك يمكن أن يجعلها عرضة لردود فعل قاسية من قبل الولايات المتحدة. وقد تم عقد صفقة الأسلحة مع بيونغ يانغ، خلال شهر حزيران/ يونيو سنة 2015، من خلال شركة "المطلق للتكنولوجيا" الإماراتية، التي تعمل كوسيط لنقل الأسلحة بين الدول.
وأوضحت المجلة أن قرب التعاون بين شركة المطلق للتكنولوجيا ومجموعة الذهب الدولية، التي تعتبر مستوردا رئيسيا للأسلحة في الإمارات، علما بأن صديق ولي العهد المقرب فاضل سيف الكعبي هو من يديرها، أدى إلى التكهن بتواطؤ الحكومة الإماراتية في صفقات الإمارات مع كوريا الشمالية.
وسمح الغموض، الذي يكتنف معرفة الحكومة بعلاقات الدولة مع كوريا الشمالية، والانتقادات الرسمية التي وجهتها أبوظبي إلى اختبارات الصواريخ الباليستية في بيونغ يانغ، للإمارات بإبقاء تبادلاتها التجارية مع كوريا الشمالية مخفية.
وبينت المجلة أنه عبر إنشاء قناة خلفية محتملة لشراء الصواريخ والمواد النووية، فإن صفقات الجيش الإماراتي مع بيونغ يانغ توفر لكوريا الشمالية العملة الصعبة التي تحتاجها كي تستطيع الاستمرار في إدارة اقتصادها. كما أن أهمية الإمارات كشريك اقتصادي لكوريا الشمالية من شأنه أن يكسب أبوظبي نفوذا على أنشطة بيونغ يانغ العسكرية، وبالتالي يمكنها أن تقنع كوريا الشمالية بعدم تقديم تكنولوجيا عسكرية متطورة لإيران وحلفائها.
وتطرقت المجلة لعملية عرقلة الإمارات لشحنات الأسلحة الكورية الشمالية إلى إيران سنة 2009، فضلا عن استيلائها على سفينة كانت تحمل الأسلحة الكورية الشمالية لإيران. وقد كان لهذه العملية فوائد إستراتيجية ساهمت في طمأنة السعودية لالتزام أبوظبي بحظر وصول إيران إلى التكنولوجيا العسكرية الكورية الشمالية.