تناقلت عدد من المنابر الإعلامية بالمغرب خبر تقديم الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء (وسط البلاد)، أمس الجمعة، لملتمس تطبيق عقوبة الإعدام في حق قائد
حراك الريف،
ناصر الزفزافي ورفاقه المتعقلين على خلفية
احتجاجات الحسيمة، ما أثار جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي.
الخبر نفته النيابة العامة جملة وتفصيلا، وأعلنت في بلاغ اطلعت عليه "
عربي21" أن النائب العام لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أكد أن "ما تداولته بعض وسائل الإعلام الإلكترونية من أخبار بشأن تطبيق عقوبة الإعدام في حق بعض المشتبه فيهم في أحداث مدينة الحسيمة لا يستند على أساس من الصحة والقانون".
وأوضح بلاغ النائب العام، أن "ملف القضية ما زال بين يدي قاضي التحقيق الذي يرجع إليه وحده طبقا للقانون الحق في إصدار أوامر بالإحالة أو عدم المتابعة أو عدم الاختصاص. علما بأن المطالبة بتطبيق العقوبات لا تكون إلا أمام قضاء الحكم وحده وليس أمام قاضي التحقيق".
وخلص البلاغ إلى أنه "يظهر مما سبق، أن الهدف من وراء الأخبار المذكورة أعلاه، هو التأثير على مجريات التحقيق".
وتداول عدد كبير من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي عددا من الأخبار منقولة عن منابر إعلامية مغربية ذكر فيها أن الوكيل العام للملك طالب بـ"إعدام" ناصر الزفزافي ورفاقه
المعتقلين، ما خلف استياء واسعا لديهم، وحذروا من تبعات تنفيذ هذا الملتمس على استقرار منطقة الريف خاصة والمغرب عامة.
الفصل موضوع المتابعة منذ البداية
ورفعا لأي التباس، قال محمد أغناج، أحد محامي نشطاء حراك الريف، في تصريح لـ"
عربي21"، إن "النيابة العامة لا تلتمس أية عقوبة محددة خصوصا من قاضي التحقيق"، لافتا إلى أن "العقوبة القصوى المنصوص عليها في أحد فصول المتابعة (الفصل 201) هي الإعدام"، مستدركا أن هذا الفصل "هو موضوع المتابعة منذ البداية وليس فقط الآن".
وينص الفصل 201 من القانون الجنائي
المغربي أنه "يؤاخذ بجناية المس بسلامة الدولة الداخلية ويعاقب بالإعدام، من ارتكب اعتداء الغرض منه إما إثارة حرب أهلية بتسليح فريق من السكان أو دفعهم إلى التسلح ضد فريق آخر وإما بإحداث التخريب والتقتيل والنهب في دوار أو منطقة أو أكثر".
ويضيف الفصل: "ويعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة من دبر مؤامرة لهذا الغرض إذا تبعها ارتكاب عمل أو الشروع فيه لإعداد تنفيذها".
وجاء في الفصل أيضا: "أما إذا لم يتبع تدبير المؤامرة ارتكاب عمل ولا الشروع فيه لإعداد التنفيذ، فإن العقوبة تكون الحبس من سنة إلى خمس سنوات. ويعاقب بالحبس من ستة شهور إلى ثلاث سنوات من دعا إلى تدبير مؤامرة ولم تقبل دعوته".
وأوضح المحامي أغناج أن مسار ملف التحقيق "لا علاقة له بأي انفراجات ممكنة"، بعد انتشار أصوات تطالب بتمتيع المعتقلين بالعفو الملكي في عيد الشباب المقبل، على غرار رفاقهم الذين أفرج عنهم خلال عيد العرش.
وأكد أغناج على أن معنويات ناصر الزفزافي وباقي المعتقلين بالدارالبيضاء مرتفعة.
بدوره قال خالد أمعز، العضو بهيئة الدفاع على نشطاء حراك الريف، في تصريح لـ"
عربي21"، إن ملتمس النيابة العامة هذا وجه إلى قاضي التحقيق منذ اعتقال المعتقلين، واليوم بعد انتهاء التحقيق تتمسك بملتمسها الرامي إلى متابعتهم بنفس التهم التي وردت في الملتمس الأول الرامي إلى إجراء تحقيق، إذا الأمر ليس جديد".
المحاكمة ستكون علنية
وفي تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك"، كشف أمعيز أنه "تم رفض جميع طلبات السراح المقدمة لفائدة المعتقلين ما يعني متابعتهم أمام المحكمة جميعهم في حالة اعتقال ما لم تحدث مفاجآت سارة في غضون هذين الأسبوعين، وهو أمل علي أن أكون واضحا في أنني لا أرجحه ولا أنفيه مطلقا أو جزئيا"، لافتا إلى أن جلسات المحاكمة ستكون علنية ومفتوحة للجميع من أجل حضورها ومتابعة أطوارها.
ملتمس النائب العام غير دقيق
بالمقابل، هاجم إسحاق شارية، محامي الزفزافي وعدد من نشطاء حراك الريف المعتقلين، ملتمس النائب العام، وقال في بلاغ نشره على حسابه بـ"فسيبوك"، إن "ما صدر عن الوكيل العام لمحكمة الدار البيضاء غير دقيق على اعتبار أنه قدم لقاضي التحقيق ملتمساته بشأن متابعة المعتقلين وأقحم الفصلين 201 و 202 من القانون الجنائي الذي تصل عقوبتهما إلى الإعدام والمؤبد".
استغلال الرموز الوطنية
ولفت شارية إلى أن كتاب الملتمسات تضمن "استغلالا غير بريء للراية المغربية وصور المسيرة الخضراء بغرض التأثير على القاضي، وجعله يعتقد أن حماية المؤسسات والرموز الوطنية تقتضي منه الاستجابة، لملتمساتها"، معتبرا هذا الفعل "خرقا سافرا للقانون واستغلالا مقيتا للرموز الوطنية من أجل التأثير على مجريات المحاكمة وقرارات قاضي الحقيق وقاضي الحكم".
واعتبر "إقحام الفصلين (201 و202) توريطا للقضاء على اعتبار أن قاضي الحكم سيضطر في أحسن الأحوال إلى الحكم بخمس سنوات أو عشر أو عشرين سنة وكلها عقوبات قاسية جدا في حق المعتقلين الأبرياء".
وطالب شارية النائب العام "إن كان يسعى إلى التطبيق السليم للقانون وتمتيع المعتقلين بمحاكمة عادلة بأن يتراجع عن استغلال الرموز الوطنية في كتاب ملتمساته، وأن يسحب الفصلين 201 و202 من الملف، باعتبارهما غير مرتبطين بالوقائع".
وطالب النائب العام بـ"الكشف عن مصير التحقيق في ملف نشر صور ناصر الزفزافي، ومنحه الحق كما المعتقلين للتخابر مع دفاعه الأستاذ النقيب زيان المحروم من الاتصال بهم بقرار من مديرية السجون رغم إذن قاضي التحقيق، ووقف التضييق على محامي المعتقلين وعلى رأسهم الأستاذ البوشتاوي".
وبلغ عدد الموقوفين على خلفية احتجاجات الريف أكثر من 250 شخصا، صدرت أحكام قضائية غير نهائية بحق العشرات منهم، فيما أفرج عن بعضهم بعفو ملكي أبرزهم الفنانة سليمة الزياني المعروفة بـ"سيليا".
ومنذ تشرين أول/ أكتوبر الماضي، تشهد الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف، احتجاجات متواصلة بعد موت بائع السمك "محسن فكري"، للمطالبة بـ"التنمية ورفع التهميش عن المنطقة ومحاربة الفساد".