تعكس حملة السلطة
الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، التي تستهدف الصحفيين ووسائل الإعلام، حالة التهديد المباشر والتدهور الخطير للعمل الصحفي الفلسطيني، في معركة أكد صحفيون لـ"عربي21"، أنها "خاسرة" رغم محاولة الأجهزة "ردع" كل من يغرد خارج السرب.
محاربة الصحفيين
واعتقلت أجهزة أمن السلطة الأربعاء الماضي، ستة صحفيين عقب مداهمة منازلهم ومصادرة حواسيبهم الشخصية، وتم تمديد توقيفهم بموجب قانون "الجرائم الإلكترونية" المثير للجدل وهم؛ عامر أبو عرفة، ممدوح حمامرة، طارق أبو زيد، قتيبة قاسم، وأحمد الحلايقة والصحفي إسلام زعل.
كما عملت السلطة في الضفة مؤخرا، على إغلاق العديد من المواقع الإلكترونية المحسوبة على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ونوه الصحفي والكاتب الفلسطيني خالد العمايرة، أن "
السلطة الفلسطينية ومنذ تأسيسها، دأبت على محاصرة حرية
الصحافة والتعبير وكل خط معارض لما تنتهجه السلطة، والسبب في ذلك أن نظامها نسج على غرار الأنظمة العربية الاستبدادية".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن السلطة "ملتزمة بقمع ومحاربة كافة الأصوات التي لا ترضى عنها إسرائيل، حتى أن الصحفي الإسرائيلي يمكنه التعبير عن آراء مناهضة ومناقضة للحكومة الإسرائيلية، بينما الصحفي الفلسطيني في الضفة لا يمكنه أن يسعى إلى ذلك".
وعن سبب ذلك، بين العمايرة، أن "السلطة بحاجة لإثبات إخلاصها في قمع الأصوات المناهضة لإسرائيل، أملا منها في الحصول على شهادة حسن سلوك من الجانب الإسرائيلي واللوبي اليهودي الأمريكي"، وفق قوله.
موجات متصلة
وحول مدى تأثير ذلك في ردع وتخويف الصحفي عن أداء دوره بالشكل المهني المطلوب، قال: "الذين عندهم قابلية للخوف، سيقمعون أنفسهم بأنفسهم، وأما الآخرين الذين يملكون القدرة على الصدع بحرية الرأي، فعددهم في ازدياد مطرد".
ولفت الصحفي، إلى أن المطلوب من الإعلام الفلسطيني والإعلام بشكل عام لمواجهة هذه الحالة أمران، "الأول؛ أن يكون صادقا وأن يلتزم بشكل قطعي بقول الحق، والثاني؛ أن يتحلى بالشجاعة في عرض الحقائق والآراء الموضوعية الحرة".
وأضاف: "نحن نعيش في عصر الآفاق المفتوحة، وإذا ما أغلقت قناة أو وسيلة إعلامية أخرى هنا أو هناك، فهناك عشرات الوسائل التي توفر منصات إعلامية بديلة للصحفيين".
وأكد الصحفي والكاتب الفلسطيني الذي يراسل ويكتب في العديد من وسائل الإعلام الأجنبية منذ أربعين عاما، أن "محاربة وقمع الصحفيين، معركة خاسرة بكل ما في الكلمة من معنى، ولا يفعلها إلا الأغبياء".
من جانبها، أوضحت الصحفية الفلسطينية نائلة خليل، أن استهداف الصحفيين من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، "يأتي على شكل موجات متصلة، أصبحنا ندرك أننا سندفع ثمنها عاجلا أم آجلا".
وعبرت في حديثها لـ"عربي21"، عن صدمتها من المعلومات المسربة من قبل الأجهزة الأمنية بالضفة، والتي كشفت أن اعتقال الصحفيين الستة الأسبوع الماضي، جاء "ردا على اعتقال الأجهزة الأمنية بغزة للصحفي فؤاد جرادة، في حين كان مخطط السلطة بحسب ما ورد في مؤتمر نقابة الصحفيين اعتقال 15 صحفيا لولا تدخل النقابة في الضفة ومنع اعتقال الباقين".
مرحلة ردع
وقالت خليل: "أصبح التعامل مع الصحفيين يتم بمنطق العصابات، وهذا أمر سيئ للغاية"، موضحة أن "جزء كبير من الصحفيين العاملين في قناة الأقصى والقدس في الضفة، لا ينامون في بيوتهم ويعيشون حالة ملاحقة حقيقية، رغم أنهم لم يرتكبوا أي مخالفة للقانون الفلسطيني، وذلك فقط لدفع ثمن الاعتقالات في غزة.."، وفق قولها.
ورفضت بشدة "أي رواية أمنية للأجهزة الامنية الفلسطينية، سواء في الضفة أو غزة"، مؤكدة أن ما يجري في الضفة يكشف مدى "التدهور الكبير والخطير في التعامل مع الصحفيين الفلسطينيين، لأن الأمر لا يقف عند الاعتقال الغير قانوني، وإنما يمتد لاغتيال السمعة".
وأكدت الصحفية الفلسطينية، أن "الصحفي فقد أمنه الشخصي والمهني وهو معرض للاعتقال في أي لحظة من أي جهاز أمني، كما أنه من المتوقع أن يجد الصحفي اسمه بالكامل على الوكالة الرسمية، بتهمة تسريب معلومات لجهات معادية".
ونوهت خليل، والتي سبق أن قام جهاز الأمن الوقائي بالضفة، باستدعائها للتحقيق دون معرفتها السبب وراء ذلك، أن "الفلسطيني يفهم أن الجهات المعادية، هو الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفة: "نحن نعيش في مرحلة ردع كبيرة؛ فالأمن يحاول فيها ردع كل من يغرد خارج السرب (الخاص به)".
وأضافت: "الكل يجب أن يكون على ذات الكلام والرأي، والمخالف إما أن يعتقل أو يهدد بالاعتقال والاستدعاء، وهذا كله له علاقة بقانون الجرائم الإلكترونية وحجب المواقع، وهو ما يؤدي إلى تقوية القبضة الأمنية على الصحفيين"، مؤكدة أنه "لا يوجد اليوم صحفي فلسطيني مهني وحر بخير".