منذ بدء التدخل الإيراني في
سوريا، شهدت مناطق عديدة تهجيرا لسكانها، سواء بسبب القصف والحصار أو عبر اتقاقات سميت بـ"المصالحات"، أو بالترهيب في المناطق التي لا تشهد معارك.
وفي "مثلث الموت" في جنوب سوريا تجري عملية لتهجر سكان المنطقة، لتحل محلهم عائلات
المليشيات الإيرانية، لا سيما حزب الله اللبناني، مانعة سكان المنطقة من العودة إلى منازلهم.
والمنطقة المروفة باسم "مثلث الموت" تربط بين درعا والقنيطرة وريف دمشق الغربي، وهي تشكل حدود تماس مباشر مع الجولان المحتل. كما أن المنطقة مفتوحة على دمشق، ولذلك تعمل المليشيات الإيرانية على إفراغها من السكان عبر القصف وسياسة الأرض المحروقة.
وحول منع النظام عودة أهالي مناطق دير ماكر، والهبارية، والدناجة وحمريت ودير العدس"، قال فواز السبسبي وهو نازح من "مثلث الموت"، لـ"عربي21": "النظام منذ بداية حملته علينا التي كانت بزعامة قياديين مشهورين في المليشيات الإيرانية، والذين سقط العديد منهم، حيث كان هدفه الأساسي تهجير سكان البلد الأصليين لتحل محله عائلات عناصر المليشيات الإيرانية".
ويضيف: "حاولت أنا والعديد من الأهالي العودة إلى منازلنا، ولكن النظام شكل عائقا كبيرا أمامنا، واضعا حججا واهية وشروطا، منها تسليم السلاح والمطلوبين من المنطقة والقيام بالمصالحات التي يعمل بها النظام مؤخرا، لكن تأكدنا أن كل ما قاله النظام لنا هو كذب، والسبب الرئيسي وراء منعنا هو وجود عائلات المليشيات الإيرانيه، كما تأكدنا من ذلك عن طريق أقارب لنا يقطنون في مناطقنا، التي كانت تحت سيطرته منذ البداية"، وفق قوله.
ويوضح أنه "بدأ الاقتحام بشكل مفاجئ إلى مناطقنا والتلال المجاورة؛ بعد الحملة الشرسة التي شنت علينا من قبل مليشيات إيرانية و حزب الله، حيث كان القصف كثيف بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، ولم تخل السماء من الطائرات، وفي هذا الوقت بدأت العائلات بالنزوح، وضاقت الدنيا بنا، ثم تهجرنا وتركنا أرضنا وبيوتنا، ولم يكن هناك مأوى إلا مناطق الثوار المحررة البعيدة عن القصف، لتكون المخيمات ملاذنا".
وأضاف السبسي: "الناس أصبحوا يتوقون للعودة إلى بيوتهم وأرضهم لسوء الوضع المعيشي في المخيمات، حيث بدأت حربنا مع الحياة فيها من جديد بسبب مشاكل كثيرة وعوائق كبيرة، منها المواصلات لأن المخيمات ليست قريبة من البلدات، كما لا توجد مدارس لتعليم الأطفال، وإن وجدت لا يتوفر المعلمون، والأهم من هذا أن المخيمات غير صحية نتيجة الأمراض المزمنة ومن لسعات الحشرات وغيرها".
ورأى أن هدف النظام من تهجير أهالي هذه المناطق هو منع الثوار من التقدم إلى العاصمة دمشق؛ لأن مثلث الموت هو المفتاح الذهبي والأقرب إلى العاصمة، وبالسيطرة عليه يكون قد شكّل النظام طوقا لصد الثوار، وتأمين الخطوط الأولى للعاصمة.
في ذات السياق، قال الناشط الإعلامي بشير الدرعاوي، إنه بعد أن أحكمت قوات المليشيات المشتركة، التي تضم لواء فاطميون وحزب الله اللبناني والفرقة السابعة واللواء 90، سيطرتها على تلال مرعي والسرجة وقرين وفاطمة الزهراء وظهرة حمريت، التي تُعد مواقع حيوية للمثلث، سقطت عمليا قرى وبلدات دير ماكر والدناجي والهبارية وخربة سلطانة وحمريت وسبسبا ودير العدس، ما تسبب في تهجير أهل هذه البلدات، والذين يزيد عددهم عن 30 ألف مدني، البلدات بشكل كامل، حيث توجه المهجرون إلى مناطق الجيش الحر في ريفي القنيطرة ودرعا.
وأوضح الدرعاوي أن "حزب الله بدأ بإصدار وثائق ملكية مزورة بغرض استملاك العقارات أو بيعها، فيما عززت القوات المشتركة سيطرتها على المثلث بإنشاء قواعد عسكرية في تلال فاطمة الزهراء، لتصبح ثكنة ضخمة لحزب الله، ومنها يتم توزيع عناصر الحزب على نقاط المثلث الأخرى".
وذكر الدرعاوي أنه "بعد سيطرة مليشيات القوات المشتركة على المنطقة، أحكمت الطوق على غرب دمشق، وبدأت بمحاصرة مواقع المعارضة القريبة من دمشق، مثل كناكر وخان الشيح وداريا وزاكية، ما نتج عنه إرغام تلك البلدات والمدن على الاستسلام و"المصالحة أو التهجير، تنفيذا لمخطط التغيير الديمغرافي مثل ما بدا في الأونة الأخيرة".