تشهد الساحة
اليمنية تفاعلات سياسية على أكثر من صعيد بعد أيام من إعلان أحزاب سياسية، أغلبها يسارية، عن تحضيرات لتأسيس
ائتلاف سياسي جديد، في تطور يبعث على التساؤل حول توقيت وتركيبة هذا الكيان.
ويضم هذا التحالف "الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، وحزب العدالة والبناء، واتحاد القوى الشعبية، والتجمع الوحدوي اليمني" وفقا لبيان اللجنة التحضيرية الصادر من القاهرة.
وكان لافتا، غياب أكبر الأحزاب السياسية حضورا، وهما "حزب المؤتمر الشعبي العام (الجناح الموالي للرئيس عبدربه منصور هادي) والتجمع اليمني للإصلاح" الذي كان، أي الإصلاح، شريكا لأبرز حزبين فاعلين في هذا الائتلاف في تكتل "اللقاء المشترك" الذي تأسس في العام 2003.
وكانت اللجنة التحضيرية لهذا التكتل، أعلنت يوم الأحد، عن توافقها على الاسس والمبادئ الرئيسية والتي تنطلق من قاعدة "إنهاء الانقلاب وتصويب مسار الشرعية واستعادة الدولة والديمقراطية التوافقية والشراكة في رسم مستقبل اليمن، وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
ظهور مفاجئ
من جانبه، قال الصحفي والمحلل السياسي، فؤاد مسعد إن الاعلان عن هذا المكون، كان مفاجئا، معتبرا إياه محاولة لإعاقة حوارات القوى السياسية الموالية للشرعية، التي شرعت منذ وقت مبكر، في البحث عن صياغة جديدة للعمل السياسي وفق التطورات والتحديات الماثلة المتمثلة بـ"معركة استعادة الدولة وانهاء الانقلاب".
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن ظهور هذا الكيان الجديد، كشف عن ضلوع قوى داخلية وخارجية في تفخيخ المشهد السياسي، كما تم تفخيخ المشهد العسكري والأمني بأذرع وأجنحة تتلقف الأوامر والتعليمات من خارج السياق الوطني.
وأبدى الصحفي مسعد استغرابه من هذه الخطوة، وتساءل عن هوية هذه القوى المستفيدة من أضعاف البنية السياسية المناصرة للحكومة الشرعية، والتي سعت جاهدة منذ انطلاق عاصفة الحزم لإقصاء أهم مكون سياسي واجتماعي يدعم الشرعية وهو
حزب الإصلاح.
وأردف قائلا :هذه القوى الخفية وأتباعها من الأحزاب الصغيرة، وقفت في صف مليشيات الحوثي نكاية بالإصلاح عندما ظلت تسوق أن حرب الحوثي تستهدفه ولا تستهدف الدولة وفق قوله.
وأشار الصحفي والمحلل السياسي اليمني إلى أن هذه الأحداث جاءت "لتكشف أن الحقد السياسي الذي أعمى البعض عن رؤية الحقيقة المرّة التي صفعهم بها الحوثي عقب سيطرته على العاصمة صنعاء أواخر العام 2014".
وحذر مسعد من مشهد خطير يجري الترتيب له، عبر إعادة بعث هذه القوى للقيام بدور مشابه لما حدث في العام 2014، خاصة وأنها استبعدت أهم مكونات الشرعية ممثلة بشباب الثورة والمقاومة الشعبية وتجمع الإصلاح والمؤتمر الذي يقف مع الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس هادي.
تحالف يساري بدعم إماراتي
الكاتب والمحلل السياسي، فيصل علي، هاجم بشدة الائتلاف الذي اسماه بـ"التحالف
اليساري الجديد" وقال إنه مناورة مفضوحة مدعومة من دولة
الإمارات، لإضعاف السلطات الشرعية.
وأكد علي في حديث خاص لـ"
عربي21" أن استبعاد حزبي "المؤتمر والإصلاح " أكبر حزبين في البلد، دليل على أن هذا التكتل لا يقبل القسمة على أكثر من اليسار.
واتهم الكاتب اليمني الإمارات بدعم هذا الائتلاف كونها "لا تريد تحالفا فيه الإصلاح"، في وقت يخاف اليساريون من التحالف مع المخلوع صالح وحزب المؤتمر، لأنه سيلتهمهم ويعيدهم لنظام الخدمة لديه حسب وصفه.
وأوضح علي أن ظهور هذا الائتلاف، ليس معناه أننا "أمام تحالفات جديدة، بقدر ما نحن أمام عملية اعادة تدوير مخلفات الماضي" لافتا إلى أن هذه الأحزاب لم يعد لها وجود فعلي في الميدان وهي تبحث عن دور مستقبلي.
وقال إن "التوقعات المبنية على قراءات واقعية لا مكان لهذه المكونات مستقبلا".
مكون سياسي يتبرأ
وبموازاة ذلك، أعلن حزب "التجمع الوحدوي اليمني" ورد اسمه في الائتلاف، أنه لم يكن على علم بهذا التكتل، وأنه حل منه ومن وثائقه".
وقال عبدالله عوبل، رئيس الحزب (يساري) في بيان له:"يؤسفنا أن يتم الزج بحزبنا، التجمع الوحدوي، في تكتل سياسي لم يتم التشاور معنا ولم نناقش وثائقه".
وأضاف أن حزبه "في حل منه ومن الوثائق التي قيل إنها أساس هذا التكتل".
واعتبر عوبل أن الزج باسم الحزب في هذا التكتل دون التشاور مع الامانة العامة للحزب، عمل يتنافي مع قواعد وأعراف العمل السياسي.
وأشار إلى أن حزب التجمع الوحدوي اليمني مع اعادة الروح للحياة السياسية بالوسائل التي تقترحها الاحزاب المدنية التي تدرك معاناة الشعب اليمني و المتضررة بدرجة رئيسية من "الانقلاب على الدولة ومصادرتها وإدخال البلاد في اتون حرب ضروس أجهزت على كل شيء فيها بما فيه النسيج المجتمعي".
وبحسب بيان الحزب فإن كل ذلك لن يتأتى إلا بتوجيه الطاقات الى مساحة الفعل السياسي التشاركي القائم على المشاركة والتنسيق والتشاور وليس الوصايا والارتجال.
يشار إلى أن قيادات من الأحزاب اليمنية الرئيسية اعتذروا عن التصريح لـ"عربي21" بشأن الائتلاف الجديد المقرر تشكيله.