هل بدأ حفتر بالتنكر والتملص من اتفاق باريس؟

طالب عشرات المتظاهرون في ساحة الكيش بمدينة بنغازي، بتفويض اللواء المتقاعد خليفة حفتر لتولي الرئاسة بليبيا وقيادة البلاد.

ورفع المتظاهرون شعارات في المظاهرة التي أقيمت أمس الجمعة في ساحة الكيش، تطالب خليفة حفتر بالتدخل لحل الأزمة الليبية.

واحتج المتظاهرون رفقة عدد من الكتائب بنغازي التي شاركت في المظاهرة على مذكرة محكمة الجنائية الدولية التي أمرت بالقبض على القيادي في عملية الكرامة محمود الورفلي.

بيان باريس

واحتضنت العاصمة الفرنسية باريس في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي اللقاء الرابع بين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج المدعوم دوليا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأعلن السراج وحفتر في بيانهما مشترك، التزامهما بوقف إطلاق النار وتفادي اللجوء إلى القوة المسلحة في جميع المسائل الخارجة عن نطاق مكافحة الإرهاب، والعمل على إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن تحت إشراف الأمم المتحدة.

ولكن سرعان ما خرج حفتر في لقاء تلفزيوني روسي خلال زيارته موسكو الأيام الماضية، متهما فائز السراج بالإخلال بكثير من المبادئ التي جرى الاتفاق عليها، في باريس، قائلا: "على الرغم من الاتفاق مع السراج، على الكثير من المبادئ إلا أنه أخل بها"، مؤكدا أن قواته "تعتزم مواصلة القتال حتى السيطرة على كافة الأراضي الليبية والقضاء على الإرهاب".

لماذا

ويرى مراقبون للشأن الليبي أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبمشورة مصرية يبحث عن سبيل للتخلص من بيان باريس، الذي يعني التزامه باتفاق الصخيرات السياسي، والخضوع للسطلة السياسية للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وهو الأمر المرفوض بالنسبة لشخصية حفتر، الذي يسعى إلى السيطرة على مقاليد السلطة في كامل ربوع ليبيا.

اقرا أيضا : "العدالة والبناء" الليبي ينتقد تصريحات للمفتي حول "الصخيرات"

وأضافوا، أن حفتر يحاول من خلال مطالبة متظاهرين في بنغازي بتفويضه لحكم ليبيا، الحصول على شرعية شعبية تغطي أي عمل عسكري يقوم به، وفي الوقت ذاته تبرير رفضه الانصياع لاتفاق الصخيرات وبيان باريس.

وذكر المراقبون أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر يستنسخ سيناريو انقلاب الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي في الثلاثين من حزيران/يونيو 2013، والذي احتج حينها بالتفويض الشعبي الذي حازه من الشعب المصري.

عقبات

وتواجه اللواء المتقاعد خليفة حفتر عقبات سياسية وعملية، إذا ما أقدمت قواته على أي عمل عسكري غرب ليبيا، مثل الدعم السياسي والاعتراف الدولي الواسع الذي ناله مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، وكذلك وجود قوات إيطالية رمزية على حدود المياه الإقليمية الليبية يعرقل أي عمل عسكري لقوات عملية الكرامة.

ويضيف بعض المعلقين، أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، مقتنع أن حفتر لن يدخل تحت اتفاق الصخيرات السياسي، وأنه يستقوي بمصر والإمارات في رفض أي تسوية سياسية.

ويزيد انقسام مجلس النواب حول دور عملية الكرامة العسكري وحدودها، من تحجيم وتقزيم دور حفتر حتى في شرق البلاد، إذ أن عدد من أعضاء مجلس النواب يؤيدون الاتفاق السياسي ويرفضون محاولات عسكرة البلاد التي يسعى إليها وينفذها حفتر.

اقرأ أيضا : "العدالة والبناء" يعلن رفضه للتفاهمات بين "السراج" و"حفتر"

ولجأ عدد من عمداء بلديات شرق ليبيا، مثل عميد بلدية طبرق، ونائب عميد بلدية البيضاء، إلى المجلس الرئاسي في طرابلس بهدف الحصول على مساعدات لحل مختنقات تواجههم، عجزت عملية الكرامة وقائدها حفتر عن حلها، كانقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر السيولة النقدية والشح في مياه الشرب.

ويخلص المراقبون إلى أنه من المحتمل أن يواجه حفتر في هذه المرحلة المجتمع الدولي، خاصة دول أوروبا الرافضة كبراها عسكرة ليبيا، والداعمة لاتفاق سياسي أشرف سفراءها على صياغته، وإحداث التوافق بين الموقعين عليه من الفرقاء الليبيين.