منذ سيطرة "هيئة
تحرير الشام" على مدينة إدلب وريفها الشهر الماضي، بدأ الحديث يدور عن معركة مرتقبة وحاسمة تعدها الهيئة إلى جانب فصائل أخرى؛ للسيطرة على مساحات واسعة من أرياف محافظة
حماة، وذلك في إطار ما أطلقت عليه "هيئة تحرير الشام" اسم "العمل الأكبر"، الذي تقول إنه سيكسر شوكة النظام شمال حماة ويمتد ليصل إلى ريفي حماة الشرقي والجنوبي.
موجة من الجدل أثارتها هذه التصريحات وهذه الوعود، لا سيما وأن كثيرين اعتبروا بأن إطلاق أي رصاصة تجاه النظام أو فتح أي معركة ضده سيجعل من إدلب هدفا له ولحلفائه الروس والإيرانيين، باعتبار أن أي معركة هي خرق لاتفاق "خفض التوتر" المبرم في الرابع من أيار/ مايو الماضي. إلا أن ما كشفه قادة في الفصائل غيّر مسار التوقعات بهذا الصدد.
وفي هذا السياق، قال قاسم المصطفى، القيادي العسكري في الجبهة الشامية؛ "إن فصائل من المعارضة اتفقت مع الجانب الروسي على عدة نقاط متعلقة بريف حماة الشمالي والشرقي والجنوبي، وذلك خلال اجتماع بين قادة من الفصائل مع وفد روسي في أنقرة، وقد تم الاتفاق على تقسيم الخارطة الإدارية لمحافظة حماة وريفها بين المعارضة والنظام، مقابل إنهاء أي نوع من أنواع التصعيد أو المعارك لاحقا واحتفاظ كل طرف بحصته بعيدا عن سياسة الهجمات المرتدة"، وفق تعبيره.
واستطرد قائلا لـ"
عربي21": "نص الاتفاق بين الطرفين على تولي المعارضة أرياف حماة الشمالي والجنوبي وأجزاء من ريفيها الشرقي والغربي، حيث ستسيطر المعارضة على مدينة كرناز والقرى المحيطة بها، وصولاً إلى مدينة سقيلبية من الجهة الغربية، فيما ستتمتد باتجاه الجنوب وصولاً إلى بلدة خطاب؛ بعد سيطرتها على طيبة الإمام ومعردس وصوران وغيرها، إلا أنها في ذات الوقت لن تسيطر على بلدة قمحانة وسيكون الالتفاف حولهما، والهدف من ذلك هو الابتعاد عن جبل زين العابدين المطل على قمحانة، والذي تحضر موسكو لإنشاء قاعدة عسكرية لها فيه".
وأضاف: "أما التقدم باتجاه الجنوب الغربي، فسيكون لأطراف بلدة محردة، ومنها سيعود باتجاه الجنوب الغربي ليشمل القرى الواقعة بين محرة وخطاب بشكل خط شبه مستقيم تقريباً، وسيكون سهل الغاب من نصيب النظام لكونه قريبا من الساحل"، لافتاً إلى أن التمدد من الممكن أن يصل إلى بلدة كفر بهم وبلدة تل قرطل، إلا أنه لن يصل إلى بلدة حربنفسه والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة بريف حماة الجنوبي، فعليه لن يكون هناك اتصال بين ريف حماة الجنوبي والأرياف الأخرى، وأن هذا الأمر متعلق بالمفاوضات بريف حمص الشمالي ولا يمكن إقراره الآن".
وبحسب المصطفى، فإن "المعارضة ستخوض الحرب ضد داعش بريف حماة الشرقي، مقابل الحصول على مناطق نفوذ لها على أبواب البادية من الجهة الشمالية الغربية، إلا أن هذا الأمر سيكون له اتفاقية أخرى حول توزيع السيطرة، وبالتالي ستتمكن موسكو من إخماد تلك المحاور إلى الأبد ولن يكون هناك بعد الآن أية معارك قادمة في المنطقة"، كما قال.
بدوره، أكد القائد العسكري في حركة أحرار الشام، محمود العثمان، لـ"
عربي21"، استبعاد الحركة من أية معارك، لافتاً إلى أن هيئة تحرير الشام اتفقت مع عدة فصائل على استبعاد الحركة بذريعة استنفاد قوتها وعدم قدرتها على تأمين أي من الخطوط الدفاعية أو الهجومية.
وذكر أن "المخطط الآن بمجمله يقوم على مبدأ توسيع مناطق المعارضة مقابل إيقاف المعارك، فموسكو لا تريد من بعد ذلك أية خطوات تصعيدية، لا سيما في إدلب وريف حماة، وقد أبلغت
روسيا المعارضة بأنه من الضروري إيقاف وقف إطلاق النار وطرد التنظيمات الإرهابية من
سوريا قبل تنفيذ بعض المطالب"، لافتاً إلى أن موسكو وعدت بمناقشة رحيل بشار الأسد بعد إنهاء أية معارك في سوريا، وقد تم ذلك أيضاً خلال اجتماع في العاصمة أنقرة"، على حد قوله.
ويضيف: "رغم معرفة الروس بأن هيئة تحرير الشام ستتولى قيادة جميع المناطق التي ستخضع لسيطرة المعارضة، وستكون هي الفصيل الأقوى فيها، إلا أنهم قبلوا بالأمر مبدئياً كي لا يحدث أي عائق أمام رؤيتهم بالنسبة للملف السوري، وقد أبلغوا المعارضة خلال اجتماعهم معها بأنهم ضغطوا على النظام وسيواصلون الضغط للقبول بالانسحاب أو التخلي عنه نهائيا في حال رفض المناطق المحددة بريف حماة، وعليه تحمل العواقب التي قد تؤدي لخروج مدينة حماة من يده على غرار إدلب".
وأشار إلى أن الروس خططوا في ذات الوقت لمرحلة ما بعد التهدئة، وهي معارك تفكيك هيئة تحرير الشام والقضاء عليها نهائياً، كما قال.