قبل أيام من
عيد الأضحى المبارك، ارتفعت أسعار
الأضاحي في
مصر بجميع أنواعها، ما بين خمسين وستين في المئة، لتصل ما بين 60 و65 جنيها للكيلوغرام الواحد من الحيوانات الحية، مقابل 35 و40 جنيها مقارنة بالعام الماضي.
كما ارتفعت أسعار صكوك الأضاحي التي تطرحها الجمعيات الخيرية الكبرى المنتشرة في جميع محافظات البلاد؛ ما بين 20 و45 في المئة مقارنة بالعام الماضي، حيث وصل أقل سعر صك إلى 1800 جنيه، وسط عزوف كبير من الطبقات المتوسطة عن الشراء، بالرغم من الحملات الإعلامية المحمومة لحث المصريين على الشراء والتبرع.
وانتابت الجمعيات خيرية حالة من الإحباط بسبب عزوف الناس عن شراء الصكوك، فيما أعرب تجار مواشي عن خيبة أملهم من كساد بضاعتهم في واحد من أهم مواسمهم على الإطلاق. وفي الوقت الذي ارتفع فيه عدد الفقراء والمحتاجين للحوم تلك الأضاحي، تراجع عدد المتبرعين والمنفقين.
60% تراجع في الأضاحي
وقال مصطفى أسامة، تاجر مواشي بمحافظة الجيزة، وهو يشير إلى عجول جالسة وواقفة في مربضها أمام محل للجزارة: "لقد تراجع الإقبال على الشراء. فأسعار هذه العجول ارتفع من 37 جنيها للكيلوغرام الواحد العام الماضي إلى 60 جنيها هذا العام، وهي عجول بلدي من أمهات مستوردة، ويتراوح وزن الواحدة ما بين 300 و500 كيلوغرام"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وقدر التاجر تراجع الشراء "إلى نحو 60 في المئة مقارنة بالعام الماضي؛ نظرا لارتفاع سعر الأضحية إلى نحو الضعف، وهناك من كان يضحي بعجل أصبح يشارك آخرين فيه، أو يضحي بخروف أو كبش، ومن كان يضحي بكبش أصبح يضحي بماعز، ومن كان يضحي بماعز لم يعد يضحي".
وظهر أثر عزوف المصريين عن شراء الأضاحي أو صكوكها من خلال إعلان تلفزيوني لإحدى الجمعيات الخيرية، دعت فيه إلى شراء الصكوك بالتقسيط تيسيرا على الراغبين في شرائها.
وأجازت دار الإفتاء المصرية شراء صك الأضحية بالتقسيط لغير المقتدر، وقالت إن هذا الأمر جائز، سواء كانت الذبيحة واجبة كالمنذورة، أو مندوبة كالنافلة.
عمل الجمعيات الخيرية تضرر
وأكدت المسؤولة الإعلامية لجمعية رسالة، وهي إحدى كبرى الجمعيات الخيرية بمصر، أن أسعار الصكوك ارتفعت، وسط إقبال ضعيف.
وقالت لـ"
عربي21": "سعر صك الأضحية ارتفع إلى 1800 جنيه، مقارنة بـ1490 جنيها العام الماضي و850 في العام الذي سبقه؛ بسبب زيادة الأسعار".
وعزت ارتفاع الأسعار إلى أن "معظم الأضاحي يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة، وبعد انخفاض الجنيه أمام الدولار زاد سعر الأضحية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف وغيرها، وتضرر الطبقة المتوسطة التي يأتي منها أغلب التبرعات"، وفق قولها.
وأقرت أن الإقبال على شراء الصكوك تراجع، قائلة: "بطبيعة الحال، يتراجع الإقبال مع زيادة الأسعار في كل شيء، وهو رد فعل طبيعي". وأشارت إلى أن المتضرر من ذلك الفقراء، داعية إلى "ضرورة أن تساعد الناس في إغاثة الفقراء".
ولفتت إلى أن "زيادة الأعباء على الناس، ووجود التزامات أساسية وأولويات على قائمة المطالب، جعل البعض يغير من وجهته بشأن التبرع، أو شراء صكوك الأضاحي، كرد فعل طبيعي في الوقت الحرج الذي يمر به الاقتصاد"، وفق تقديرها.
مرابض خالية
وأمام أحد المرابض التي تنتشر في أحياء المدن المصرية لتكون بالقرب من سكن الناس، والذي يضم عشرات من رؤوس الغنم والماعز والعجول، بدا المكان خاليا إلا من القائمين على المربض يرقبون المارة الذين لا يعبأون بوجودهم.
وما أن وقفت إحدى السيارات بجوار المربض، حتى هرع إليها كل من في الخيمة الملاصقة للمربض، وأحاطو بصاحب السيارة، وأمطروه بالترحاب والابتسامات، ولكنه بعد تجاذب أطراف الحديث، ومعرفة الأسعار، ولى الرجل دون شراء أو الاتفاق على شيء.
وهنا قلّب عنتر أبو الحسن، تاجر مواشي، يديه قائلا: "هكذا هو الحال معظم الوقت، الناس تقف لتسأل ثم تنصرف بعد أن تسمع سعر الأضحية، فالعجل زنة 350 كيلوغراما ارتفع من نحو 12 ألف جنيه إلى 20 ألف جنيه، والخروف من 2500 إلى نحو 4 و5 آلاف جنيه زنة 60 كيلوغراما".
وأضاف لـ"
عربي21": "لا أحد يستطيع لومهم، فمن كان يأتي العام الماضي لم يعد قادرا هذا العام. مساكين الفقراء هذا العام، فلا أحد يكترث بشراء الأضحية، خاصة مع تزامن عيد الأضحى مع المدارس، ومصروفات الدراسة المرهقة"، مشيرا إلى أن "غلاء الأسعار ليس بيد التجار، ولكن بسبب ارتفاع أسعار الاستيراد والعلف والتربية والأدوية"، كما قال.