نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن حادثة مؤلمة جدت في محطة قطار شامبيري في إقليم سافوا التابع لمنطقة رون ألب شرق فرنسا، حيث سقطت امرأة في عقدها الثالث، على سكة القطار وفقدت كلتا ذراعيها على إثر مرور قطار فوقهما. ولكن، بفضل الإسعافات الناجعة والسريعة استطاع الجراحون بالمستشفى الجامعي بغرونوبل إعادة زرعهما من جديد.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه العملية هي الأولى من نوعها في المستشفى، لأنها تعتبر عملية زرع ناجحة لذراعين في الوقت نفسه لمصاب واحد. وقد بدأت القصة يوم 14 آب/ أغسطس، على الساعة الثالثة والنصف مساء، عندما وقعت امرأة من على رصيف محطة القطار لتسقط فوق السكة الحديدة، قبل أن يتحرك أحد القطارات فيقطع ذراعيها.
وفي هذا الصدد نقلت الصحيفة ما قاله الطبيب في خدمة الإسعاف والإنعاش المتنقلة، غيوم بوزيه، الذي كان موجودا بمكان الحادث، حيث أفاد: "بفضل جهود المسافرين وموظفي شركة النقل الحديدية، الذين عملوا على حبس الدم في الذراعين المبتورتين، من أجل وقف النزيف، تم إنقاذ الذراعين. فضلا عن ذلك، عند بلوغنا موقع الحادث في وقت قياسي، قمت بالتثبت من عمل الوظائف الحيوية لجسم المصابة، ثم أحكمت ربط الذراعين، قبل أن نمنح المرأة بعض المهدئات حتى نسكن آلامها".
وأشارت الصحيفة إلى أن نقل الذراعين إلى المستشفى قد تم في ظروف جيدة، على الرغم من أن الشرطة هي من تكفلت بهذه المهمة. وفي هذا الصدد، أفاد رئيس قسم جراحة اليد في المستشفى الجامعي بغرونوبل، الدكتور دينيس كورسيلا: "نقلت الذراعان في ظروف رائعة، إذ وضعتا في وعاء نظيف به بعض الثلج من أجل الحفاظ عليهما في درجة حرارة منخفضة جدا، لتساعد على إعادة زرعهما في أفضل الظروف".
وذكرت الصحيفة أن عامل الوقت كان مهما جدا في نجاح هذه العملية الفريدة من نوعها. والجدير بالذكر أن طول المدة الزمنية الفاصلة بين الحادثة وعملية زرع العضو المبتور يمكن أن يجعل نسبة نجاح العملية ضئيلة جدا أو مستحيلة، نظرا لأن التأخر في إسعاف المصاب يمكن أن يتسبب في موت خلايا المنطقة المتضررة وعدم وصول الأوكسجين إلى أنسجة الذراع. ولكن، في هذه الحادثة وصلت الفتاة إلى المستشفى وكانت ممدودة على طاولة العمليات في أقل من ساعتين من وقوع المأساة.
وقد أرجع الدكتور كورسيلا الفضل في هذا إلى التنسيق الرائع، الذي وقع بين طاقم الإسعافات وقسم جراحة اليد في المستشفى. كما أكد الدكتور على ضرورة وجود مثل هذا التنسيق، قائلا إنه "مهما كان مستوى الصدمة يجب أن يتوفر تواصل متين بين قسم المساعدة الطبية العاجلة ومركز نداء الاستغاثة من أجل تقليص المدة الفاصلة بين الحادثة وعمليات
إعادة زرع الأعضاء المبتورة".
وبينت الصحيفة أن مثل هذه العمليات نادر حول العالم، وفريد من نوعه في فرنسا. فقد أجريت عملية زرع العضوين المبتورين من قبل فريقين عملا بالتوازي في الوقت نفسه. وقد قال الدكتور مايكل بوير، الذي أجرى العملية للفتاة رفقة الطبيب بيلي شيدال بورني: "عمل كل فريق على ذراع بشكل منفصل، وبدأنا العملية في الوقت نفسه وانتهينا منها في الوقت نفسه تقريبا".
وحيال هذا الشأن، أفاد الدكتور كورسيلا بأنه على الرغم من هذه العملية الرائعة والمؤثرة جدا إلا أن تطبيقها يعتبر سهلا من الناحية التقنية. وفي هذا السياق، أورد الدكتور: "لقد تعلمنا خلال مسيرتنا التدريبية حسن التعامل مع مثل هذا النوع من الإصابات"، على عكس عمليات زرع الأعضاء من جسم مختلف، التي ترتفع فيها نسبة رفض الجسم للعضو الجديد.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مر 12 يوما منذ إجراء
العملية الجراحية للمصابة وهي الآن في حالة جيدة، ولم يبد عليها أي حالة تعفن جلد، كما أن عملية توطيد العظام في تقدم مستمر.
وذكرت الصحيفة أنه إلى حد الآن، لا يعلم
الأطباء مدى نجاعة هذه العملية. وفي هذ الصدد، شرح الطبيب فينسينت غيغال، جراح في فريق زراعة الأعضاء في مصحة البارك بليون، سبب هذه الشكوك مبينا أنه "بعد انتهاء العملية تبدأ الأعصاب المقطوعة بالنمو داخل الذراع بمعدل مليمتر واحد كل يوم، ولن تتبين نتيجة العملية قبل مرور سنة أو سنة ونصف". ولكن، في جميع الأحوال يبدو الطبيب كورسيلا أكثر تفاؤلا حيال نجاح العملية، مؤكدا أن عمل الذراعين لن يكون كما كان في السابق.