كشف
استطلاع في
روسيا؛ عن معارضة المواطنين الروس العاديين لمشاركة بلادهم في الحرب السورية التي طال أمدها.
ونقلت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية، في تقرير ترجمته "
عربي21"، عن دراسة لمركز "ليفادا تسنتر"، أن 49 في المئة من المواطنين الروس يرغبون في أن تنتهي العملية العسكرية الروسية في
سوريا بأسرع وقت ممكن. ويحيل ذلك إلى أن الروس يعارضون استمرار تدخل بلادهم في هذه الحرب.
ويشار إلى أنه غالبا ما يتلقى الروس معلوماتهم من القنوات الإخبارية الروسية، ومعظمها موالية للكرملين، وبالتالي فهي تحاول تسليط الضوء على مساعي الحكومة الروسية لتحقيق السلام في سوريا. ومن هذا المنطلق، تعمل الدولة على ضمان تأييد الشعب الروسي لمشاركتها في هذه الحرب.
وفي المقابل، يؤيد 30 في المئة من المواطنين الروس تدخل بلادهم في سوريا، في حين وجد 21 في المئة من الروس صعوبة في الإجابة، علما أن بعضهم قد تفاجأ بهذا السؤال، بحسب المركز.
وأضافت الصحيفة أن 32 في المئة من الروس، أكدوا بدرجات متفاوتة أن هذه العملية العسكرية الروسية قد تحول سوريا إلى "أفغانستان جديدة". وقد كلفت الحملة العسكرية المطولة التي تفتقر للوضوح، الروس الكثير من الخسائر البشرية. من جهة أخرى، اعتبر 40 في المئة أن هذا الاحتمال غير مرجح، بينما رفض 11 في المئة هذه الفكرة تماما، أما 7 في المئة المتبقين فقد أكدوا أنهم لا يهتمون بهذه المسألة على الإطلاق.
وتطرقت الصحيفة إلى مدى وعي الروس بالوضع في سوريا. وقد اتضح أن عددا قليلا منهم ملم بآخر التطورات هناك. في الواقع، يتابع 56 في المئة من الروس المستجدات في سوريا بشكل سطحي، في حين أن 26 في المئة منهم ليس لديهم أدنى فكرة عن الوضع. في المقابل، يحرص 18 في المئة من الشعب الروسي على متابعة الأمر في سوريا عن كثب.
وأفادت الصحيفة أن الأكثر إثارة للاهتمام في استطلاع الرأي الذي قام به مركز ليفادا تسنتر، أن 59 في المئة من المواطنين الروس الذين هم على إطلاع بما يحصل في سوريا يؤيدون الاستمرار في الحرب، في حين أن 36 في المئة منهم يرغبون في أن تنسحب روسيا بشكل نهائي من هناك. وفي المقابل، وبالنسبة للأشخاص الذين لا يكترثون لآخر التطورات في سوريا، فقد شدد 53 في المئة منهم على ضرورة إيقاف العملية العسكرية الروسية في سوريا، في حين أبدى 28 في المئة منهم موافقتهم على استمرار التدخل الروسي، أما بالنسبة لـ19 في المئة منهم، فلم يكن لهم رأي.
وحسب مركز ليفادا تسنتر، يتمثل المصدر الرئيسي لتلقي المعلومات بالنسبة للروس، وخاصة المتعلقة بالسياسة الخارجية، في التلفزيونات المحلية. ومن هذا المنطلق، يمكن أن نتبين مدى تأثير التلفزيون على عقول الأفراد. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت وسائل الإعلام الروسية تتطرق بشكل أقل إلى الحرب في سوريا. فضلا عن ذلك، تركز التقارير الإخبارية بالأساس على التقدم الذي أحرزته الحكومة والوحدات العسكرية الروسية في إطار مساعيها لتحقيق السلام، ناهيك عن تناول الانتصارات العسكرية الروسية في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من الروس الذين يرغبون في استمرار الحرب، يؤمنون بأن الهدف وراء تدخل بلادهم في هذا الصراع يتمثل في تحقيق مصالح سياسية خارجية روسية. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن المشاهد الروسي العادي، لم يلاحظ من خلال متابعة الأخبار عن سوريا أي أمر يستدعي القلق، مما يعني أنه لا بأس في استمرار الحرب.
ونقلت الصحيفة عن عالم الاجتماع في مركز ليفادا تسنتر، دينيس فولكوف، أن "للتلفزيون تأثيرا كبيرا على الرأي العام الروسي فيما يتعلق بالشأن الخارجي". وأضاف فولكوف أن "التلفزيون الروسي يدعم بشكل كبير التدخل العسكري الروسي في سوريا، حيث تعتمد الحكومة الروسية على دعاية قوية بهذا الصدد. ولكن لن تستمر هذه الدعاية إلى فترة طويلة. وذلك السبب الرئيسي وراء لمحاولة الدولة تقييد المعلومات المتعلقة بحجم الخسائر البشرية في هذه الحرب"، وفق فولكوف.
وبالمقارنة مع السنتين الماضيتين، انخفض اهتمام الروس بالقضية السورية. وفي هذا الصدد، أقر الخبير السياسي كونستانتين كالاشيف؛ بأن "مسألة تورط روسيا في حرب طويلة المدى ليست واضحة بالنسبة للروس، كما أن المواطنين يميلون في الغالب إلى تحقيق انتصارات سريعة. وبالتالي، من المتوقع أن تكون مواقفهم متباينة بشأن الصراع السوري والتدخل الروسي نظرا لمرور عدة سنوات منذ انطلاق الحرب".
ووفقا للخبير السياسي أندريه كوليادين، فإن سوريا لم تعد من القضايا المثيرة للاهتمام بالنسبة للروس. من جهة أخرى، لم تعد الدعاية الروسية كافية لإقناع المواطن الروسي بمدى أهمية الحرب في سوريا، في حين أحجم معظم الشعب الروسي عن مشاهد الأخبار في هذا الصدد. في هذا السياق، أورد كوليادين أنه "على الرغم من أن بعض المواطنين لا يزالون يصدقون كل ما يقال لهم عن سوريا، إلا أن التفكير النقدي ما فتئ يتنامى في صفوف الشعب الروسي".