تحدث نشطاء ومحللون سياسيون عن خطة الانقلاب العسكري في
مصر بتوجيه الجماهير ولفت انتباههم وإلهائهم عن الأزمات التي غرقت بها البلاد.
وأكدوا أن ذلك بدا واضحا في أسبوع وفاة المرشد الأسبق لجماعة
الإخوان المسلمين مهدي
عاكف، الذي لاقى ربه الجمعة، وقوبل بتعاطف كبير ورفض لإجرام النظام بحق المعتقلين.
وهي الطريقة التي برع جوزف جوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد الزعيم الألماني أدولف هتلر، والذي أكدها بقوله "اكذب حتى يصدقك الناس"، و"أعطني إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعي".
توجيه الجماهير
وتحدث الناشط السياسي، أحمد حماد، عن ما أسماه خطة الأمن لتوجيه الجماهير في أسبوع وفاة مرشد الإخوان الأسبق مهدي عاكف (الجمعة)، باستغلال بعض الأحداث والتركيز عليها إعلاميا.
وقال حماد عبر صفحته على "فيسبوك": "بأسبوع واحد طلعوا علينا بحفلة شواذ التجمع، وقضية تبادل الزوجات بشبرا، وموضوع ملحد يزني بأمه، وفيديو واحدة تحكي قصة اغتصابها"، مؤكدا أن جميعها مرتبة لإلهاء المصريين.
وحول قضية الشواذ أكد حماد أن ما تم تصويره بالحفلة هو صورتان فقط ولو كان التصوير تلقائيا وليس مقصودا أو مرتبا له لظهرت صور أخرى عن العري والرقص بالحفلة، مضيفا أن المطلوب الآن هما هاتان الصورتان فقط.
وأوضح حماد، أن طريقة توجيه الجماهير في الأجهزة الأمنية، تبدأ بإرسال قائمة بجميع المحاضر المسجلة بكل الأقسام إلى المخابرات، ويتم إرسال بعض هذه القضايا للقنوات والمواقع الصحفية وصفحات اللجان الإلكترونية، ومنها ما يتم تأجيله لوقت آخر حسب الأوضاع، مثل قضية اغتصاب الفتاة الذي حدث منذ شهر وتم نشر الفيديو الآن.
والخميس، أعلنت داخلية الانقلاب عن توقيفها لشبكة دعارة لتبادل الزوجات بمنطقة شبرا الخيمة بالقاهرة.
ومساء الجمعة، انتشرت صورتان عبر مواقع التواصل لمجموعة من الشواذ يرفعون علمهم، خلال حفل غنائي بحي التجمع الخامس، حضره ما يقرب من 30 ألف شاب.
والسبت، تحدث الإمام بالأوقاف الشيخ عبدالله رشدي، عبر صفحته على "تويتر"، عن شاب ملحد يقوم بمعاشرة أمه جنسيا، وهي التغريدة التي صنعت كثيرا من اللغط.
والاثنين، ظهرت فتاة عبر البث المباشر على موقع فيسبوك تحكي قصة اغتصاب أحد الأشخاص لها قبل شهر مضى، ما أثار حالة من الجدل عبر مواقع التواصل.
وتعاني مصر الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، منذ الانقلاب العسكري، منتصف 2013، ما أدى لتراجع دخل الفرد وزيادة أسعار السلع والخدمات لمستويات قياسية، وزيادة نسب الفقر في البلاد، حيث يقبع أكثر من 27 في المئة من المصريين تحت خط الفقر العالمي.
حقيقة مؤسفة
وأكد الكاتب الصحفي وعضو نادي الصحافة الأوروبي، جمال علام، على صحة ذلك الطرح بوجود خطة دائمة للنظام تعمل على توجيه الجماهير ولفت انتباههم وإلهائهم عن القضايا الأساسية التي يعانون منها أو عن إجرام النظام بحق المصريين.
وفي حديثه لـ
"عربي21"، أقر علام، بأن حفلة الشواذ، وقضية تبادل الزوجات، والملحد الذي يزني بأمه، وفيديو الشابة المغتصبة، وقبلهم الحفل الراقص بحرم مسجد البحيرة؛ جميعها قضايا استغلها إعلام النظام للفت أنظار الشعب عن أزماته.
وانتشرت الأربعاء الماضي، عبر المواقع المحلية المصرية، صور لحفل راقص أمام مسجد "أبو مندور" ضمن احتفالات محافظة البحيرة بعيدها القومي.
معركة تزييف الوعي
من جانبه أكد الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة ورئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، قطب العربي، أن "إشغال الناس بقضايا هامشية أو مثيرة أمر معتاد من الأنظمة الديكتاتورية للتغطية على فشلها وصرفهم عن انتقادها أو التركيز على كشف قصورها".
وفي حديثه لـ
"عربي21"، أضاف العربي أن "الحكومات العسكرية في مصر استخدمت هذا الأسلوب منذ انقلاب الثالث والعشرين من تموز/ يوليو 1952، وحتى الآن وهو ما تفعل مثله الحكومات العسكرية في دول أخرى".
وقال إن "الحقيقة هي أن السلطة غالبا ما تنجح في خطتها بصرف الأنظار لهذه الموضوعات بعيدا عن القضايا الجادة ولو لبعض الوقت؛ ولكن من المهم أيضا لفت الانتباه إلى أن هناك من يدرك هذه الخطط وينبه لها".
وقال العربي: "إننا في معركة لتزييف الوعي وحرف المجتمع عن قيمه وعن قضاياه الرئيسيّة فهذه هي البيئة التي تستطيع الأنظمة القمعية العمل فيها، وهي لا تستطيع الاستمرار في حال انتبه الشعب لحقوقه وقضاياه الحقيقية".
وحول كيفية عدم انزلاق الإعلام المناهض للانقلاب لما تفتعله الأذرع الإعلامية للنظام، من قضايا إلهاء، قال العربي: "مطلوب من الإعلام المقاوم ألا ينزلق لهذه التفاهات ويدرك أن مشاركته فيها تعني تحقيق هدف الأجهزة صاحبة هذه السياسات"، مطالبا هذا الاعلام بأن يركز في القضايا الحقيقية التي تسهم في تحرير الشعب من الطغيان وتسهم في تحسين معيشته وتبصيره بحقوقه، حسب قوله.